الحجاب والسلطان بين أمس غابر ويوم حاضر
التاريخ:
فى : في رحاب الشريعة
1557 مشاهدة
ظهر في صحف استانبول في 3 أكتوبر 1883 م بيان عن حكومة السلطان عبد الحميد الثاني العثمانية موجه إلى الشعب بناءً على قرار سلطاني في شأن حجاب المرأة المسلمة.
في هذا البيان:(إن النساء العثمانيات اللائي يخرجن إلى الشوارع في الأوقات الأخيرة، يرتدين ملابس مخالفة للشرع. وإن السلطان قد أبلغ الحكومة بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة. كما أبلغ السلطان الحكومة أيضاً بضرورة عودة النساء إلى ارتداء الحجاب الشرعي الكامل بالنقاب إذا خرجن إلى الشوارع).
وبناءً على هذا البيان فقد اجتمع مجلس الوزراء واتخذ القرارات التالية:
- تعطى مهلة شهر واحد يمنع بعده سير النساء في الشوارع إلا إذا ارتدين الحجاب الإسلامي. وينبغي أن يكون هذا الحجاب خالياً من كل زينة ومن كل تطريز.
- يلغى ارتداء النساء النقاب المصنوع من القماش الخفيف أو الشفاف، وبالتالي ضرورة العودة إلى النقاب الشرعي الذي لا يبين خطوط الوجه.
- على الشرطة بعد مضي شهر على نشر هذا البيان: ضمان تطبيق ما جاء فيه من قرارات في شكل حاسم.
- صدق السلطان على هذا البيان بقراراته الحكومية.
- ينشر هذا البيان في الصحف ويعلق في الشوارع.
من كتاب (السلطان عبد الحميد الثاني): ص 99-100 للدكتور محمد حرب.
فسبحان الله، فأين أنت يا حضرة السلطان لترى الكوارث التي تحصل في الشارع الإسلامي، ولترى التجاوز لكل الحدود، ولترى التفف في التبرج، ولتكون شاهداً على الفتاوى التي تصدر بإجحاف بحق حجاب المرأة المسلمة؟ ثم أين أنت لتعيد إصدار تلك القرارات الإسلامية الحقة لتطبق في الشارع الإسلامي الآن ومن جديد كما طبقت فيه أمس؟
فلقد رأيت- يا حضرة السلطان الموقر- أن ارتداء النساء للنقاب المصنوع من القماش الخفيف الشفاف هو ظاهرة مستنكرة مخالفة للشرع، فلو أنك عاصرتنا لكنت رأيت العجب العجاب من نساء المسلمين اللواتي تجاوزن الحدود في لباسهن، فذهبن إلى أبعد من رقة النقاب، فلقد تعدينه إلى رقة الثياب التي تصف الجسد عضواً تلو الآخر، وتفصل حجم العظام، وتبين خطوط الجسد- لا خطوط الوجه التي استنكرت ظهورها من خلال النقاب- بل وتظهر مفاتنه بشكل إباحي. هذا بشأن السافرات، أما اللواتي يرتدين الحجاب فبعضهن- وهن كثر- ذوات ملابس ضيقة ومزركشة تصل إلى نصف الساقين أو أطول بقليل مع ما يصحب ذلك من زينة للحجاب (الإيشارب) عدا عن ماكياج الوجه الذي لا يستغنى عنه لمزيد من الأناقة الإسلامية!! ومع كل ذلك يقال إنهن متحجبات. والغريب في الأمر أنهن يضعن الحجاب عن علم وفهم ويقين- بحسب زعمهن- ولكن الواقع يشهد غير ذلك تماماً.
وعن هذا الواقع- المضحك المبكي- تكلمت أخت أمريكية مسلمة- هي الأخت "إيمان" ميريسا سابقاً- فقالت بما معناه: إنني قدمت من أمريكا إلى هنا- تقصد لبنان- وفي ذهني صورة جميلة للمرأة المسلمة في حجابها الكامل المتضمن للنقاب، وإذا بي أفاجأ بتلك الأزياء التي تحاكي الموضة ترتديها المسلمات المتحجبات. فلماذا لا يطبقن الإسلام بحق؟ إننا عندما نعتنق الإسلام نضع حداً فاصلاً بيننا وبين الجاهلية ونعتبر أن أوامر الله ملزمة لا جدال فيها فنطبقها على النحو الذي يرضي الله وليس الذي يرضي أهواءنا.
هذا هو فكر أجنبية حديثة عهد بالإسلام.
لقد فهمت الإسلام كما فهمه السلطان عبد الحميد الذي لم يرد بقراراته التسلط والتعسف بقدر ما أراد تطبيق شرع الله كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وكما فهمه السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين. وإنه فهم- رحمه الله- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر قليله فكثيره حرام" تمام الفهم فأدرك أن التهاون برقة النقاب وبزينة اللباس الشرعي سيتبعه تنازلات وتجاوزات أخرى. فكانت له هذه النظرة البعيدة نحو مستقبل الإسلام الذي أراده زاهراً وأراده أعداء الإسلام ومن تبعهم من المسلمين قاتماً. وبالفعل قد وقع المحظور الذي كان يخشاه السلطان عبد الحميد، ووصلنا إلى الحضيض بإعراض كثير من المسلمين عن تطبيق شرع ربهم كما جاء.
لقد كنت- يا حضرة السلطان- ولي أمر المسلمين بحق، فوضعت حداً للداء الذي إذا استشرى في المجتمع المسلم لن نجد له دواء، تماماً كما اليوم. فبمثل هذه الأخلاق تسلمت قيادة الخلافة الإسلامية بحقها، وبمن تلاك- ممن لا يقفون عند حدود الله- ضاعت الخلافة من أيدي المسلمين.
ولا يسعنا- وحال المسلمين كذلك- إلا أن نبتهل إلى الله العزيز القدير الذي قال في محكم تنزيله: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) أن يهيئ لنا سلطاناً معاصراً كأولئك الذين مضوا من الراشدين- لا يتهاون في حد من حدود شريعته التي شرعها.
منبر الداعيات – العدد السادس – جمادى الآخرة 1415 هـ
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة