“لايك، شير، وسبسكرايب”.. كيف نحمي أطفالنا في عالم التكنولوجيا؟
كتب بواسطة سمية الشخانبة
التاريخ:
فى : زينة الحياة
1093 مشاهدة
هل سمعت من قبل طفلك يضحك ويكرِّر "لايك وشير وسبسكرايب"؟
سأفترض أنك غالباً سمعته من قبل، وغالباً يحفظ معظم العبارات الختامية للمقاطع المصورة المنتشرة على مواقع تيك توك، فيسبوك، يوتيوب وغيرها.
بطبيعة الحال أصبحت متابعة المواقع والتطبيقات المختلفة مفروضة وبديهية بحكم الظرف والزمان، ولم يعد المنع خياراً متاحاً كما كان في الماضي، وعليه يغدو التنقيح وغربلة الخيارات حَلُّنا الأمثل والأكثر منطقية!
حماية الأطفال في عالم يوتيوب
يقوم موقع يوتيوب حالياً بمحاولات جادة لحماية الأطفال فيما يخص المحتوى الموجه لهم، هذه الخطوات وإن أتت مُتأخرة وفي سياقٍ قد نستطيع وصفه بالإجباري بعد تعرض الشركة لعدة اتهامات بخرق قانون كوبا (قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت) والذي ترتبت عليه مطالبات مالية ضخمة، إلا أنها قد تستطيع ضبط إيقاع "بعض" التدفق الإلكتروني الموجه للأطفال والذي بقي لسنوات بدون رقيب أو حسيب!
قد تُسعدنا هذه المحاولات الخجولة للشركات الكبرى في هذا القطاع إلا أننا بقينا أساساً في مواجهةٍ صعبة جداً مع روح المحتوى المقدم للأطفال والذي يَصعُب الاتفاق على تصنيفهِ لوقوعهِ في مناطق النزاع والجدل حول ما هو مناسب أو غير مناسب للطفل!
أصل المشكلة
المشكلة في الحقيقة ليست في المحتوى السيئ الذي يَسهُل تعريفه ويَسهُل أيضاً الاتفاق عليه.. في الحقيقة أن السُّم يكمُن في العسلِ المُتمثل بالمحتوى الجيد المُمتع وحتى المُضحك! فمثلاً يوميات صُناع المحتوى من الأطفال وأهلهم تبدو لوهلة مُمتعة وجَيدة ومُناسبة لكنها في نهاية الأمر لا تُورث الطفل سِوى الحزن والغضب وعدم الرضا في غالب الأحيان!
يَعرضُ صُناع المحتوى يوميات مذهلة مَليئة بالهدايا والألعاب والنشاطات والمُفاجآت التي سَتُثير اهتمام طفلك بشدة ليسألك: لماذا لا نشتري كل هذه الألعاب؟ ولماذا لا نزور كل هذه الأماكن؟ ولماذا يخرُج أبي للعمل بينما والد ذلك الطفل في الفيديو يُمضي معه الليل بالنهار لعباً ولهواً! لماذا لا نشتري قوالب الحلوى ونُفسِدها باللعب؟ ولماذا لا نستطيع تصوير حياتنا اليومية مثلهم ونزور محلات التسوق وأماكن اللعب؟!
من منكم لم يتعرض لهذه الأسئلة بعد متابعة كهذه اليوميات المسرفة بالتفاصيل؟ إن لم تواجهوها بعد فبالتأكيد أنها تجتاح دواخلهم لكنهم لم يعبروا عنها بعد، أو لربما خرجت بالفعل على هيئة غضب أو حزن أو إنكار وعدم رضا وقناعة بالواقع المتوفر لدى الطفل وعائلته!
تمتلئ أيضاً هذه الفيديوهات من هذا النوع المُتَخصِّص بيوميات الأطفال بالمقالب الكثيرة التي أيضاً تبدو مضحكة في ظاهرها بينما تطبيقها في الواقع لا يعدو كونه أكاذيب في مُجملها قد تكون خطيرة وقد تتحول لأسلوب حياة مُضر على المستويين الشخصي والاجتماعي!
هل طبق أحد أطفالكم مقلباً ما بكم كان قد شاهده من قبل على اليوتيوب؟ ابنتي فعلت هذا لأكثر من مرة لأنتبه بعدها أن الأمر ليس مُجرد متابعة لحظية ومتعة آنية تنتهي بمجرد انتهاء الفيديو وأن الأمر قد يتطور ليصبح أُسلوب حياة مُكتسباً إن لم ننتبه له ونصححه في الوقت المناسب!
ماذا فعلت معها؟ في الحقيقة تطلب الأمر عدة مواقف لأُثبت لها أن ما نشاهده ليس واقعاً يومياً حقيقياً نستطيع تطبيقه باستمرار وأن ما يفعلونه بشكل يومي هو طريقة عيش يكسبون منها المال تماماً، كوالدها الذي يخرج صباحاً ويعود ليلاً من عمله ولكن بطريقةٍ أخرى!
متابعة هذا المُحتوى تحتاج لمُراقبة الأهل، ليس لمجرد منع ما نعتبرُه مُخالفاً ومُنافياً لقيمنا الدينية والإنسانية والاجتماعية، بل لمنع التأثر السلبي غير المباشر بالمُحتوى والذي يحتاج لتفسير وتوضيح وتوجيه بطريقة نحقق بها المتعة المرجوة بأقل الخسائر!
ولأن الانقطاع التام عن هذا التدفق التكنولوجي لم يعد ممكناً، فالذكاء اليوم يتمثل بأن نُتابع مع أطفالنا هذا المحتوى ونُلحقه بتعليقاتنا وتفسيراتنا ليتحول فعل المشاهدة البسيط إلى حلقة نقاش نكسب منها حواراً طيباً مع أبنائنا ونوضح به ما يحتاج للتوضيح في حال احتجنا أصلاً لمتابعته، بينما الأصل هو ملء فراغ الطفل بما هو ضروري لنموه النفسي والعاطفي والاجتماعي وحتى الجسدي.
فعل الجرس
ربما أيضاً من المُجدي مُحاولة تطبيق بعض ما نُحسه جيداً من الأنشطة المتاحة مع أطفالنا لنترك لهم فسحة التطبيق بأنفسهم والاستمتاع به، ونمتنع عن تطبيق أنشطة أُخرى ونجد التفسير المناسب لذلك، ولا ننسى أن أصغر موقف مُمكن أن نصنع منه قيمة تبقى مع أطفالنا للأبد طالما كانت وليدة الموقف واللحظة، فتلك اللحظات أشد التِصاقاً بعقول أطفالنا من تلك التي تتلقنها مسامعهم بلا أي تطبيق!
حان الوقت إذاً لأن تُفَعِّل جرس اليقظة، وأن تَضع لايك لطفلك وتتقبله وتحتويه، وأن تُشاركه حياتك وتنغمس في طفولته.
ولا تنسَ أن تعمل سبسكرايب لكل ما يُعينك على تربيةِ أطفالك على "أحسن تقويم"، فليس الأمر بالسهل.. ولكنه بالتأكيد ليس بالمستحيل.
المصدر : عربي بوست
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة