عواطف رائعة لكنها خطرة
مع أحداث كورونا وقرارات الإغلاق كانت أكثر الأحداث والقرارات إثارة للعواطف قرارات تعليق صلوات الجمعة والجماعات في المساجد.
تضاربت أنواع التعبير عن هذه العواطف، وعادة العواطف إذا جاشت أن تخرج عن السيطرة وتهمل تقدير العواقب، وعادتها أيضا أن تستثير بعضها بعضا فتدخل في حالة من الإذكاء المتبادل حتى تتأجج نارها ويشتد أوارها. وقد قال الحكماء قديماً: حبك الشيء يعمي ويصم. وقالوا: من الحب ما قتل.
رأينا رسائل شتى تعبر عن مدى الألم الذي يعتصر القلوب، وتغريدات تلوم أولئك الذين أغلق الله المساجد بسببهم -ولا أدري منهم بالضبط- وصور جماعة تعد بالعشرات اجتمعت تصلي بجوار بيت الله تستعتبه أن لا يطول مقامها خارجه.
وتعليقات يبكي بعضها بعضا ويذكي بعضها بعضا. وتزيد الشعور بالتقصير السابق حتى طردنا الله. واللاحق حتى ما نطيق سماع الأذان ونحن في البيوت لا نجيب.
ثم أسئلة واستفتاءات هل يصح أن نؤدي الجمعة في بيوتنا، ومجالسنا واستراحاتنا.
عواطف جياشة، نابعة من قلوب رقيقة، لكنها لم تدع لصاحبها الفرصة أن يتفكر أهذا الذي اتخذ قرار إغلاق المساجد وتعليق الصلاة عدو في الدين، أم حريص على أرواح المسلمين.
لم تترك هذه العواطف لنظر صاحبها أن يرى الاستنفار العام والتجييش. رجال ونساء يعملون ليل نهار يخفون قلقهم ويرسمون ابتسامة لكي يبعثوا الطمأنينة في قلوب الناس. جيش من الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات في الصف الأول. ومن خلفهم صفوف في شتى التخصصات والمجالات.
سيل من القرارات والتوجيهات.
حكمة وتدرج في اتخاذ القرارات الصارمة عين ترقب اطمئنان الناس وتحذر أن يقلقوا وعين ترقب سلامتهم والحفاظ على حياتهم.
مطارات تغلق. أعداد بالمئات يوفر لها حجر صحي مهيأ بوسائل الراحة والسلامة، فحوص بالمئات للتأكد من إصابات المرضى أو خلوهم من الإصابة. كل فحص يكلف مبلغا معتبرا. كل هذا غطته سحب العواطف فلم تجد له أثرا في تصرفات أصحابها وقراراتهم
أين ستأخذنا هذه العواطف والمجتمع يخوض معركته في مكافحة هذا الوباء.
أجهزة الدولة مستنفرة تحسب درجة الخطر ساعة بساعة وتصعد قراراتها وتحذر الناس وتوجههم، وأقوام من الناس يبحثون عن لحظة غفلة ليرضوا عواطفهم ويمنحوا الڤايروس ثغرة ينفذ منها، وينسون أن المكوث في البيت أثناء هذه المعركة المحتدمة إنما هو رباط وعبادة وخلوة.
إن المساجد حين أغلقت لم تغلق لأن الصلوات والجمع تقام فيها فليس لأحد غرض في تعطيل المساجد. لقد أغلقت لأنها مكان يجتمع فيه أعداد كبيرة من الناس. فالاجتماع هو الإشكال الذي تقاومه هذه الجهود المستنفرة.
إن العاطفة مهما جاشت يجب أن لا تنسينا أن أسرع طريقة للعودة السليمة لمساجدنا وأسواقنا ومدارسنا وأعمالنا هي في تقليل التجمعات كل التجمعات عددا وزماناً
والمحافظة على النظافة وترك الملامسة غير المتحفظة كالمصافحة.
إن الصلوات نحبها جميعا. والمساجد نقدسها جميعاً. وفرق بين من يقف بين قرارين أحلاهما مر فيغلب الحكمة ويختار أقلهما خطراً على الناس وإن كان أمرّهما على قلبه، ومن يغلب عاطفته وإن حول نفسه لآلة توزع الوباء من مكان إلى مكان وتضاعف الخطر على المجتمع.
أسأل الله أن ينير بصائرنا وأن لا يطيل شدة علينا. وأن يردنا لمساجدنا ونحن في أمن وسلامة، أكثر حباً له. وأشد شوقاً إليه وأعمق فهماً عنه.
المصدر : إسلام أون لاين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة