بكم تطيب الحياة
نحن متأكدون أنكم رأيتم الناس يموتون جوعاً في الصومال وفي كينيا والنيجر وغيرها! وأطفالهم ونساؤهم بائسون جداً ومثيرون للشفقة كثيراً!
ومتأكدون أنكم رأيتم وسمعتم المقهورين والمحاصرين في فلسطين منذ أكثر من ستين عاماً!
ورأيتم مؤخراً إخوة لكم يموتون بسبب التعذيب! ورأيتم الفقراء فقراً مدقعاًً والمرضى العاجزين عن العلاج و...
فماذا فعلتم؟
نحن نخبركم: بعضكم تأثر وحَزِن وبكى وحَوْقل، وبعضكم دعا للمسلمين، وبعضكم ساهم بشيء من جهده وماله ونفسه، والبعض كَرِه أن يشاهد أو يسمع لأنه لا يحب أن ينغِّص عليه حياته أيُّ منغِّص.
برأيكم، هل هذا كاف للتخفيف مما يعاني إخوانكم المسلمون من فَقر وجوع وبطالة وتخلُّف؟
وربما سمعتم عن مسلمين لا يسمحون لمسلمين ولدوا على أرضهم وعاشوا، أن يتعلموا في جامعاتهم! أو سمعتم عن مسلم لا يستطيع أن يشتري هاتفاً في بيته إلا بإذنٍ من كفيله المسلم! وفي المسلمين من يعيِّرون إخوة لهم في الدين بجنسِهم وعِرْقهم وأصلهم ولهجتهم ولونهم!
مؤسف ما نقول ومحزن! وعار عليهم أن يكونوا بهذه النفسيات!
فإن لم تكونوا حماية لبعضكم كالبنيان، فأنتم مهزومون بلا شك!
وهذا ما حدث فعلاً، أحوالكم لا تسرّ إلا العدو!
حسناً، أتعلمون أن جاراً لكم قد يبدو عليه أنه ليس في حاجة ولكنه في أمسِّ الحاجة، ويبيت الأيام والليالي ولا يوجد في بيته ريال أو درهم أو دينار؟
قالت يوماً سيدة: تمنيتُ لو أنني كنت أعيش في عصور الإسلام القديمة التي كان الأخ فيها يشعر بضيق أخيه، ليطرق طارق بيتي وينصرف، فأفتح الباب فأجد كيساً من النقود! المضحك في الأمر أنني تفاءلت بشدة وأحسنتُ الظن بإخوتي وجيراني كثيراً، فتخيلتُ حدوث ذلك في زماننا هذا، ولكنه طبعاً لم يحدث!
أين أنتم من حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): "كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه"؟!
أيها المسلمون: كيف تحلو لكم الحياة أو تطيب؟ كيف يمكنكم أن تأكلوا وتشربوا وإخوة لكم جياع؟ كيف تسافرون وتتمتعون وتتنزهون وصرخات مَن في الأَسْر وتحت الحصار يسمعها الحجر والشجر؟ كيف تنامون وجاركم مريض لا يجد ما يتعالج به، أو أخوكم قهرته ديون ومشاكل؟
كيف وربكم واحد لا إله إلا هو، وكتابكم واحد, ونبيكم واحد ودينكم الإسلام؟
إن من تجمعهم هذه الروابط سماهم الإسلام إخوة، وأخوّة الإسلام هي الأقوى، وما أعظم ما للأخوّة من واجبات!
- لهم الحب من أجل الله.. لهم تحية السلام وإجابة الدعوة والنصح والعيادة في المرض واتباع جنائزهم.
- لإخوانكم المسلمين عليكم أن تنصروهم ولا تخذلوهم ولا تظلموهم.. هكذا تعلمتم في مدرسة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).. أم أنكم نسيتم؟
- لهم أن تواسوهم وتحسنوا عِشرتهم، وتتفقدوا أحوالهم، وتتلمّسوا حاجاتهم وتقضوها دون أن يطلبوا منكم أو يسألوكم.
- لهم طِيب الكلام والمَبْسم، والبشاشة في الوجه والفرح باللقاء، ولِين الجانب وإقالة العثرات...
- لهم المودة والرحمة والعطف...
لنكون جميعاً كما صوّرنا رسولنا (صلى الله عليه وسلم): جسداً واحداً..
ثم..
لتفوزوا ونفوز معكم بحماية الله لَنْا مِنْ شمس محرقة يوم لا ظِلََّ إلا ظله.. لنفوز معاً بمكانة يغبطنا عليها حتى الأنبياء: «إِنَّ مِنْ عبادِ اللَّهِ أُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمكانهمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ولا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ . وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنون).
يا مسلمون.. يا إخوتنا.. قد يثقّل ميزان أحدكم ما قدمه لأخيه المسلم من نفع أو قضاء حاجة أو كلمة طيبة أو صدقة أو تَفسَّح له في مجلس..
ما رأيكم بالإيثار؟! نعم، هكذا كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، أفلا تقدرون على ذلك يا أحباب رسول الله؟
الإمضاء: إخوانكم المتألمون المحبون
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة