اُنصروا أقصاكم
اليوم يتعرّضُ المسجدُ الأقصى موطِنُ أبيكم إبراهيمَ، ومتعبَّد الأنبياء السابقين، ومَسْرى خاتم النبيين، المسجدُ الذي نَوَّهَ اللهُ به في الآيات المفصلة، وتُلِيَتْ فيه الكتبُ المنزَّلةُ، أُولَى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالثُ الحرمين الشريفين، والذي لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه كما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ببركات الدين والدنيا، والذي أضحى بالإسراء إليه والمعراج منه رمزاً للشخصية المعنوية للمسلمين.
وهذا المسجد يتعرض اليوم لاقتحامات المحتلين وطرد المعتكفين، بموازاة الاعتداءات المتكررة على بنائه والتي لم تتوقف، حيث تجري أعمال الحفريات في حرمه وما حوله، بزعم التنقيب عن هيكل سيدنا سليمان، وهي حجة واهية تخفي وراءها نيّات عدوانية، تستهدف تخريبه وإزالته من الوجود، وطمس هذا المَعْلم الإسلامي البارز من المعالم والمقدسات الإسلامية، وتدنيساً فاضحاً لحرمة هذا المكان الطاهر.
إنها مؤامرة تحاك ضد هذا المسجد، حيث يحلم الصهاينة ببناء معبد يهودي على أنقاضه، لذلك هم ينشطون لإبراز مسجد الصخرة على أنه المسجد الأقصى تمهيداً لإزالته، وبناء المعبد المزعوم مكانه، إن مسجد الصخرة الذي يبرزه الإعلام الصهيوني على أنه المسجد الأقصى بصورته المعهودة عند عامة الناس ليس هو المسجد الأقصى الذي ورد ذكره في القرآن الكريم بل هو مسجد الصخرة الذي تمّ منها عُروجُ النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى سدرة المنتهى، قال عز وجل: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}
[ سورة النجم الآية: 8-10]
الخزي والعار في الدنيا والعذاب في الآخرة لمن يمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه:
وفي وصف القرآنِ الكريمِ المسجدَ الأقصى بالبركةِ إيماءٌ قويٌّ للعرب حَمَلَةِ رسالةِ الإسلام، وإلى المسلمين في مشارقِ الأرض ومغاربِها، أنّه مفروض عليهم، وقد بارك اللهُ حولَه أنْ يحفظوا له هذه البركة، ومتى اعتُدِيَ عليها فعليهم أنْ يصطلحوا مع ربهم أولاً، ويُعِدُّوا لعدوِّهم ما يستطيعون من قوةً ثانياً، كي يحرِّروه، ويحرِّروا ما حوله مِن أيدي الغزاة ، ويُحْيُوا بتحريره سيرةَ فاتحيه الأبطال عمرَ بنِ الخطاب وصلاحِ الدين الأيوبي، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، قال تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
[ سورة البقرة الآية: 114]
فإن الخزي والعار في الدنيا، والعذاب العظيم في الآخرة، جزاء لمن يمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ويسعى في خرابها، أما الذي يعمر مساجد الله يعمرها بالبنيان، وينورها بالإيمان فعمله علامة مميزة على صحة الإسلام، وصدق الإيمان، قال تعالى:
{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ}
[ سورة التوبة الآية: 18]
المصدر : موقع الدكتور محمد راتب النابلسي
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن