الربانية.. حياة الروح (1/6)
قال - تعالى -: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10].
اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارك على سيِّد ولدِ آدمَ محمِّدِ بن عبدالله، الفاتح لما أُغلق، والخاتم لما سَبق، ناصر الحقِّ بالحقِّ، والهادي إلى صراطِ الله المستقيم، صلِّ اللهمَّ عليه وآلِه حقَّ قدْره ومقداره العظيم.
اللهمَّ أصلِحْ لنا نفوسَنا، واجعلْ أعيننا لك دائمًا باكية، ومِن خشيتك دامِعة، واجعل ألسِنتنا لك وبِك ذاكرة، وعقولنا بك مُتنوِّرة، وأفعالنا بطريقك وهَديك وهَدي نبيِّك مُستنيرة نيِّرة.
اللهمَّ اجعَلْنا أقدرَ على إصلاح أنفسنا، فإنْ وفقتنا يا ربِّ فيها، فأعِنَّا بعدها على إصلاح غيرنا.
اللهمَّ اجعلنا ممَّن يستمعون القولَ والذِّكر، ويقرؤون العِبر والعظات، فترقُّ قلوبَهم، وتتغيَّر أحوالُهم وأنفسهم تغييرًا يسعد به ربنا، ويعيننا على صلاحِ وإصلاح أمورِنا، في معاشنا وحياتنا، مع أنفسنا ومع غيرِنا.
ولعلَّك أخي الكريم، تُوافقني الرأي في أنَّ إصلاح النفْس، وتحقيق ربَّانيتها ما هو في حقيقتِه إلا بداية لكلِّ إصلاح، وخيْر وصَلاح، وتمكين ونَجاح.
فلْنَعِشْ معًا مع بعضِ الخُطوات والمحكَّات التي إذا فَهِمْناها ووعيناها وطبَّقْناها، لكانتْ - بإذن الله - بدايةً حقيقيَّة لإصلاح النفس، وتحقيق ربَّانيتها بإذنِ خالقها وبارئها.
يقول ربُّنا - جلَّ في علاه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
استفتِح:
استفتِحْ يومَك بالجِدِّ والجديد، والعَزْم الرشيد، على هجْر المعاصي بعزْم أكيد، واصرفْ وقتَك في كلِّ ما هو نافع ومفيد، واحذر المسلسلات والأفلام وإضاعة الأوقات فيها، فهي تُقرِّبك خُطواتٍ أكيدةً مِن حبائل الشيطان الذي يَكيد لك ويَكيد.
دارك والمسجد:
احرصْ أن يكونَ دارك قريبًا من المسجدِ، ففي ذلك عونٌ كبير لانتصارِ النَّفْس على قيودها.
ازهد:
مارِسْ عبادةَ الزُّهد والتقشُّف في بيتك.
فإنَّ النِّعمة لا تدوم، واجعلْ لك يومًا - ولو كلَّ أُسبوعين - لا تأكل فيه إلا الضئيلَ والبسيط، وغير المعتاد مِن الطعام والشراب.
واستشعرْ يومها ما يُعانيه إخوانك مِن مُسلمي فِلَسْطين والعراق وإفريقيا، وكل مكان.
كم أنتَ مُنعَّم، وفي رغدٍ عظيم، وسَعَة مِن الله الواسع العظيم.
واعلمْ أنَّه مَن لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس مِنهم، فلا تنسَهم بدعاءٍ وفير، تظهر آثارُه عليهم بخير كثير، وتَلقى به من ربِّ العباد الجزاء الجزيل.
ليكن لك مكتبة:
احرصْ على تكوينِ مكتبة داخلَ بيتك، تَتنوَّع ما بين الجانبِ الثقافي والعِلمي، والاقتصادي والمالي، والرُّوحي والدِّيني والاجتماعي، مِن كتب ومجلاَّت، وبحوث رائدات؛ وذلك لتنميةِ ذاتك وتطويرها، أنت وأهل بيتك، واجْعَلِ الكتاب والمجلَّة لك صديقًا.
واحذرِ الكتاب الذي يَهدِم دِينك، ويُحارِب نبيَّك، وإذا أردتَ اقتناءَه فلا بأسَ، ولكن بغرَض معرفةِ على أيِّ المحاور يُحارِبُ دِينَك، ويُناهض فِكرتك، وكن في ذلك على حذَر، ونوِّه أهلَ بيتك إلى مِثل هذه الكتب الهدَّامة.
الْزمْ كتاب الله:
احرص على أن تَحمِلَ كتاب الله دائمًا في جَيبك أينما ذهبتَ، وحيثما ترحَّلْت.
فعيبٌ عليك أن تكونَ مُسلمًا، وتَسير على الأرضِ بلا قرآنٍ تحمله بين جَنبيك، وقد جعلتَه لحياتك النورَ والدستور في شتَّى مناحيها.
﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].
ادرس أفكارَك:
ادرس أفكارَك وقراراتِك جيِّدًا قبل عرْضها على الآخرين، واعلمْ أنه ما خاب مَن استشار، وما نَدِم مَن استخار.
إيَّاك والتسويفَ:
إيَّاك والتسويفَ في أمورٍ وتكاليفَ جُعِلْتَ منوطًا بها، فالوقت هو الحياة.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن