الإسراء والمعراج.. دلالات ومواعظ
كتب بواسطة د. محمد راتب النابلسي
التاريخ:
فى : في رحاب الشريعة
1431 مشاهدة
ماذا يعلمنا الإسراء والمعراج ؟ وقد أنزل فيه قرآن، يتلى إلى يوم القيامة....
إن في الإسراء والمعراج دلالات كبرى، ومنارات عُلى، ومواعظ بليغة، أكثر من أن تُحصى، وأكثر من أن تُستقصى !...
إنه يعلّمنا أن الدنيا دار التواء، لا دار استواء، ومنزل ترح ، لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء، وأن الله قد جعلها دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا، لعطاء الآخرة سبباً ، وحعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
إنه يُعلمنا أن للمحن والمصائب حكما جليلة، منها أنها تسوق أصحابها إلى باب الله تعالى، وتُلبسهم رداء العبودية، وتُلجئهم إلى طلب العون من الله .
إنه يُعلمنا أنه لا ينبغي أن تصدّنا المحن والعقبات عن متابعة السير في استقامة وثبات .
إنه يعلّمنا أنه ما دام الله هو الآمر، فلا شك أنه هو الضامن والحافظ والناصر.
إنه يعلّمنا أنه لولا الجهاد والصبر ما عُبد الله في الأرض ، ولا انتشر الإسلام في الخافقين، ولما قمنا في المساجد نوحد الله ونسبحه وندعو إليه.
إنه يعلّمنا أن اليسر مع العسر، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب..
الصلاة معراج المؤمن
إنّ من أجل دروس الإسراء والمعراج، أنّ الله تعالى كرّم النبي محمداً صلى الله عليه وسلم بالعروج إليه، لينال به أعلى درجات القربات، وكرّم أمته بأن فرض عليهم الصلوات، لتكون معراجاً لها إلى رب الأرض والسماوات.
لقد فُرضت الصلاة التي هي من أجَلَّ القرب في أعلى مستويات القرب.
لقد فُرضت الصلاة وحياً مباشراً، والنبي صلى الله عليه وسلم في سدرة المنتهى، وجنة المأوى، حيث دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى.
لقد فُرضت الصلاة لأنها عماد الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين، لأن جوهر الدين صلة بالخالق، وإحسان إلى المخلوق، فالناس رجلان: شقي وسعيد، شقي لأنه مقطوع عن الله، متفلّت من منهجه، مسيء على خلقه، وسعيد لأنه موصول بالله، منضبط بشرعه ، محسن إلى خلقه.
لقد فُرضت الصلاة لأنها ترقى بالإنسان من عالم الأوهام إلى عالم الحقائق، ومن عالم المادة إلى عالم القِيم، من التمرّغ في وحول الشهوات إلى التقلب في جنات القربات، من سفاسف الأمور إلى معاليها، من مدافعة التدني إلى متابعة الترقي، إنها ترقى به من حال إلى حال ، ومن منزلة إلى منزلة، ومن مقام إلى مقام.
قد أفلح المؤمنون
الصلاة عماد الدين، وعصام اليقين ، وسيدة القربات، وغرة الطاعات، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات، وهي الركن الوحيد المتكرر ، من أركان الإسلام ، والذي لا يسقط بحال، وإنها أس العبادات ، وأصل القربات ، ومبدأ الطاعات، وهي ركن الأركان ، وأساس البنيان ، وهي أول ما يحاسب عنه المرء يوم القيامة، ولايفلح المؤمن إلا بها....قال تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
( سورة المؤمنون : 1-2)
واعلم أنّ الخشوع، ليس من فضائلها، لكنه من فرائضها... إنها الصلاة... وهي بركة من بركات الإسراء والمعراج.
مستفاد من كتاب ( الإسراء والمعراج)
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!