اللاءات العشر للنجاة من كيد النساء وفتنتهن
كأس وغانية يفعلان في أمة محمد ما لا يفعله ألف مدفع!
إن الفعل "كاد" من الأفعال التي لها معان كثيرة في اللغة وهو يستخدم بمعنى (خدع، مكر، احتال، دبَّر... إلخ). ومن الملاحظ أن كل هذه الأفعال من أفعال العَدَاء، وإيقاع الشر، والانتقام.
عندما يُذكر الفعل "كاد" أو أحد مشتقاته يدل على أنه وقع من أحد الأطراف ما يستدعي هذا الكيد إما لإيقاع عقوبة أو للتغرير أو لدفع أذى أو لنيل مغنم أو لتحقيق مأرب، مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس من الضرورة أن يكون "المَكيد في حقه" يستحق الكيد، فدائماً أهل الباطل يكيدون لأهل الحق وهم لا يستحقون منهم ذلك.
أولاً/ ذكر الكيد في القرآن الكريم
ذكرت كلمة "كيد" في القرآن الكريم أكثر من 30 مرة انقسمت إلى أنواع عدة أبرزها:
1. كيد الله تعالى للكافرين ولأهل معصيته.
2. كيد الشيطان لعباد الله المؤمنين.
3. كيد الكافرين لأنبياء الله ولعباد الله المؤمنين.
4. كيد نبي الله إبراهيم - عليه السلام - لأصنام قومه وكيد قومه له.
5. كيد فرعون لنبي الله موسى عليه السلام.
6. كيد إخوة يوسف لنبي الله يوسف عليه السلام.
7. كيد امرأة العزيز لنبي الله يوسف عليه السلام.
من بين كل هذه الأنواع من الكيد سنقف عند "كيد النساء" لخطره ولشدة حاجتنا إلى التحذير منه.
إن القرآن الكريم أورد وصف عزيز مصر لكيد النساء بأنه "عظيم."
قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف:28].
قال الإمام القرطبي رحمه الله: "إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" وإنما قال (عظيم) لعظم فتنتهن واحتيالهن في التخلص من ورطتهن".
وقال السمرقندي رحمه الله: "وقال بعض الحكماء: سمَّى الله كيد الشيطان ضعيفاً وسمَّى كيد النساء عظيماً؛ لأن كيد الشيطان بالوسوسة والخيال، وكيد النساء بالمواجهة والعَيان".
ثانياً/ نماذج قرآنية للتحذير من كيد النساء وفتنتهن
من يتتبع سور القرآن الكريم يجد أن الكيد أول ما يكون يكون من قِبل المرأة والمثال على ذلك:
1. قال تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].
جاء في التحرير والتنوير: "قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة فلما أتيت على قوله: "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا... الآية" قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير، أي تقديم الجواب وتأخير الشرط، كأنه قال: ولقد همَّت به ولولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها.
وفيه أيضاً: "وقال جماعة: همَّ يوسف بأن يُجيبها لما دعته إليه ثم ارعوى وانكف على ذلك لما رأى برهان ربه".
(ارعوى: امتنع).
2. قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...} [النور: 30 – 31].
جاء الأمر بتحذير الرجال قبل تحذير النساء لوجود ما يُوجب التحذير منهن، ولعظم فتنتهن وكيدهن إذا زال حيائهن أو إذا تملكتهن الرغبة للمعصية.
قال الإمام الرازي: "فإن قيل: فلم قُدِّم غضُّ الأبصار على حفظ الفروج؟ قلنا: لأن النظر بريد الزنا، ورائد الفجور، والبلوى فيه أشد وأكثر، ولا يكاد يُقْدَرُ على الاحتراس منه".
3. قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:14].
قال الإمام القرطبي رحمه الله: "قوله تعالى: "مِنَ النِّسَاء" بدأ بهن لكثرة تشوُّف النفوس إليهن؛ لأنهن حبائل الشيطان وفتنة الرجال".
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: "يُخبر تعالى عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين، فبدأ بالنساء؛ لأن الفتنة بهن أشد".
ثالثاً/ بعض الأحاديث النبوية التي تحذر من فتنة النساء
1. عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: "ما تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضرَّ على الرجالِ منَ النساءِ" (رواه البخاري).
2. عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ ﷺ رأَى امرأةً، فدخلَ على زينَبَ، فقضى حاجتَه وخرجَ وقالَ: "إنَّ المرأةَ إذا أقبَلَت أقبَلَت في صورةِ شيطانٍ، فإذا رأى أحدُكم امرَأةً فأعجبَتهُ، فليأتِ أَهلَه، فإنَّ معَها مِثلَ الَّذي معَها" (رواه الترمذي).
3. عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن النبي ﷺ قال: "لَأَنْ يُطعَنَ في رأسِ أحَدِكُمْ بِمَخْيَطٍ من حَدِيدٍ خَيرٌ له من أنْ يَمسَّ امْرأةً لا تَحِلُّ لَهُ" (حديث صحيح رواه الطبراني في الكبير).
4. عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي ﷺ قال: "ما من صباحٍ إلَّا وملَكان يُناديان ويلٌ للرِّجالِ من النِّساءِ وويلٌ للنِّساءِ من الرِّجالِ" (الترغيب والترهيب).
رابعاً/ نموذج من كيد النساء وفتنتهن
ذكر الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" قال: "في أحداث سنة (279) وفيها توفي عبدة بن عبد الرحيم -قبحه الله- ذكر ابن الجوزي أن هذا الشقي كان من المجاهدين كثيراً في بلاد الروم، فلما كان في بعض الغزوات والمسلمون محاصرو بلدة من بلاد الروم إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن فهويها فراسلها، ما السبيل إلى الوصول إليك؟ فقالت: أن تتنصر وتصعد إليَّ، فأجابها إلى ذلك فما راع المسلمين إلا وهو عندها، فاغتم المسلمون بسبب ذلك غماً شديداً، وشق عليهم مشقة عظيمة فلما كان بعد مدة مروا عليه وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن فقالوا: يلا فلان! ما فعل قرآنك؟ ما فعل علمك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل جهادك؟ ما فعلت صلاتك؟ فقال: اعلموا أني أنسيت القرآن كله إلا قوله: {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ* ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر:2-3] وقد صار لي فيهم مال وولد''.
خامساً/ أحوال بعض الصحابة والتابعين في الخوف من فتنة النساء
1. عن أنس - رضي الله عنه - قال: "إذا مرَّت بك امرأةٌ فَغَمِّضْ عينيك حتى تجاوزَك"، وقال سعيد بن أبي الحسن: "قلت للحسن: إن نساء الأعاجم يكشفْنَ رؤوسهنَّ وصدورهنَّ، قال: اصرفْ بصرَك عنهن".
2. عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: "إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم وإني أخاف عليكم فتنة السراء وهي النساء؛ إذا تحلين بالذهب، ولبسن ريط الشام وعصب اليمن، فأتعبن الغني، وكلّفن الفقير ما لا يطاق".
(ريطة: كل ملاءة من نسج واحد وقطعة واحدة، ثوب يشبه الملحفة، عصب اليمن: ثياب مُخطط).
3. عن عطاء - رحمه الله - قال: ''لو ائتمنت على بيت مال لكنت أميناً ولا آمن نفسي على أمة شوهاء''.
4. عن حاتم - رحمه الله - قال: "الشهوة ثلاث شهوات: شهوة في الأكل، وشهوة في الكلام، وشهوة في النظر، فاحفظ الأكل بالثقة، واللسان بالصدق، والنظر بالعبرة".
5. عن أبي حكيم قال: خرج حسان بن أبي سنان يوم العيد فلما رجع قالت له امرأته: "كم من امرأة حسنة قد نظرت اليوم إليها؟ "فلما أكثرت عليه قال: "ويحك ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت حتى رجعت إليك".
وختاماً أقول:
إن عصرنا هذا قد توفرت فيه كل أسباب الفتنة وخاصة فتنة النساء وأصبحت سهلة ميسورة، والمعصوم من فتنتهن هو من عصمه الله تعالى.
إن انتشار وتسهيل فتنة النساء و"القصف الجنسي" وراءه من أعداء الأمة من يُشعله ويقدم له كل سبل الدعم المادي والمعنوي؛ لعلم هؤلاء بل ليقينهم بمدى خطورة انتشار هذه الآفة في المجتمعات الإسلامية وليقينهم أيضاً أنهم إذا نجحوا في استخدام سلاح المرأة في بلادنا نجحت باقي مخططاتهم وحققوا كل غاياتهم.
إن انتشار وتسهيل فتنة النساء و"القصف الجنسي" وراءه من أعداء الأمة من يُشعله ويقدم له كل سبل الدعم المادي والمعنوي؛ لعلم هؤلاء بل ليقينهم بمدى خطورة انتشار هذه الآفة في المجتمعات الإسلامية وليقينهم أيضاً أنهم إذا نجحوا في استخدام سلاح المرأة في بلادنا نجحت باقي مخططاتهم وحققوا كل غاياتهم
إن نصيحتي لمن أراد أن يحتاط لأمره وأن يأخذ بأسباب الأمن من كيد النساء وفتنتهن حين التعامل مع إحداهن أن يحفظ عني هذه اللاءات العشر وأن يضعها موضع الاعتبار دون التنازل عن إحداها، وهي:
1. لا تتعامل مع امرأة أجنبية عنك إلا بدافع شرعي وضروري.
2. لا تقبل بوجهك على من تحدثها.
3. لا ترفع البصر.
4. لا ترفع الألقاب.
5. لا ترفع التكليف.
6. لا تتكلم مع إحداهن ولا تتصل بإحداهن في وقت متأخر يُثير الريبة.
7. لا تتكلم بكلام فيه تورية ولا كناية فيُفهم على غير المقصد.
8. لا تمزح ولا تسترسل بكلام فوق الضرورة والحاجة.
9. لا تقف متوارياً عن أعين الناس.
10. لا تقف على مسافة يُقال إنها قريبة ممن تحدثها.
وإذا شعرت بأن هناك حلقة ستفقد أو ستختل عن مكانها من هذه "اللاءات" العشرة انصرف على الفور ولا تسترسل في الحديث.
الله أسأل أن يحفظنا من الخطيئة والزلل وأن يحفظ نساءنا ونساء المسلمين وشبابنا وشباب المسلمين.
المصدر : موقع بصائر
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة