رمضان اللبنانيين مع “كورونا”.. عادات تتغير ومساعدات تتكثف
كتب بواسطة يوسف حسين
التاريخ:
فى : تحقيقات
1028 مشاهدة
يستقبل اللبنانيون شهر رمضان هذا العام في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، التي زادت من حدة أزمته المالية والاقتصادية.
فالجائحة أدت إلى إعلان التعبئة العامة، وإغلاق المؤسسات والمحلات التجارية، وتعليق معظم الأعمال، ما فاقم من أزمة اقتصادية هي الأسوأ بتاريخ لبنان.
ورغم انشغال الناس بالحجر المنزلي والفيروس، الذي يهدد صحتهم وتوقف احتجاجات شعبية، بدأت في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تنديدا بالأوضاع الاقتصادية السيئة، استمر الوضع المالي بالانحدار.
ولامست قيمة الليرة اللبنانية عتبة 3 آلاف و300 ليرة مقابل الدولار الأمريكي الواحد في السوق غير الرسمية (السوداء)، مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ نحو 1500 ليرة، وفق مصرفيين.
وأدى تفاقم الأزمة المالية، التي تأثرت مباشرة بجائحة “كورونا” إضافة إلى انهيار العملة المحلية، إلى تسجيل ارتفاع متواصل بأسعار المواد الغذائية والأساسية بالأسواق، ما انعكس سلبا على قدرة اللبنانيين الشرائية، بما يصعب الوضع عليهم خلال شهر رمضان المبارك.
الأسعار لن تتراجع
قال رئيس جمعية حماية المستهلك بلبنان، زهير برو: “في ظل الأزمة الاقتصادية ووباء كورونا فإن معالجة هذا الموضوع تتم على أعلى المستويات، دعونا الحكومة إلى أن تجتمع لتعالج الأزمة”.
وأضاف أن “الحكومة تعالج الموضوع بنتائجه، وليس بأسبابه، وهذا لا يوصل إلى حل، ملاحقة التاجر يعني أن التاجر يلاحق المستورد الذي يبيعه بالدولار بسعر صرف بلغ 3300 ليرة”.
وتابع: “العلاج لا يتم بشكل جزئي، نحتاج لسياسة اقتصادية جديدة بعقل جديد، فكل ما يحصل الآن هو ردات فعل على وضع أخطر بعشرات الأضعاف من وعي السلطات السياسية، السلطة بمكان والناس والأسعار بمكان آخر”.
واعتبر برو أن “من المستحيل أن تتراجع الأسعار خلال شهر رمضان المبارك، بل وحتى أشهر مقبلة أيضا، من دون الإعلان عن خطة اقتصادية والعمل عليها”.
وأشار إلى أن “الأسعار ارتفعت بنسبة 58% في آخر تدقيق لنا منذ أسبوعين، رئيس الحكومة (حسان دياب) قال إن الأسعار ارتفعت بنسبة 70%، وبالتأكيد لسنا بعيدين عن هذا الرقم”.
تغيير للعادات
ويتساءل لبنانيون عن حالهم في رمضان هذا العام في ظل تعليق الموائد الرمضانية في المطاعم، وتوقف عروضات الفنادق المعتادة لهم سنويا، والغياب التام للحسومات بمحلات الحلويات، وعدم ضبط الارتفاع الجنوني للأسعار، إضافة إلى تبدل العادات العائلية، كالزيارات الرمضانية والتجمعات.
علياء دغيش (43 عاما)، وهي مربية منزل، قالت: “للأسف رمضان هذا العام يأتي في ظروف صعبة، فبعد الأوضاع السيئة التي كنا نمر بها أتتنا كورونا.. حبس منزلي وغلاء أسعار وتوقف الأعمال، في الأيام السابقة كنا نحاول التوفير، لكن مع حلول رمضان نحن بحاجة لشراء حاجاتنا الأساسية التي تغاضينا عنها سابقا”.
وتساءلت: “كيف يمكنني أنا وزوجي شراء حاجاتنا وحاجات أولادنا دون أن نشعرهم بالحرمان خلال الشهر الكريم، بينما الأعمال متوقفة والأسعار ترتفع يوما بعد يوم؟”.
وتابعت: “قد تكون أوضاعنا أفضل من آلاف العائلات الفقيرة، التي لا تجد رغيف خبز لأكله، فمن سينظر إلى هؤلاء الناس ومن سيساعدهم؟”.
واستطردت: “أعتقد أن كورونا لن يكون السبب الوحيد لمنع الناس من القيام بعاداتهم والإفطارات العائلية والتجمعات، فالأزمة المالية والاقتصادية وغلاء الأسعار الظالم كفيل بمنع الناس من الفرح بقدوم الشهر الكريم، بالنسبة لي تأمين حاجات أطفالي أهم من أي شيء آخر”.
من جهتها، قالت منال السيد (36 عاما)، مدرّسة، إن “شهر رمضان المبارك هذا العام سيكون مختلفًا، اعتدنا على المشاركة في الإفطارات والعروضات وسهرات العود التي تقيمها المطاعم، لكن هذا العام، وبسبب انتشار فيروس كورونا والأزمة المالية وارتفاع الأسعار، لن نتمكن من الحفاظ على عاداتنا الرمضانية هذه”.
وتابعت: “أصبحنا نفكر في الحفاظ على ما نملكه اليوم كي لا نحتاج في الغد.. حفاظا على سلامة عائلتي وصحة الجميع، لن نشارك في التجمعات، ولن ندعو أحدا للمشاركة في الإفطار بمنزلنا”.
أما فاطمة أحمد (40 عاما) فقالت: “نحن بالأساس عائلة فقيرة، إن لم يعمل زوجي فلا يمكننا أن نؤمن قوت يومنا، واليوم الجميع يعرف الأوضاع في البلد”.
وزادت بقولها: “من الصعب جدًا أن نجد عملا لنعيش بكرامة، ومع قدوم شهر رمضان المبارك نشعر بالارتباك، لا أعلم كيف سنؤمن الغذاء لأولادنا، أتمنى من الدولة أن تحل هذه المشكلة، ونطالب الجمعيات التي تهتم بهذه الأمور أن تساعدنا”.
مساعدات مالية وغذائية
رغم الأوضاع المالية والاقتصادية السيئة، تعتزم جمعيات وأفراد تقديم مساعدات مالية وغذائية للعائلات المحتاجة خلال شهر رمضان.
وتجهز جمعيات خيرية كثيرة في مختلف المناطق اللبنانية لوائح بأسماء العائلات الفقيرة في كل مدينة وبلدة، لتوزيع حصص غذائية ومبالغ مالية عليها، إضافة إلى تقديم رجال أعمال مساعدات عينية ومالية.
وقال رجل أعمال لبناني من البقاع، طلب عدم نشر اسمه، “خصصت مبلغا ماليا لتقسيمه إلى قسائم شرائية بقيمة 100 ألف ليرة، ليتم توزيعها في كل المناطق والبلدات البقاعية، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك”.
وأضاف: “خصصت المساعدات هذا العام لمنطقة البقاع الغربي، وتواصلت مع أئمة المساجد بالمنطقة، ووزعنا قسائم شرائية على المحتاجين.. منعا لإحراج المستفيد، فضلنا هذه الطريقة، وهكذا يشتري ما يريده براحته”.
وتابع: “وزعنا في منطقة البقاع الغربي 650 حصة حتى الآن، لا التزم بعدد، وسنوزع في مناطق أخرى من البقاع”.
وأردف: “اعتدت تقديم مساعدات لفقراء المسلمين خلال رمضان من كل عام، بتوزيع حصص غذائية في كل مناطق البقاع”.
فيما قال الشيخ علي الأطرش، مسؤول عن التواصل مع الجمعيات التي تقدم مساعدات في منطقة عرسال بالبقاع الشمالي، إن “المساعدات التي تصل عرسال تصل أحيانا عبر أخوة لنا في تركيا يقدمون المساعدات بسبب المعرفة ولوجود ثقة”.
وتابع: “هناك أخوة أتراك قدموا مساعدات في عرسال أكثر من مرة، وهناك أكثر من جمعية وأشخاص من أهل الخير قدموا من خلالنا”.
وأضاف: “نتعاون مع جمعية الاتحاد الإسلامي بشكل مكثف، وهي تعمل في كل لبنان”.
وأردف: “أحصيت العائلات التي لا تملك ثمن ربطة الخبز، لذلك سأعمل وبعض الإخوة كي نرسل إلى الأفراد والجمعيات لتقديم، ولو القليل، لهذه العائلات”.
وأوضح: “أحصيت حوالي 200 عائلة، وجزء منها عائلات سورية، وهي العائلات المفصولة من الأمم (المتحدة)، ولا تتلقى مساعدات”.
وقال مدير مؤسسة نماء للتكافل والتنمية (جمعية الاتحاد الإسلامي)، نور أرناؤوط، إن “تقديم المساعدات لدينا يكون عادة عبر برامج نعتمدها لمساعدة العائلات المتعففة وكفالة الأيتام وتقديم منح دراسية وغيرها”.
وأوضح أن “المساعدات مفتوحة للجميع، وليس فقط للبناني الفقير، بل تتعداه إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينين على كامل لبنان، إضافة إلى مخيمات للنازحين السوريين، ضمن الإمكانيات التي تصلنا”.
وتابع: “الآن في لبنان هناك أزمات أخرى غير كورونا، هناك أزمة اقتصادية وأزمة تحويلات (من الخارج)، وهذه الأمور أثرت على المساعدات”.
وقال نور إن “الجمعية تنضوي تحتها مؤسسات وتعتمد على الزكاة والتبرعات”.
وأضاف: “نعمل لشهر رمضان على أكثر من مستوى، هناك غلاء بالأسعار، ولدينا مشاكل أساسية، نعتبر إيجارات المنازل أكبر الأزمات، فالمستأجر في منزله ولا يعمل، وهذا يشمل النازحين.. هذا هو العنوان الأكبر لدينا، وفتحنا باباً من الزكاة تحت مسمى الإيواء، لمساعدة جميع الشرائح من الناس المحتاجة”.
وأردف: “هناك أيضا العامل الذي توقف عمله بسبب الأزمة.. نعمل على الوقوف بكل طاقتنا مع العمال الذين لم يتبق لديهم مصدر رزق”.
وقال: “نفضل مساعدة الفقراء بمبالغ مالية، كي يستثمروها أفضل استثمار.. وخصصنا أيضا بندا استشفائيا، فالفرد بحاجة للعون لشراء الدواء والاستشفاء.. هذا ما نعمل عليه لشهر رمضان، وقد أطلقنا نداءات كي يساعدنا الناس ونساعدهم بدورنا”.
المصدر : الأناضول
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة