الهجرة إلى الغرب: جنّة حقوق أم جحيم اختطاف؟!
(جميع المعلومات الواردة في هذا المقال موثّقة بمصادر يمكنكم الاطلاع عليها في نهاية المقال)
في خضم ما يشهده العالم الإسلامي والعربي من صراعات إقليمية، وما ينتج عنها من مصاعب اقتصادية وكوارث اجتماعية متعددة أثقلتْ كاهل الأُسر؛ تصاعدت حركة الهجرة إلى البلدان الغربية، وارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، أمَلاً في الخروج من جحيم الفقر والحرب إلى حياة الأمان والاستقرار والرفاه..
لكن هل وصل المهاجرون إلى "جنَّة حقوق الإنسان" بلا ثمن؟ وهل كان فتح الأبواب لهم على مصراعيها كرماً، أم دافعاً إنسانيا بحتاً، في بلاد لا تعترف إلا بأحكام وقوانين وضعية تتحقق فيها مصالح مادية؟
لقد غاب عن بال ِالكثير من المهاجرين إلى الغرب أن حكوماتهم التي قطعت شوطاً بعيداً في تكريس النزعة الفردانية، وصلت إلى مرحلة اعتبار الطفل تابعاً لها، أي مشروعاً للاستثمار بصفته مواطناً مستقبليّاً، فعندما تدفع الحكومة لكل عائلة معونةً مادية عن كل طفل، فهي لا تتبرع بهذا المبلغ كي تشجّع على الإنجاب ثم تترك للوالدين حريةَ تربية أطفالهم كما يشاؤون، بل تعدُّ نفسها الراعية، بل المالكة للأطفال، وأن لها
( الأولوية ) في اختيار الطريقة التي يجب أن ينشؤوا عليها، وأن دورَ الوالدين هو الوصاية فقط، وليس لهم القرار ولا الاختيار !
ومصداق ذلك كله الظاهرة الخطيرة التي بدأت تزداد وضوحاً؛ إنها ظاهرة اختطاف الأطفال المسلمين في الغرب! نعم، اختطاف مقنّع تحت سلطة القانون الذي يمنح صلاحيات مطلقة غير منضبطة لما يسمى بـ"مصلحة الشؤون الاجتماعية" أو ما يعرف ب (السوسيال)، نتحدث اليوم تحديداً عن دولة السويد بشكل خاص وغيرها من الدول الإسكندنافية التي تضم بالإضافة إلى السويد آيسنلندا، النروج، الدنمارك، وفنلندا.
تقوم السوسيال المسؤولة عن التنشئة الاجتماعية للأفراد في السويد، والتي تم إنشاؤها عام ٢٠٠٢_ تحت غطاء القانون_ بأبشع ممارسات الخطف من خلال إبعاد الأطفال قسريّاً عن رعاية ذويهم على أسس تعسفية، فيتمُّ سحب الأطفال دون سابق إنذار، ودون عِلم الأبوين من المدارس أو الحضانات أو المستشفيات، بما في ذلك الرضّع حديثي الولادة، ويتم اقتياد الأطفال من البيوت بطرق وحشية وسط صراخ الأهل وبكاء الأطفال ورفضهم الذهاب!
كل هذا يتم تحتَ ذريعة واهية وعناوين فضفاضة، يقرر السوسيال من خلالها عدم أهليّة الأبوين لتربية الأبناء!
من هذه الأسباب التي تؤدي لسحب الأطفال ما نشرته "جريدة الكومبس السويدية":
هو تعليم الأبناءِ ثقافة (الشرف)، والتي تتضمن مثلاً:
_ عدم سماح الأهل للابن أو البنت أن يكون لهما أصدقاء من الجنس الآخر.
_ أن يكون لدى الأهل شرطٌ معلن أو غير معلن بأن تكون الفتاة عذراء قبل الزواج.
_امتناع الأهل عن السماح لأبنائهم حضور حصص الثقافة الجنسية.
_ تعليمهم بأن الشذوذ والزنا محرَّمان. وغيرها الكثير..
كل هؤلاء يُجَرَّمونَ قانونياً، وتكون النتيجة سحب الأبناء، ومن ثم تغيير أسمائهم وثقافتهم ودينهم عبر وضعهم في مراكز الرعاية التابعة للسوسيال أو عبر تسليمهم وتوزيعهم على عوائل سويدية ذات خلفيات مسيحية أو إلحادية لادينية أو حتى عوائل شاذة، حيث تتلقى هذه العوائل المنتقاة والبلديات مقابل ذلك أموالاً باهظة، لترقى هذه الجريمة إلى مستوى الاتّجار بالبشر، هذا ويُمنع الأبناء من رؤية آبائهم، ويحرمون من التواصل معهم لفترات طويلة متباعدة، وفي أضيق الحدود.
أثارت هذه القضية المؤلمة_ المتزايدة بشكل كبير _ الرأيَ العام مؤخراً، فتناولتها المنابر الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، فخرجت شهادات ومقاطع تم تصويرها، وقصص مأساوية مروّعة تفضح ممارسات السوسيال، يرويها ذوو الأطفال المفجوعين بأبنائهم المختطفين من مختلف الجنسيات العربية وغير العربية.
هذا وقد أظهرتْ الدراسات نتائجَ كارثية لممارسة السوسيال وسائل لا أخلاقية في التعامل مع الأطفال، مثل: الضرب والاضطهاد والأذى النفسي والجسدي والإجبار على تناول لحوم الخنزير، وتعلّم الإدمان على المسكرات والمخدرات، والاستغلال الجنسي.كما جاء في تحقيق استقصائي نشره التلفزيون السويديSVT في 2011م.
وقد أظهرت دراسة سويدية أخرى أن الأطفال المختطفين من ذويهم، الذين تشرف على رعايتهم السوسيال في مراكز الرعاية البديلة أو عند العوائل السويدية ترتفع لديهم معدلات الوفاة المبكرة، ومعدلات المشاركة في الجريمة الخطرة، والمشاكل السلوكية ومشاكل الصحة العقلية، مع التحصيل العلمي المنخفض، وأشارت الدراسة إلى أن ٧٠% منهم دخلوا السجون أو فارقوا الحياة، فهل هناك إجرام أشد من هذا الإجرام!
ورغم لجوء الأُسر إلى شتى الطرق القانونية وسَبْر جميع السُّبل لاسترجاع أطفالهم عبر رفع دعاوى قضائية لم تُجدِ جهودهم نفعاً، ولم يستطع القضاءُ إنصافهم أو الإتيان لهم بأي حق، بل وخضع القضاء لقرارات السوسيال وممارساتها دون أي إدانة.
في هذا الإطار ومع تفاقم أعداد الأطفال المبعَدين قسراً، والبالغ عددهم أكثر من 30 ألف طفل في عام 2014م فقط، فقد قام أهالي الأطفال بتحركات واعتصامات سلمية في السويد؛ للنظر في قضيتهم والمطالبة بحقهم في استرجاع أبنائهم، وإنصافهم، وإيقاف هذا التدمير الممنهج للأُسر والأطفال على حد سواء، وسط تعنّت كبير من الحكومة السويدية، واتهامات رسمية للأهالي بالدعوة لأعمال إرهابية!
و قد نشط وَسم: #أوقفوا_خطف_أطفالنا، ووسم: #دفاعا_عن_أطفال_العالم #InDefenseOfChildren .
مع إصدار نخبة من الناشطين والعلماء والمفكرين _ المناصرين لقضية الأطفال المبعدين قسراً عن ذويهم_ عريضة تتضمن بنوداً واضحة المطالب تمهيداً لتقديمها وعرضها على البرلمان.
وأخيرا... نداء من القلب وصرخة تحذير نطلقها من هذا المنبر المبارك علّها تلقى آذانا صاغية..
قبل أن تفكروا بالهجرة إلى جنة (الدجال) تذكروا قول الله ﷻ: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{.
وتذكروا قول رسول الله ﷺ في الصحيحين : ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ..)).
وقوله ﷺ في سُنن (أبي داود والتّرمذي والنّسائي): (( أنا بريءٌ من كلِّ مسلِمٍ يقيمُ بينَ أظْهُرِ المشرِكينَ. قالوا يا رسولَ اللَّهِ: ولَمَ ؟ قالَ: لاَ تراءى ناراهما)).أي: لا يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا نارًا كان منهم بحيث يراها، والعكس.
فمن أقام بين أظهر المشركين من غير إظهار للدين، إلا من استثنى الله من المستضعفين، فقد فعل أمراً محرماً بنصِّ القرآن، وإجماع العلماء؛ قال الحافظ ابن كثير، رحمه الله: هذه الآية: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)} هي عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص الآية.
على كل مسلم لديه ذرة دين وضمير أن يمتنع عن الذهاب بأطفاله إلى الجحيم بيديه..
ماذا يبقي لكم إن خسرتم أبناءكم؟
ما قيمة الحياة ومعناها إن خسرتم مستقبلهم الدنيوي فضلاً عن خسارة مستقبلهم الأخروي؟
والله ستسألون.. وماينفعكم إن استقرت لكم الحياة الدنيا وضيعتم آخرتكم!
أفيقوا، يرحمكم الله!
................................
المصادر:
1. https://youtu.be/nuguVuKHasc
2. https://youtu.be/C_N3VH2ayOY
3. https://youtube.com/playlist?list=PLSvfkd8pNtiaL3aiDbcM_zfOnnR5WyqEs
4. https://youtu.be/RB4Ki7e7U4c
5. https://youtu.be/qzL0lfsi3Fc
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!