كلمة هيئة علماء المسلمين التي ألقاها الشيخ حسن قاطرجي نائب رئيس الهيئة الدوري في مؤتمرها الصحفي الأخير إثر اعتقال أحد مشايخ الهيئة في البقاع وهو الشيخ حسن علي لأنه ناشط في دعم الثوار في سوريا:
الحمد لله وليّ الصالحين، ومعزّ المؤمنين ومذلّ الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام المجاهدين.
أول تعبير عن هذه الجلسة الطيبة:
أحبابَنا ما أجملَ الدنيا بكُمُ * * * لا تقبُحُ الدنيا وفيها أنتُمُ
ندائي من القلب لإخواننا العلماء في هذا الجمع الطيّب المبارك أن نؤكّد على وحدتنا ووحدة كلمتنا وتَصدّينا جميعاً - بالإخلاص لله عزّ وجلّ وتساند السواعد - لحمل قضايا المسلمين بكل قوة وجرأة مع الحكمة....
هيئة علماء المسلمين انطلقت بفضل الله سبحانه وتعالى وحققت عدداً من الإنجازات والله سبحانه قال: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ سورة يونس58.
وكلّ ما أُنجِز إلى الآن ممّا كان صواباً هو بفضل الله وبرحمته ثمّ بتعاوننا جميعاً، وما وقعنا فيه من أخطاء - وهذا معهود من البشر- نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفره لنا.
أظنّ أنّ العلامة الفارقة لهيئة علماء المسلمين بعلمائها الأحرار أنّها هيئة تصدّت لحمل رسالة العلم وتبليغ الدعوة إلى الله عزّ وجلّ وإحياء رسالة المسجد وحمل قضايا المسلمين في لبنان وقضايا الأمّة وعلى رأسها قضية فلسطين والثورة السورية المباركة التي نرنو إلى أن تحدث مآلاتها انقلاباً جذرياً في وضع المنطقة وفي موقع أهل السنة والجماعة وفي مآلات الصراع مع العدو اليهودي الشرس... العدو الصهيوني.
العلامة الفارقة مع حمل هذه الرسالة - وإن شاء الله يكون عندنا من العزيمة وصدق التوجه إلى الله سبحانه وتعالى أن يكون ولاؤنا خالصاً لله عزّ وجلّ - هذه العلامة هي علامة الاستقلال عن أيّ ارتهان يحرف إبرة البوصلة، أيّ ارتهان سياسي أو مالي، ونُصِرُّ على ذلك وقد تعاهدنا على أن نبقى مستقلّين أحراراً نحمل رسالة العلم بأمانة، ونتصدّر لحمل قضايا المسلمين والشراكة مع الآخرين في هذا البلد بكرامة، وأعلنّا أنّنا لن نقبل بعد اليوم أن نُذَلّ ولا أن يُمتهن علماؤنا ولا أن نرضخ، وأن نتعاطى مع قضايانا في الداخل وفي الخارج بكل عزة.
إخواننا وأحبابنا الكرام، فقه المنابذة فقه نبوي يجب أن نستفيد منه، ورد في صحيح مسلم "يكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون" قال صلى الله عليه وسلم "فمن كره فقد سلم ومن أنكر فقد برئ" هذه الرواية في صحيح مسلم، وفي مصنَّف الإمام الحافظ ابن أبي شيبة قال النبي صلى الله عليه وسلم "فمن اعتزلهم فقد سلِم، ومن نابذهم فقد برئ" فالمنابذة تعبير نبوي عن الثورةعلى الظالمين، ويجب أن نحيي نحن - معشر العلماء - هذا الفقه النبوي، ولو أنّنا حملناه لوفّرنا على أنفسنا عقوداً طويلة من المعاناة والآلام والتخلّف وإذلال هؤلاء الطغاة - الذي منهم بل أشرَسُهم هذا الطاغية القابع في سوريا- ولذلك يجب أن تتساند إراداتُنا لحمل رسالة العلم وحمل قضايا المسلمين بعزّة وقوّة وأن نمنع بكل ما أوتينا من قوة إهانة العلماء أوإهانة أي مسلم بخطوات عملية وليس بمجرد خطب إنشائية:
ما المجد زُخرفَ أقوال لطالبه * * * لن يبلغ المجدَ إلا كلُّ فعّالِ
نتمنى إخواننا أن نغيّر كلنا لغة الإنشاء في خطبنا الوعظية – على أهمية الوعظ وفائدته - إلى لغة الخطوات العملية.
كل قضايانا في الداخل نحملها بعون الله بقوة وعزّة، وعلى رأسها إعزاز العلماء وإعزاز رسالة العلم وحمل أمانة الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بكل فخر، وأن نتبنى قضايا المسلمين في هذا البلد ثم أن نؤكّد على وحدة العلماء. لذلك أنا أُحيّي كل العلماء -واللهِ- وأقولها بكل صدق: مزيداً من الخطوات نحو التوحّد ونحو اجتماع الكلمة ونحو تصافي القلوب ولو تنوّعت آراؤنا في بعض المسائل، فهذا أمر يجب أن نسير فيه على ما كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "أما يكون لنا أن نتآخى ولو اختلفنا" فأخوّتنا وكرامتنا وعزّتنا بديننا تُوجِب علينا أن نتجاوز الخلافات وهذا أمر طبيعي جداً.
في الختام أيها الإخوة بالنسبة لقضيّة الثورة السورية فقد آلَت هيئة علماء المسلمين على نفسها أن تأخذها بكل جدارة وإن شاء الله نعطيها حتى دماءنا، نعطيها ما تتطلب منّا لأننا نساند شعباً مظلوماً مقهوراً على نظام مستبد جائر نسأل الله تعالى أن يقلعه بأقرب وقت.
ألا أيها العلماءُ هيا * * * لنصرة شامنا هيا استجيبوا
صبراً يا أُهَيْل الشام صبرا * * * بإذن الله تنفرج الكروبُ
هذه رسالتنا وإلى مزيد من التضامن والتأكيد على الاستقلالية وحمل رسالة العلم ونمضي بإن الله متعاونين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته