مِسخُ السويد
ليست المرةَ الأولى _وربما ليست الأخيرة على ما عهدناه من مسوخ الحقد_ التي يتطاول فيها أشباهُ البشر على كتابنا المقدس، ومقام رسولنا صلى الله عليه وسلم من قبل، في محاولات دنيئة، منها ما هو علنيٌّ، مثل حادثة الاجتراء على الاعتداء بحرق نسخةٍ من المصحف من قبل مِسخٍ وضيع أمام مسجد عاصمة السويد، ومنها ما هو مبطّن، من خلال تأويل النصوص الشرعيّة بما يخدم أجندةً متربصة بالإسلام والمسلمين..
بَيد أنه في هذه المرة ينقدحُ الفكرُ الشيطانيّ لدى اليمين السويدي المتطرف عن أفكارٍ قذرة تدلّ بلا ريب أنه يعيش في أشدّ حالات غيظه.
خسيسٌ من أصل عربيّ، يُستأجَر لتنفيذ مسرحيّته المقززة في عيد المسلمين، بإذن السلطات المحليّة، التي صرّحتْ له وحَمتْه وشجّعته، بحِجّة مزورة، وهي أن الدستور يضمن حرية الرأي التعبير.
إنَّ هذه الحادثة الشنيعة كشفت حقائق ليس أقلّها:
أنّ التناقض الذي وقعتْ فيه الحكومة السويدية بين سماح شرطتها للقيام بهذا الفعل المشين من جهة، واعتذارها البارد الذي لا قيمة له من جهة ثانية؛ يؤكد صدقَ الاتهامات والتقارير التي كانت تطال "السوسيال السويدي" بخطف الأطفال اللاجئين وتسليمهم إلى عوائل ليست مسلمة لينشؤوا على مشارب الإباحية والضياع.
ووجه المقارنة يتضح في أن من يحنق على المسلمين، يحنقُ على كتابهم، ويحاول أن يسيئ إليه بكل ما يقدر عليه من وسيلة.
أن هذا التناقض في موقف الحكومة السويدية يشي بأنّ الدولة التي كان يُظنّ أنها تحمي الحريات وتصون الحقوق ليست آمنة، وخاصّة لمواطنيها المسلمين، وأنها_ في واقع حالها_ عصابة يرأسها حزب اليمين المتطرف الذي يوعز ويحرض ليلَ نهار على إيذاء المسلمين.
أن وقوف أمين عام حلف الناتو (ينس ستولتنبرغ) مبرراً هذا التطرف المشين، يؤكد على حقيقة الاستكبار الغربي، ومضيّه في غيّه في محاربة الإسلام، خاصة بعد الفوز الذي حققه أردوغان برئاسة تركيا.
أن الاحتجاج بحرية التعبير التي يتبجّح به الأشرار المدافعون عن هذا الحدث، أكذوبة لم تعُد تنطلي على عاقل؛ لأن الدستور في دول العالم كلّها يضمن عدم التعرض للمقدسات الدينية، وعدم المساس بما يجرح مشاعر المواطنين. وما يدحض هذا الزعم هو الكيل بمكيالين، حيث يباح هذا الفعل، وبالمقابل يجرّم أيُّ فعلٍ يناهض الشذوذ، بل حتى التفكير بمناهضته.
أخيراً، ماذا يمكن أن نفعل تجاه هذا الحدث؟
لا يقولنّ قائلٌ: ليس باليد حيلة، وماذا بإمكاننا أن نفعل؟!
إن بإمكاننا أن نفعلَ الكثير رغم الموقف المتخاذل لأكثر الحكومات العربية، ورغم اقتصار البعض على التنديد، أو التهديد بسحب السفراء الذي لا يسمن ولا يغني من جوع..
_ يمكننا كأفراد ومؤسسات أن نعلنَ عن تجمعات وتظاهرات ضد هذا الفعل الجبان.
_ ويمكننا أن نستنفرَ إعلامنا المخلص ووسائل التواصل الاجتماعي، كلّ حسب موقعه في فضح الأشرار وزيف حريتهم المزعومة، والتحذير من العصابة المتطرفة المتحكّمة بالسويد.
_ مقاطعة صادرات السويد الاقتصادية، لأن هذه الدول تعبدُ الأموال وتبني سياستها عليه، فإذا ما تعرضت لضربات اقتصادية، فإنها حتماً ستأتي ذليلةً معتذرة، وستغير من سلوكها وقوانينها بما يناسب احترام مواطنيها كافة.
_ إن الجمعيات الموسومة زوراً بحماية المرأة، مثل التي في لبنان على سبيل المثال، لم يحرّكها هذا الحدث الخسيس فتستنكّره ولو بشق كلمة، رغم أنه يجرح مشاعر المسلمات التي تدّعي صباح مساء أنها تحميهن وتذود عن مشاعرهن.
أخيراً: إنّ الأعداء المتعصبين مهما بلغوا من الذكاء هم حمقى؛ لأنّ التعصّب يكشفهم، وإنَّ هذا السلوك وما صاحَبه من قول على لسان الرويبضة الذي طلب حذف القرآن الكريم من مناهج التعليم، يعزز بما لا ريب فيه أن هذا القرآن هو مبعثُ صداع لهم، وأنّه ينبغي علينا أن نتعشّقَ هذا الكتاب بحروفه وآياته حفظاً وتدبراً وتطبيقاً في مناحي حياتنا كافّة، بل نحيا ونموت لأجله.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة