نحبك يا رسول الله
كتب بواسطة إيمان أحمد شراب
التاريخ:
فى : بوح الخاطر
2084 مشاهدة
نحبك يا رسول الله
- هل تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
- نعم نحبه، وهل هذا سؤال يسأل؟
- ادعاء الحب باللسان فقط ليس حبا، بل لهذا الحب دلائل ومؤشرات، إن أتقناها نرجو أن نكون في زمرة من يحبه:
فهل رسولنا أحبّ إلينا من ولدنا ووالدينا والناس أجمعين، وأغلى من كل غال ونفيس في هذه الدنيا؟ هل نأتمر بما أمرنا وننتهي عما نهانا ؟ ونتأسى به في سلوكه وآدابه وتصرفاته اليومية، في سلمه وحربه وعند فرحه وغضبه؟ هل نحب من يحبهم صلى الله عليه وسلم : آل بيته، وزوجاته أمهات المؤمنين، وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين؟ هل نحترمه ونوقره بما يليق به ونكثر من الصلاة والسلام عليه؟ هل نحفظ أحاديثه وسنته من التحريف والتشكيك، وهل نستشهد بأقواله وأفعاله، ونتحاكم إلى سنته وشريعته؟ هل نشتاق إليه ونتمنى رؤيته ولو كلفنا ذلك المال والولد؟ هل نداوم على قراءة سيرته ودراستها؟ ونحرص على تعليمها للناشئة ونجعلها في مناهجهم ومقرراتهم في كل سنوات الدراسة؟ هل قصصنا عليهم من حياة الرسول قصصا تربيهم على العدل والصبر والشجاعة والمروءة واللين والرفق والذكاء والحكمة واللغة والفصاحة، وكل خلق جميل يمكن تخيله؟ إن نحن فعلنا ذلك كله فنحن نتمنى أن يقبلنا ربنا في زمرة المحبين المخلصين لرسولنا حبيبنا.
يوما ما قررت أن أتخيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يراني.. ينظر إلي..إذن عليّ أن أفعل ما يحبه رسول الله!
وهذا ما حدث: كان ابني قد مرض، ولم تسألني قريبة لي عنه وكنت قبل ذلك قد بادرت بالسؤال عن والدتها عندما مرضت، بل وتواصلت معها أكثر من مرة أطمئن. حضرت الأمّارة أو الشيطان -لا أدري تحديدا- لتحريضي، لمَ لمْ تتصل وقد علمَت؟ ألم أقم بالواجب معها والسؤال عن والدتها؟
ثم وقبل أن أسترسل في الغضب والعتب تذكرت أن رسولي صلى الله عليه وسلم ينظر إليّ وقد علمني ابتغاء الأجر في كل عمل، وبالنسبة للصديقة لمَ لا ألتمس لها عذرا واحدا او اثنين من السبعين كما علمنا حبيبنا؟ بعد تفكير دام أقل من دقيقة وجدت أني اكتفيت بعذر واحد وسامحتها وأخرجت الموضوع من رأسي وسألت الله أن يؤجرني. شعرت بارتياح وهدوء نفسي يعلمه من التمس العذر وأحسن الظن وسامح.
وفي نفس اليوم تحدثت معي صديقة عن أخرى بالسوء، وكدت أجاريها مجاملة مني لها وتعاطفا، وبينما هي تقول وتقول تذكرت رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو يقول" أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره.."
لست أحب يا رسول الله أن أكون ممن يشارك في الغيبة أو ممن لا يردون غيبة إخوتهم.. فأوقفت المتحدثة بطريقة مهذبة وأخبرتها أن لأختنا هذه مواقف طيبة كثيرة في يوم كذا ويوم كذا ولا نريد أن نغتابها. شعرت بعد موقفي هذا بالقوة والانتصار والرضا.
بينما نحن في السيارة، أراد أحدهم أن نفسح له مجالا والطريق لنا في الحقيقة، فأخذ يسب ويشتم، وقبل أن نرد له إساءته تذكرت قوله صلى الله عليه وسلم" ما من شيءٌ أثقلُ في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء". ثم ما الفائدة إن نحن رددنا؟ سيمضي في طريقه ونحن كذلك ولن يتأدب وسيكرر ما فعل مع غيرنا، بينما إن تجاوزنا عن السيئة دخلنا في زمرة الحسنة أخلاقهم ولربما كان ذلك درسا يؤدبه!
اتصلت بي صديقة قديمة لم تتصل منذ فترة تسألني في مسألة، فأجبتها وشكرتني. فجاء الوسواس: غابت طويلا وعندما اتصلت فلمصلحتها، و...و... لكن، مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يراني وقد علّمَنا "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"، فطردت الوسواس وقلتُ لي: لم لا أنظر إلى الموضوع بشكل مختلف؟ احتاجتني واتصلت تسألني وهذا دليل على حسن ظنها وثقتها بي وعلى أنها ترى فيّ الخيروالخبرة.
اكتشفت أن ولدي المراهق كذب علي، فغضبت كثيرا ونويت محاسبته وعقابه، فتخيلت رسولنا الحبيب الرؤوف وهو يقنع ذلك الشاب ببشاعة الزنا وأسلوبه الراقي التربوي التعليمي الحواري الذي اتبعه في ذلك، وفكرت في أسلوب مناسب اقتبسته من رسول الله، ووالله كانت النتائج أكثر مما تخيلت جمالا ورقيا وانضباطا والتزاما، بل واستمرت علاقتي بابني بعد ذلك يغلب عليها التفاهم والثقة.
قلّبت في جوالي وتعجبت من مستوى الفساد والفجور الذي أصبح عليه أبناء وبنات أمتنا، وبهرني مستوى الترف الذي هم فيه، وقبل أن أتحسّر ذكرت قوله عليه الصلاة والسلام " من كانت نيته طلب الآخرة؛ جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته طلب الدنيا؛ جعل الله الفقر بين عينيه، وشتت عليه أمره، ولا يأتيه منها إلا ما كتب له". وأريد يا رسول الله أن أكون من أهل الآخرة فلا تؤاخذني ربّ حينما يضعف قلبي.
ولما أوشكت أن أجيب زوجي جوابا كان سيزعجه وقفت فإنه "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا؛ إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله! فإنما هو عندك دخيل، يوشك أن يفارقك إلينا"، وقلت متحدية : لن يكون دخيلا فهو زوجي في الدنيا وفي الجنة إن شاء الله..
وسألتُ عن العمة والخالة صلة للرحم...
هذا غير التفاصيل السهلة ذات الأجور العظيمة، كالابتسامة والكلمة الطيبة والتسبيح والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله.. وقبل كل ذلك حرصت على صلواتي المفروضة ، وكذلك السنن قدر استطاعتي.
كان يوما ساميا راقيا بامتياز، كل انفعالاتي كانت تحت السيطرة: الفرح والحزن والتوتر والقلق والغضب، وغُمرتُ فيه بالسعادة والسكينة والرضا. يا حبيبي يا رسول الله، كان يوما من أجمل أيام حياتي في صحبتك، فكيف لو كانت حياتي كلها في صحبتك، سأظل أبذل جهدي لعلي ألقاك في الجنة.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة