بالتي هي أحسن
التاريخ:
فى : ليسكن إليها
1415 مشاهدة
قالت لي: لقد كرهتها، وكرهت اسمها، وسأكره زوجي يوماً بسببها.
قلت: من هذه؟
قالت: أمّه، أمّ زوجي... "حماتي".
قلت: ألهذه الدرجة؟
قالت: بل وأكثر، أتمنى موتها اليوم قبل الغد.
قلت: هل تعيشان معاً؟
قالت: أبداً، ولكنها تستطيع أن تنفث سمومها عن بُعد.
قلت: وزوجك؟
قالت: هي أمّه، لا يكون إلى صفّي أمامها، ويصالحني بيني وبينه.
قلت: هذا حسَن على كل حال.
قالت: وهل تركَتْ هذه المرأة شيئاً حسناً في حياتي؟ إنني أختنق بسببها! لماذا زوّجت ابنها ما دامت ستغار مني؟
قلت: حاولي إذن أنت وزوجك ألاّ تُظهرا مشاعر الحب أمامها.
قالت: قد فعلنا.. ولكن ليس هذا عيبها الوحيد، فهي تريد أن تعرف كل التفاصيل.
قلت: أخبريها بالبعض لتُريحيها.
قالت: قد فعلت.. ولكننا لم ننته، فهي امراة متسلِّطة! الرأي رأيها فقط، والويل لمن خالفها.
قلت: خذوا بالوسط، وغلّبوا المصلحة.
ابتسمتْ ساخرة وقالت: اتهمت ابنها ساعتها بأنه "طرطور"، وأنا "السوسة" المخرِّبة.
سكـتُّ أفكر..
فقالت: أرأيت؟ لا حل! كمسائل الرياضيات التي يستحيل حلها.
قلت: أتدرين يا صديقتي؟ إنّ ما يتعبك أكثر منها، هو هذا الغِل في قلبك عليها..
قالت: وماذا تريدين مني أن أفعل؟
قلت: لو تسامحينها سترتاحين. سامحيها من أجل الله: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).. ألا تحبين أن يغفر الله لك؟ إنه الفوز بالجنة! سامحيها أختي من أجل زوجك، فيزداد حبه لك ويَعْظم تقديره لكريم أخلاقك، فيظل راضياً عنك، وهذا سبب آخر لدخول الجنة!
قالت: كل يوم لها قصة وكل يوم لها حكاية يا أختي، كيف أسامح؟
قلت: قلِّلي إذن من اللقاءات بينكما لتَقِلّ هذه القصص، وربما يعطيها ذلك الفرصة لمراجعة نفسها، كما أنها قد تشتاق إليك. وانتبهي! فإن هذا الأمر لا علاقة له بزوجك، فعليه هو زيارتها وبِرّها بكل أنواع البر.
قالت: لم يبق إلا أن تطلبي مني أن أحبها!
قلت محبّة مبتسمة: خشيت أن أقولها فتغضبي عليّ معها.. ولكن صدقيني، إنّ علاجها في الحب. أَشعريها به، بالكلمة الطيبة: دعاء ومديح لصنيعها وطبخها وذوقها، وغزل في جمالها وأناقتها، أليست امرأة؟ أليست أنثى؟ ثم بابتسامةٍ ارسميها صادقة محتسبة، وقدِّمي لها الهدية من أجل الرسول (ص): "تهادَوا تحابُّوا"، وعُوديها في مرضها وستدعو لك الملائكة: "طبتِ وطاب مَمْشاك وتبوأت من الجنة منزلاً"، وعامليها بالحُسنى حتى لو أساءت: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)! أعدك بعد ذلك أن يبرأ قلبها مما يحمل عليك، وسيمكنك أن تحبيها.
امتلأت عيناها دموعاً، فشعرتُ كم هي مقهورة، وكم هو جهاد أن تحبها.
تابعت: هو جهاد، ولكنك الصابرة، وللصابرين الجنة: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)...
قابلتها بعد فترة... سألتُها عن حماتها، فقالت بتأثر:
بعد أن أحبَبْتها وأحبتني، ماتت! رحمها الله، وغفر لي ولها.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن