من الظلمات إلى النور
لقد ولدْتُ في عائلة نصرانيّة. ترعرعْتُ في بلدة طرابلس. كنت متمسِّكةً بـ"مسيحيَّتي" ولا أرضى من أحد أن يتكلّم عن ديني بسوء أو أن يحاول إقناعي بتغيير عقيدتي بـ "ألوهيّة المسيح". ولكنّ الله تعالى أراد أن يصطفيني ويُحييني بعد موتي بدينه "الإسلام" وبنورٍ قذفه في قلبي لأمشي به في الناس.
كما يقول جلّ جلاله :"﴿ أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[ الأنعام: 122]
ولأنّني في قرارة نفسي كنت دائمة البحث عن الإيمان الحقّ، وكنت أشعر دومًا أنّ أمرًا ما ينقصني وأنّني أفتقد الطمأنينة والسلام الروحي، سخّر لي سبحانه من يردَّني إلى فطرتي السليمة التي فطرنا عليها جلّ جلاله ألا وهي التوحيد. عن طريق صديقة لي تعرَّفت عليها في عملي وكانت سبب إسلامي بارك الله بها..
سورة على قصرها تحمل في طيّاتها أبلغ المعاني، سورة قصيرة بدّلت حالي وحسّنت أحوالي، سورة الإخلاص كانت الكفيلة بإقناعي أنّ دين الإسلام هو دين الحقّ. كنت أسأل نفسي دومًا: كيف لخالق أن يكون له ولد! وإن كان له ولد كيف لخالق أن يترك ابنه يُصلب من أجل البشر؟!
أسئلة راودتني في فترة طويلة دامت سنوات. أبحث وأسأل ولله الحمد في عام ٢٠١٥م اقتنعت أنّه دين الحقّ، توضّأْتُ ووقفْتُ على نافذة منزلي ونطقْتُ الشهادة:
"أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" وأسلمْتُ لله تعالى. عندها أحسسْتُ أنّي ولدْتُ من جديد، أحسسْتُ بتلك السعادة الممزوجة بالسكينة والطمأنينة.
عانيْتُ كثيرًا في بداية إسلامي. وواجهْتُ صعوبات كانت كفيلة أن تردَّني عن اختياري لدين الإسلام والرجوع إلى النصرانيّة. عانيْتُ من مجتمع ساخر وحاقد. عانيْتُ من عائلتي الصغيرة قبل الكبيرة. ولكن بما أنّ الهداية من الله تيقَّنْتُ أنّ الله معي ولن يتركني. فثبَتَ قلبي على إسلامه، وقرَّرت أن أصدح به وأن أقوم بكلّ ما يتوجَّب على الفتاة المسلمة. فوضعْتُ حجابي سنة ٢٠١٩م، الذي كان فيه عزّي ورفعَتي في الدنيا والآخرة، وأعلنْتُ إسلامي، وسُررت بسيري في الدعوة إلى الله وتوحيده لَعَلّي أنال نصيبًا من قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [ فصلت: 33]
كنت أعمل في شركة نصرانيّة، وعندما ارتديْت الحجاب وأعلنْتُ إسلامي فُصِلْتُ من عملي، بسبب حجابي وأنا أفتخر أنّي طُرِدْتُ لعملٍ يرضي الله. والحمد لله أنا الآن في أحسن حال، صحيح أنّني خسرْتُ عملي لكنّني لم أخسر حجابي ولم أخسر المسيح ولا محمّدًا عليهما السلام. فأنا الآن مُوحِّدة لله ومؤمنة برسله جميعًا. وأنا الآن أعيش مع عائلتي الصغيرة التي بقيت متمسِّكة بنصرانيَّتها والتي أسأل الله لهم دومًا الهداية وأن يجعلني سببًا لهدايتهم.
وها أنا أحمد الله في كلّ حين على النعمة التي أنعمها عليَّ وهي "الإسلام"، ويكفيني أنّني أشعر بأنّ أجمل أيّام حياتي وأسعدها يوم ألقى ربّ العالمين وهو راضٍ عنّي.
وصلّى الله وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد والحمد لله رب العالمين.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة