لم أعد كالسابق
كتب بواسطة الدكتور خالد أبو شادي
التاريخ:
فى : في رحاب الشريعة
1291 مشاهدة
لم أعد كما كنت سابقا؛ أصلي وأحفظ قرآن ونشيطة في دروسي وأعمل في مجال تخصصي وأشجع من حولي باستمرار وأحب رؤية صديقاتي والاطمئنان على أحوالهن ولكن لم يستمر الحال على ذلك ؛ بدأت الانسحاب من كل شيء ! لم أعد اصلي ! ولا أشعر بذنب تجاه ذلك ... ماذااا افعل ؟
ج / المؤمن يفتر لكن لا ينقطع عن عمله، واسمع هذا الكلام الجميل الممتلئ بشائر من ابن القيم:
"فتخلل الفترات للسالكين: أمر لازم لا بد منه، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه من فرض، ولم تدخله في محرم: رجا له أن يعود خيرا مما كان".
فيجب أن يضع العبد لنفسه في سيره إلى الله حدا أدنى لا ينزل عنه أبدا، ولا يقبل لنفسه أن تنحط عنه مهما حدث، وهو ترك المحرمات والقيام بالواجبات.
والفتور نوعان: فتور في ترك السنن والمستحبات، وهذا طبيعي، وهو ما جاء في الحديث: "فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى".
وهذا النوع من الفتور لا يجعلك تترك واجبا، أو ترتكب محرما.
وأما النوع الثاني من الفتور، فهو المؤدي إلى التفريض في الواجبات أو الوقوع في المحرمات، وهذا النوع من الفتور يؤدي إليه طول مواسم الفتور واستمراء الرقاد، ولذا قال ابن القيم:
"لابد من سِنة الغفلة ورقاد الهوى، ولكن كن خفيف النَّوم".
وللفتور أدوية كثيرة، وأعرض هنا لدواء واحد، وهو (المحبة قبل الخوف):
ويشرح هذه الدواء بعض الصالحين فيقول: "العمل على المخافة قد يغيِّره الرجاء، والعمل على المحبة لا يدخله الفتور".
وهي عبارة صحيحة؛ لأنك إذا عملتَ بدافع الخوف فقط، فقد يعتريك الفتور إن حصل لك بعض الرجاء، فيدبُّ إلى عملك الفتور؛ لأن الدافع لعملك كان الخوف، فلما دخل الرجاء خفَّ الخوف، وخفَّ من ورائه العمل، وأما إذا كان الدافع للعمل محبة الله، فأي شيء يخفِّفها؟ لا شيء.
إن أي عمل تعمله وأنت له محِب لن يداخله الفتور، فلو كنتَ آخر الليل مثلا مرهقا، وتريد أن تنام بشدة، ثم جاءك صاحبك بعمل تحبه، فإنك تقوم وتنشط له، وتطرد النوم عن أجفانك.
إذا كنت مريضا، فزارك إنسان تحبُّه، فإنك تقوم وتنسى مرضك لتجالس حبيبك وتؤانسه.
وهكذا كل عمل مع المحبة، فإنه يطرد الملل، ولا يلحق به فتور.
ولذا قال بعضهم:
"إذا سئم البطَّالون من بطالتهم، فلن يسأم محبوك من مناجاتك وذكرك".
فالمحبة هي الرأس، والخوف والرجاء الجناحان، وإذا قُطِع الرأس، فلا يطير طائر بل لا حياة له، فاحرص دائما على أن تزيد منسوب المحبة في قلبك، فإذا صار الدافع للعمل محبة الله، فلا تخْشَ الفتور، و(جُبِلَتِ القلوب على حب من أحسن إليها، فواعجبا ممن لم ير محسنا سوى الله عز وجل كيف لا يميل بكلِّيته إليه).
ولذا كان من جميل أقوال يحيى بن معاذ وهو يعقد المقارنة بين الخوف والمحبة:
"حسبك من الخوف ما يمنع من الذنوب، ولا حسب من الحب أبدا".
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن