'إشراقات' تنوّه بكتاب: 'دراسات في التطبيع مع الكيان الصهيوني: الدراسات الفائزة في المسابقة البحثية الدولية 'لا للتطبيع'
'إشراقات' تنوّه بكتاب: 'دراسات في التطبيع مع الكيان الصهيوني: الدراسات الفائزة في المسابقة البحثية الدولية 'لا للتطبيع'' - تحرير الأستاذ الدكتور محسن محمد صالح
إنَّ لاقترافِ الذنب في المرة الأولى هزّةً أليمةً في النفس، لا تكون في المرة الثانية ولا الثالثة وما بعدهما؛ وذلك لأن النفس إذا اعتادت الشيء ألِفته، وإن ألفته تعاملتْ معه على أنه أمرٌ واقع من غير غرابة واستهجان، وإن محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني الدنيء من قِبل بضعة حكّام عرب، لتسويقه كدولة صديقة، يمكن الثقة بها وفتح الحدود معها؛ موبقةٌ تاريخية وجريمة إنسانيّة ما كان أجدادهم يجرؤون على مجرد التفكير بها.
ولعلّ هذا أشنع أنواع الجرائم، إذ يتعامل الحاكم باسمه وباسم شعبه، مما يغري الوصوليين والمنافقين للسلطة مِن إعلاميين وسياسيين ورجال دين وعلمانيين للعمل على قدمٍ وساق على الصُّعد كافة لتقبّل الشعب اليهودي، وفتح العلاقات الاجتماعية معه.
أمام هذا المشهد المؤلم انتضى كتّابٌ أحرارٌ أقلامَهم يجاهدون في سبيل الحق شرور التطبيع والمطبّعين، ويوصِفون التطبيع توصيفاً شرعيّاً واجتماعيّاً وانسانيّاً، ويكتبون باسمهم وباسمِ كلِّ كاتبٍ كسرَ الخوفُ أصابعَه.
تطبيعٌ يرادُ منه ترويض الشعوب وقبولها بالهزيمة النفسية، هذه الشعوب التي فارتْ غيضاً يوم دعا بلفور اليهود ليجمعوا شتاتَهم ويجيئوا فلسطين محتلِّين، ثم هدأتْ فورتُها، بعد ذلك بدأ الكيانُ يتمدد ليأكلَ ثلاثة أرباع الدولة التي احتلها، ويعقُبُ كلَّ تمددٍ مكلفٍ للأرواح والأرزاق غليانٌ عربيّ وإسلاميّ، ثم يهدأ، إلى أن استحالت تلك الجريمة الصهيونية التاريخية ذنباً هيّناً، يمكن التعامل معه، ليغدو هذا الكيان الهجين _الذي لا يُعرف له أبٌ ولا أُم_ ممَثَلاً بسفارات وعلاقات مع دولٍ كانت للأمس تدّعي مقاومتَه والسعيَ لزواله.
إن الغاية من التطبيع الذي حصل على أعقاب صفقة القرن بين الكيان الصهيوني وبضعة حكّام عرب أن يُنسى العداءُ القديم بين القاتل والمقتول، وأن يقبلَ المقتول بفرض الواقع، وأكثر من ذلك أن يضيع دم المقتول من غير قصاص ولا مقابل، بل من غير اعتذار، وهذا غاية الإذلال، الذي ارتضاه بعض القادة العرب، متوهمين أن هذا الصنيع المهين يثبت كراسي قيادتهم ويفتح لهم قلوب الغرب.
وفي سابقة توعويّة ثقافية قام كلٌّ مِن ( مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، والهيئة العامة للشباب والثقافة، وأكاديمية المسيري للدراسات والتدريب، ومركز المبادرة الإستراتيجية_ ماليزيا) بالإعلان عن مسابقة بحثيّة دولية بعنوان (لا للتطبيع) شارك فيها 160 باحثاً من مختلف الدول، وانتُخب من بين الأبحاث المهمة سبعَ عشرةَ دراسة، قررت اللجنة المحكّمة فوزها، وتولى مركز الزيتونة بانتقاء ثلاثةَ عشرَ بحثاً، ثم جمعها في كتاب حرَّر مادته العلمية وضبطه الأستاذ الدكتور محسن محمد صالح وفريقُه؛ ليخرج إلى النور بحِلية قشيبة بعنوان: (دراسات في التطبيع مع الكيان الصهيوني: الدراسات الفائزة بالمسابقة البحثية الدولية 'لا للتطبيع') يثري المكتبة العربية، ويفسح المجال للكتابة والبحث في موضوع التطبيع ومخاطره.
ولقد جاءت فصول الكتاب موَّزعة على عدد الدراسات المختارة، وإننا نوجزٌها بخلاصات على النحو الآتي:
• الفصل الأول: التطبيع في الشريعة وأخطاره على القضية الفلسطينية والدول والشعوب العربية والإسلامية، للدكتور محمد عبد الرحمن عاشور.
بسطَ في هذه الدراسة القول بحُرمة التطبيع مع العدو الصهيوني بأدلة القرآن والسنّة والعقل، مع ذكر فتاوى العلماء في هذه المسألة، والفرق بينه وبين المهادنة، والأضرار الواقعة على العرب والمسلمين من جرّاء التطبيع، ومبشّراً بأن هذا التطبيع سيعجّل في زوال الكيان الصهيوني.
• الفصل الثاني: التطبيع في المخيال الديني اليهودي: هل هناك مستقبل لعلاقة سويّة بين 'الأغيار' و' شعب الله المختار'؟، للدكتور لبيد عماد بن محمد.
استقرأ في دراسته الموروث الديني التوراتي والتلمودي اليهودي القديم والسياسة 'الإسرائيلية' الحالية تُجاه العرب، ليخلص إلى القول: إن التطبيع المرفوض لدى الشعوب العربية مرفوض أيضاً لدى الشعب اليهودي بسبب ' قداسة شعب الله المختار'، وأنّ القبول بالتطبيع سياسة حكومية لتحقيق الأهداف التوسعية للكيان.
وقد وقف الباحث على الفروقات المتوهمة في المخيال اليهودي بين الأنا (الشعب اليهودي) والغوييم (غيره من الشعوب 'الكفار الأنجاس')، وإنَّ التطبيع وسيلة مؤقتة لإبادة العرب لاستقرار 'دولة إسرائيل'، وإن التطبيع اعتراف كامل بـ 'إسرائيل' وتبنّي رؤيتها، وتحجيم الصراع من الصراع الإسلامي الصهيوني إلى العربي الصهيوني إلى الفلسطيني الصهيوني، وإن التطبيع العمودي سيفشل طالما لا تطبيع أفقي.
• الفصل الثالث: التطبيع مع الاحتلال الصهيوني ودوره في إذكاء عقيدة الاستعمار الاستيطاني، لكمال عمار بوناب.
يؤكد على حقيقة مُرّة وهي 'كولونيالية استيطانية ذكية في مقابل إدراك عربي سيّئ وغير يقظ'. واصفاً الاستعمار الاستيطاني بالشكل البكتيري، حيث لا تحتاج البكتيريا إلى خلايا حيّة حتى تتكاثر، بل يكفيها أن تلتصق بالأسطح ونحوها وتشكل تجمعات، وعلى هذا لن يكونوا بحاجة للآخرين.
وإن التطبيع يلغي قضايا الأمة العادلة، مثل قضية اللاجئين، وإنّ التطبيع يعزز التشظِّي بين حماس وفتح، ويضع الأولى في خانة التمرد، ولعلّ معاداة حماس من قبل بعض قادة العرب كانت دافعاً أساسيّا لقبول التطبيع المخزي.
ويظن المطبعون _في رأي الباحث_ أن تطبيعهم سيجلب لهم معاملة تفضيلية، لكن لا ضمان لذلك، لأن المهيمن قد ينقلب على المطبّع ويذله شرّ إذلال.
ورأى أن إحياء المقاومة هي الرد العقلاني الطبيعي على أوهام التطبيع وأحلام أوسلو والاتفاق الإبراهيمي.
• الفصل الرابع: التطبيع مع الاحتلال 'الإسرائيلي' وأثره على حقوق الفلسطينيين وفقا للقانون الدولي: دراسة تحليلية وصفية، لإيمان سمعان سعيد عطا الله.
جاءت دراستها ضمن ثلاثة اتجاهات: محاولة الكيان أن يصبح دولةً معترفاً بها ويَخرج عن صفة العدو، وأن تغدو القضية الفلسطينية قضية ثانوية، والإقرار بأنّ التطبيع يقوّض فرصَ نيل الشعب الفلسطيني حقوقَه. وذكرت أن من أشكال التطبيع: التطبيع الاقتصادي والإعلامي والرياضي.
وأوصت الباحثة بسنّ قوانين برلمانية تجرّم التطبيع وتحاسب المطبّعين.
• الفصل الخامس: التطبيع بين انعدام الشرعية وتحقق المسؤولية في ضوء المبادرة العربية والقانون الدولي، للدكتور خضر يونس سعد وهاجر أحمد زايدي.
عابتْ هذه الدراسة على الدول المطبِّعة تقديمَ مصالحها على القضية الفلسطينية الكبرى، حيث ذكرت أنّ المغرب وافق على التطبيع مقابل سيادته على الصحراء الغربية التي ليس فيها غير الرمال! وأنَّ السودان طبّع من أجل أن يحذف اسمه من قائمة الإرهاب، وأنّ الإمارات طبّعت من أجل صفقات أسلحة.
وذكرت الدراسة أنَّ استطلاعاً للرأي نشره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بيّن أن نسبة العرب الرافضين لتطبيع حكوماتهم مع الكيان الصهيوني هي 88%.
وقد خلص الباحثان إلى أنَّ التطبيع الفردي منعدم الشرعيّة العربية، وأنَّ المطبّعين شركاء للاحتلال في المسؤولية الأخلاقية والقومية، وأنَّ الأحلام 'الإسرائيلية' التي حققت سلاماً وهميّاً مع بعض الدول ستتحطم أمام رفض أصحاب الحق والأحرار في العالم.
• الفصل السادس: التطبيع الثقافي وتداعياته على القضية الفلسطينية، للدكتورة إلهام جبر شمالي وجوان محمود صالح.
أضاءتْ هذه الدراسة على التطبيع في جانبه الثقافي، وأنه هدف استراتيجي لـ 'إسرائيل'، لا يتحقق الاستقرار من غير تحقيقه؛ لأنها بَنَت نفسها على إيديولوجية عنصرية، يسعى إلى إضعاف العداء لـ 'إسرائيل'.
والتطبيع الثقافي برأي الباحثتين أهمُّ من التطبيع السياسي، لأنه يعبّر عن القبول بالمقاربة الصهيونية، وإعادة صياغة التاريخ، وتعديل مناهج التعليم وبرامج الإعلام، والاستيلاء على التراث، والعبث بالآثار، خدمةً لتمكين الكيان وقبوله بين العرب.
ورأت الباحثتان أنَّ 'إسرائيل' تسعى سعياً حثيثا لنقل الوصاية على المسجد الأقصى من الأردن _ الذي أقره لها اتفاق 'وادي عربة' 1994_ إلى السعودية. إغراءً بالموافقة على التطبيع معها.
وذكرت الدراسة أنَّ 'إسرائيل' تركّز على التفاهم بين الأديان والتسامح الديني، والتبادل الثقافي والأكاديمي، وفتح الباب أمام الجميع بما في ذلك شعوب الدول المطبِّعة لزيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى حسب ما تضمنه ' اتفاق أبرهام'، كل ذلك لكسر حواجز المقاومة النفسية لدى العرب تجاه 'إسرائيل'.
وقد وقفت الدراسة مليّاً عند مفردات التطبيع الثقافي، من مثلِ المشاركة في المعارض والندوات وإنتاج الأفلام المزوّرة للحقائق، فعلى سبيل المثال 'فيلم السنونو لا تموت في القدس' الذي أخرجه التونسي رضا الباهي مثّل نموذج التطبيع الثقافي مع تونس، وقد ساوى بين المعتدي والمعتدى عليه.
وكذلك المسلسل الخليجي 'أم هارون' الذي حمل تطبيعاً ثقافيّاً فَجّاً مع الكيان، من خلال تضليل الحقائق، وتجميل الشخصية اليهودية، واختلاق تاريخ لليهود في دولة الكويت، في وقت لم يتجاوز عدد اليهود في الكويت 50 يهوديّاً سنة 1926م.
ودَعت الدراسة إلى قيام تحالف وطيد بين المثقفين العرب لكشف الزيف اليهودي والتحذير منه.
• الفصل السابع: انعكاسات التطبيع مع الاحتلال 'الإسرائيلي' على الخطاب التربوي العربي: آراء عيّنة من التربويين العرب، للدكتور محمود عبد المجيد عسّاف.
خُتمت الدراسة بجداول إحصائية وعينات عن العرب والفلسطينيين ضمن نِسَب تسطيح القضية والتغريب وتراجع الانتماء الوطني والتبعية.
وانتهت إلى أن الخطاب التربوي تابعٌ للقرارات السياسية، وأن الانبهار بالتفوق 'الإسرائيلي' من أعمق انعكاسات الخطاب التربوي العربي.
• الفصل الثامن: دور الجامعات الفلسطينية في ترسيخ المسؤولية الاجتماعية وتعزيز الثوابت الوطنية لدى طلاب الجامعات في ظل التطبيع، للدكتور حكمت عايش مصري.
كانت الغاية من هذه الدراسة إجراء استبيان على عدد من الجامعات لقياس الدور الذي قامت به في ترسيخ المسؤولية وتعزيز الانتماء لدى طلابه، وبلغت عيّنة الاستبيان 160 عضواً من أعضاء هيئة التدريس، والجامعات هي: (جامعة القدس المفتوحة، وجامعة غزة، وجامعة فلسطين) حيث تخيّرت المرحلة الجامعية؛ لأنها هي الحاضر والمستقبل، وركّزت على جداول الوسط الحسابي والانحراف المعياري والوزن النسبي، وقد أوصت الدراسة بوضع استراتيجية تتبناها الجامعات لتنمية الشعور الطلابي بالمسؤولية والانتماء، تخصيص مساقات تدريسيّة تعرّف بالقضية الفلسطينية.
• الفصل التاسع: المسؤولية المدنية لدول التطبيع مع 'إسرائيل'، للدكتور أحمد شهاب ويوسف الأشقر ونسمة العطار.
بيّنت الدراسةُ المسؤوليةَ المدنية والجنائية للدول المطبّعة، ودورها في هدرِ حقّ الشعب الفلسطيني من خلال اعترافها بالجرائم الوحشية المرتكبة بحقِّ أبناء الشعب الفلسطيني، وقد قال الفقيه القانوني فيبر: 'إذا كان من الممكن الحصول من الدولة على تعويض مدني نتيجة الأضرار الناجمة عن إساءة استعمال سلطتها من الناحية المدنية، فإنه من الممكن أيضاً مساءلة هذه الدولة جنائيّاً عما ترتكبه سلطاتها من جرائم دولية'.
• الفصل العاشر: مخاطر التطبيع على الدول والشعوب العربية الإسلامية، لباسل صالح القاضي. تضمنت الدراسة تعداد 13 نقطة من المخاطر التطبيعية، وعرضت أسماء عشر حملات نقابية وشعبية رافضة للتطبيع.
وذكرت الدراسة أن الشرط الأساسي لمبدأ التطبيع هو 'الاستسلام السياسي' أي الخضوع الكامل للرواية التاريخية الصهيونية، ونفي المجازر التي ارتكبت على أرض فلسطين.
وذكرت أنواع التطبيع مع مخاطره، من مثل مخاطر التطبيع الاقتصادي أن يسمح بموجبه مثلاً لحامل الجواز 'الإسرائيلي' بالسفر إلى السعودية لأغراض تجارية أو دينية.
ومن مخاطر التطبيع الثقافي_ الذي عدّه أخطر أنواع التطبيع_ السماح بالتجسس الثقافي لـ 'إسرائيل' على الواقع الثقافي العربي من خلال وجود جمعيات يهودية تعمل في مجال التطبيع كـ 'جمعية هوية وحوار' 'والتجمع العالمي لليهوديّة'.
• الفصل الحادي عشر: دور شعوب المنطقة في مجابهة التطبيع، لحيّان محمد سليمان (حيّان جابر).
درست الفوارق الكبيرة بين الشعب وحكومته المطبعة، وأكدت نفيَ أيِّ مظهر من مظاهر المشاركة السياسية بينهما، ففي الإمارات مثلاً يصعب وجود مشاركة شعبية في قرارات الحكومة؛ بسبب القانون الإماراتي الذي يقوض حرية التعبير، وأن ضخامة اليد العاملة الأجنبية مقارنةً باليد العاملة المحلية قللت قدرة الشعب على تنظيم نفسه حول القضايا العامة، مما حدّ من تطور النضال الاجتماعي، فلو اتفق ثلاثةُ موظفين على ترك العمل يقرر القانون هناك سجنهم لمدة سنة.
أما في البحرين التي أقرّت عام 2002 قانوناً يتيح الحرية للنقابات العمالية، وعلى الرغم من التضييق السياسي ودفاع الحكومة عن التطبيع فقد أعلنت 17 نقابة وجمعية مناهضة التطبيع وعدّه خطوة غير مقبولة للشعب البحريني.
كذلك المجتمع السوداني فقد عبّر 28 حزباً عن رفضه للتطبيع رغم التشرذم الذي يعيشه والدعم الأممي للقوى العسكرية الاستبدادية. والحالة المغربية تشبه الحالة البحرينية إلى حدّ ما.
أما التجربة التطبيعية القديمة مع مصر والأردن فهي مقروءة للقريب والبعيد بفشلها الذريع؛ بسبب الحساسية الشعبية من دولة الكيان، فلم يأتِ تطبيع الاقتصاد ولا تطبيع السياسة ولا تطبيع الثقافة بشيء يذكر.
وخلصت هذه الدراسة إلى أن الأضرار التي فرضها التطبيع مع الجانب الصهيوني تركت آثاراً إيجابية من ردّات الفعل الشعبي المباشر الداعم للقضية الفلسطينية، مما يعيد هذا الأمر القضية الفلسطينية إلى موقعها الطبيعي.
• الفصل الثاني عشر، الدوافع الأمنية للتطبيع العربي_ الإسرائيلي وأثرها على القضية الفلسطينية، لأحمد عوض كومي.
ترى هذه الدراسة أن الخطر الحقيقي الذي تستشعره 'إسرائيل' ويهدد أمنها بناءً على قناعات نُخَبها ليس مصدره الدول العربية، بل مصدره إيران.
وهو نفس الخطر الذي تتلمسه الإمارات والبحرين، اللتان بررتاه بتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وأن دولاً عربية عدّة أصبحت ترى إيران ومشروعها النووي العدو الحقيقي وليس إسرائيل.
ويؤكد هذه الفكرة الرد الإيراني الغاضب الذي حذّر الإمارات من أن يكون لـ 'إسرائيل' موطئ قدم على أراضيها.
أما في السودان فالدافع في تطبيعه مع الكيان هو فتح الطريق إلى البيت الأبيض، ورفع اسمه من قائمة الإرهاب. كذلك غاية المغرب اعتراف تملكها للصحراء الغربية المنازع عليها مع الجزائر.
وهناك دافع آخر لم تخفه الدراسة، هو أنَّ الدول المطبّعة ذات أنظمة استبدادية تخشى دائماً من شعوبها، وأن التطبيع الأمني مع 'إسرائيل' يمنع تشكل بيئات مقاومة شعبية ذات قيمة.
ويرى الباحث أنّ التطبيع ضربةٌ لإيران وحماس معاً، وأن سعي 'إسرائيل' لتكوين تحالف إقليمي مع دول عربية تحت مظلة أميركا تضم السودان والإمارات والأردن ومصر لَهو عدوان عربي على فلسطين.
وتختم الدراسة بأن التطبيع سيعطي الضوء الأخضر لـ 'إسرائيل' لقيامها بجرائم جديدة ضد الفلسطينيين، وسيحاصر حماس، وسيبدد فرص اندلاع ثورات عربية جديدة.
• الفصل الثالث عشر: الأثر العسكري والأمني للتطبيع العربي الصهيوني، لرامي أحمد أبو زبيدة.
ترى هذه الدراسة أن من آثار التطبيع العسكري والأمني هو زرع الهزيمة في نفوس الأمة العربية وإذلالها وقهرها.
وأنّ من أهداف هذا التطبيع تشويه صورة المقاومة لدى الرأي العام العالمي، وربط الإرهاب بالعرب والمسلمين الرافضين للسلام مع 'إسرائيل.'
وإن التطبيع العسكري حُلم 'إسرائيلي' منذ القدم، ففي سنة 2014م شاركت إسرائيل السعودية في مناورات عسكرية في البحر الأحمر، وسنة 2017 شاركت مقاتلات أميركية وإيطالية وإماراتية في قاعدة سلاح الجو اليونانية.
وعلى الصعيد الأمني؛ إن 'إسرائيل' تشجع بشكل رسمي شركة 'أن أس الاستخباراتية' على بيع دول الخليج برنامج بيجاسوس للتجسس على المعارضين والخصوم السياسيين.
ودَعت الدراسة إلى مواجهة التطبيع على المستوى الفردي والمستوى الجمعي، من خلال المقاطعة بكل أشكالها وأنواعها.
وانتهت إلى نتائج مهمة، منها: إن الأثر العسكري والأمني للتطبيع العربي يهدد الأمن العربي القومي للخطر، ويضمن تفوق إسرائيل العسكري، واليأس من حلم الانتصار عليها.
أخيراً، إن توصيف التطبيع والحكمَ فيه وذكرَ مساوئ أهله عملٌ مأجور وجهد مشكور يُحسب لمركز زيتونة جرأته في الإعلان عن جائزة وعن نشر هذه الدراسات الفائقة النفع، في وقتٍ يُخطف فيه الإعلام لصالح المطبّعين، وتُعاقبُ الأصوات والأقلام التي تتناول هذه اللعنة التاريخية.
وإنَّ الفطرة تبغض الظلم وأهله وتناصر المظلوم، وإن لدى الشعوب العربية والإسلامية حساسية ضد محاولات التطبيع والتأقلم مع كيانٍ بغيض احتل وقتل وشرد.
وإنَّ تلك المحاولات التي لا تقنع حتى أصحابها، ستبوء بالفشل، وسيشهد التاريخ هزيمةَ هذا الكيان وداعميه، وستحيق اللعنة بمسوّقيه، وستذكر الأجيالُ من طأطأ الرأس، ومن رفعه بعزة وشرف.
أعدّه: طه ياسين
لتحميل الكتاب كاملاً، اضغط على الرابط التالي:
كتاب: دراسات في التطبيع مع الكيان الصهيوني: الدراسات الفائزة في المسابقة البحثية الدولية ”لا للتطبيع“ (512 صفحة، 6.4 MB)
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة