ستة مليارديرات لبنانيين على قائمة فوربس.. والبلد ينهار
كتب بواسطة باسل درويش
التاريخ:
فى : تحقيقات
1004 مشاهدة
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعدته كلوي كورنيش أشارت فيه إلى حالة اللامساواة في ثاني أكبر مدينة في لبنان، طرابلس، فهي من أفقر مدن البلاد ويعيش فيها أثرى أثرياء لبنان.
ففي مدينة الشمال هناك يافطتان بالأصفر تحملان شعارا على خلفية مبهجة "لقد أفلسنا". ولا يعرف من دفع ثمن اليافطتين ولكن الرسالة واضحة وصحيحة حسب عمدة المدينة رياض يمق الذي قال إن البلدية تعاني من نقص الموارد المالية لدرجة لا تستطيع مواصلة مهامها للسكان. ويواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث.
وعجزت الحكومة عن سداد ديونها في آذار/ مارس فيما تعاني نسبة ثلث السكان من بطالة عن العمل وفقدت الليرة اللبنانية نسبة 80% من قيمتها منذ اندلاع التظاهرات المطالبة بالإصلاحات في تشرين الأول/ أكتوبر 2019. ولا يستطيع المواطنون سحب ودائعهم المصرفية بسبب انهيار البنوك.
وأمام هذه القائمة من الأوجاع فإن التباين في الثروة بلبنان صارخ، ففي قائمة "فوربس" لأثرياء العالم 2020 هناك ستة مليارديرات في بلد يبلغ تعداده 5 ملايين نسمة. ويقول فلاديمير هلاسني، الاقتصادي في المفوضية الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة: "لبنان لديه أعلى كثافة في الثروة ولديه أكبر كثافة أصحاب المليارات في العالم". وتملك عشرة بالمئة من الأثرياء نسبة 71% من ثروة البلاد، حسب المفوضية الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا والتي قدرت في الشهر الماضي تصاعدا نسبيا في مستويات الفقر من 29% عام 2019 إلى 55% في 2020.
ويأتي لبنان في المرتبة الثانية في مؤشر "جيني" لعدم المساواة بعد السعودية. ولا يوجد مكان يعبر عن الظلم الاجتماعي وعدم المساواة مثل مدينة طرابلس حيث تختفي البنايات الجميلة وسط الأحياء المتهدمة. فالمدينة المتداعية التي تعد ثاني مدينة من ناحية السكان ويعيش فيها أكثر من 600.000 نسمة، هي مدينة اثنين من أكبر أثرياء لبنان، وهما رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي وشقيقه طه ميقاتي حيث راكما ثروتيهما في الخارج بقطاع الاتصالات.
وهناك ابن آخر للمدينة وهو مصطفى أديب الذي كلف بتشكيل الحكومة بعد الانفجار الكارثي الذي ضرب العاصمة بيروت في 4 آب/ أغسطس وكشف عن سوء الإدارة والمعاناة في البلد. واعتذر في الأسبوع الماضي عن تشكيل الحكومة وسط خلافات السياسيين حول توزيع المناصب.
وتعاني طرابلس اليوم من بطء في التجارة لدرجة تأخر 89% من أعضاء غرفة التجارة في طرابلس عن تجديد اشتراكاتهم حسب توفيق دبوسي مدير الغرفة وبسبب إغلاق المتاجر أو تجميد أعمالها. وكانت طرابلس مدينة قوية وقعت على خط التجارة الذي يمتد إلى العراق وكتب تاريخها على بناياتها ومعمارها.
وتمتد على طول شوارعها الجواهر التاريخية المتلاشية، مثل المعرض الدولي الذي صممه المعماري البرازيلي أوسكار نيميير وبناية عثمانية متداعية وقلعة صليبية. وتشير البيانات إلى أن الوضع الاجتماعي- الاقتصادي كان سيئا قبل الأزمة الحالية.
وتشير دراسة أعدها برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة قبل خمسة أعوام إلى أن 57% من سكان طرابلس يصنفون ضمن فئة "المحرومين". ونظرا لموقع طرابلس الإستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط وقربها من المدن السورية الكبرى فقد تحولت إلى ساحة تنافس بدءا من الفصائل الفلسطينية إلى القومية العربية إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة في الآونة الأخيرة بشكل أثر على فرص الاستثمار فيها و"جعل رأس المال جبانا" كما يقول يمق. وأنشأ عدد من أثرياء المدينة الكبار بمن فيهم آل ميقاتي والساسة وكذا رجل الأعمال محمد الصفدي جمعيات خيرية لدعم مشاريع تعليمية وغير ذلك.
إلا أن مستشارا لنجيب ميقاتي طلب عدم الكشف عن اسمه قال إن الجمعيات الخيرية لا يمكنها تخفيف المعاناة الاقتصادية والاجتماعية عن طرابلس "مهما أنفق آل ميقاتي وآل الصفدي.. فهذا لا يكفي وهناك حاجة لخطة مناسبة تضعها الحكومة".
وكان الفقر وخيبة الأمل عاملين مهمين وراء المشاركة النشطة لأهل طرابلس في احتجاجات العام الماضي والتي قادت للإطاحة بحكومة سعد الحريري وقادت لإطلاق لقب "عروس الثورة" على المدينة. وفي إشارة إلى زيادة اليأس لاحظت منظمات حقوق الإنسان زيادة الهجرة من المدينة وتجمع عدد من اللبنانيين الباحثين عن فرصة أفضل في قوارب منهكة وقديمة وتهريب أنفسهم مع لاجئين سوريين على أمل الوصول إلى أوروبا.
وقالت مريم مراد، 25 عاما المتخرجة في مجال الأعصاب: "لم يستطع أصدقائي العثور على عمل وهاجروا"، وبعد ثمانية أشهر من البحث عن عمل وجدت وظيفة في نادي رجال الأعمال في طرابلس. وتعتبر نفسها وزملاءها من المحظوظين. ويقول سكان طرابلس إن تركيز رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري على إعادة بناء بيروت بعد نهاية الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما أدى لإهمال مدينتهم.
ويقول أنس شعار، المدير التنفيذي لمطاحن الحبوب الوطنية في طرابلس: "نشعر أن لبنان يتوقف عن نفق شكا" في إشارة إلى نقطة في جنوب المدينة يبلغ طولها 30 كيلومترا وهي غير متطورة لدرجة قامت شركته بفتح طرق لربطها مع شبكة الطرق الأخرى.
وفي سوق المدينة القديم هناك بائع الأثاث علي زريق العولمة حيث تحول عمل عائلته إلى شراء الأثاث الرخيص من ماليزيا قبل 20 عاما. إلا أن انهيار الليرة اللبنانية أدى إلى زيادة كلفة الاستيراد فارتفعت كلفة تأثيث البيوت وشراء المواد البيتية إلى 664% ما أدى إلى تراجع مبيعات زريق بنسبة إلى 95%. ولكنه حمل الساسة المسؤولية، مشيرا إلى صورهم المنتشرة في الشوارع "هذه الصور التي تشاهدينها كلها دجل" و"رأيت بنفسك ما حدث، لقد دمروا لبنان".
المصدر : عربي 21
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة