موقف الإسلام من الحبّ بين الشاب والفتاة
هل الحب حلال أم حرام؟ وماهي حدود العلاقة بين الشاب والفتاة في نظر الإسلام؟
· الحب بمعناه العام ليس حراماً، بل على العكس، وهو أمرٌ مطالبٌ به كُلُّ امرىءٍ، مسلم، إذ أنّ مدخل الإيمان ومنبع الإحسان ومكمَنَ الرّضوان يتمثّل في هذه الحالة التي ترتقي بالإنسان وتجعله عنصراً أساسياً في استمرار الحياة على الأرض.
وقد بيّن لنا الله تبارك وتعالى بأنّ الحب هو البداية وإليه يكون السعي والنهاية، هو الغاية والوسيلة، فحُبُّ الله عز وجلّ لعباده هو أسمى الغايات ولكي نَصِلَ إلى هذا الهدف فلا غنىً عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتّباعه، وفي ذلك قول الله جلَّ وعلا:
)قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يُحْبِبْكم الله(، وقد خوّف الله عباده الذين أسرفوا في ارتكاب المعاصي بأنه سوف يذهب بهم ويأتي بأقوامٍ يزيّن الحبّ دنياهم وأُخراهم، فقد قال جلّ من قائل: )فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه(.
ونبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم قد وضع لنا معادلةً توضِّح العلاقة بين الإيمان والحب، فقال صلى الله عليه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما".
وبَعْدَ هذا، أفيَصحُّ أن نقول بأنّ الحُبّ في الإسلام حرام؟!!.
ولكن أيها الشاب، حذار أن نَفهمَ الموضوع على غير مقصده، ويصير الحبّ ذريعة لارتكاب المعاصي والمحرّمات، ويؤخذ حُجّة لخرق حدود التعامل بين الجنسين.
ولا يظُنّن أحد ولا يتوهمنّ بأن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء" هو فتوى في تسريح القلوب وفكّ عقالها فإن وقعتّ في غرامٍ أو هُيام سلَّمت واستسلمت وذلك أمْرُ الله...
وقد استخدم بعضُ الشباب هذه الحُجّة لتقيهم الشعور بالذنب وتبرّر لهم ما وقعوا فيه من إطلاق البصر والمبالغة في الاختلاط وتجميل الكلام للجنس الآخر والإفصاح عن المشاعر.
أيها الشاب، إنّ مقتضى الحبّ الأسمى في حياة المسلم أن يكون طائعاً للمحبوب، متجاوباً مع كلّ ما يترتب عليه من أوامر ونواهي، محافظاً على دينه وأخلاقه وقيَمه ومبادئه، متيقّظاً لمداخل الشيطان ووسوساته ومُراعياً للجِبِلّة التي خُلِق عليها.
لا نُنْكر أن الحُبّ بين شاب وفتاة قد يقع عن غير إصرار وتصميم وأخذ بالمقدِّمات، لكنّ الذي يجب أن نلتفتَ إليه هو عدم الانقياد وراء هذه المشاعر وعدم جعلها سبباً في تراجع الالتزام والتخلّي عن بعض الأخلاقيات والقيم الدينية والاجتماعية.
ولنا في أمّ المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها أسوةٌ حسنة، فهي لمّا مال قلبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت من يسأل عنه ويرافقه لتتحرّى أمره أكثر وبعثت مّن يذكرها عنده لتعرف رأيه في موضوع الزواج، لم تجعل حُبّها سبباً لللتنازل عن كرامتها وعزّتها وعِفّتها بل كان حافزاً للبحث عن الإطار الشرعي لتنمو هذه المحبة وتُثمر.
هكذا فلتكونوا أيها الشباب، حُبٌّ وإخلاص ووفاء وتقوى، إيمانٌ وإحسان وعفّة ونزاهة، لا يرضى الله من عباده ولا يحبّ لهم إلا ذلك، وليكن عزاؤكم إذا رقّت قلوبكم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن عشقَ فعفّ فمات فهو شهيد"(1).
(1)هو حديث مختلّف في ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن صحّحه بعض أهل العلم ولأحد علماء المغرب رسالة بعنوان:" دَرْء الضَّعف عن حديث من عَشق فعفّ".
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن