قد علمنا ورأينا
أجمل ما في صورك يا صديقتي قصصها.
• تعالي أريك هذه الصورة إذن، إنها رواية.
• ما هذا؟! هل هي نفايات وفضلات طعام؟
• إنها فضلات يوم واحد لمكان واحد يضم عدداً من الموظفات لا يزيد عن أربعين موظفة... كوّمتُها كما ترين وصوّرتُها، فأصبحَتْ جبلاً ارتفاعه متران!!
• غريبة عجيبة أنت! ماذا تريدين بالفضلات؟ هل خلت الدنيا من الأشياء القابلة للتصوير؟
• قلت لك، إنها عدستي الحساسة التي تتألم عندما ترى ما يؤلم.
راقبت الوضع في المؤسسة يوماً واحداً من الصباح وحتى الغداء، فوجدت أنه في نفس اللحظة التي تعلو فيها الأصوات اختلافاً على أصناف المأكولات التي سيتم شراؤها من هذا المطعم أو ذاك، ثم تشبع البطون حتى التخمة، يموت ناس من الجوع في أماكن كثيرة.
أرأيت يا صديقتي موت الناس جوعاً في مخيم اليرموك المحاصَر؟! كيفَ ونحن نأكل الوجبات مع المقبلات والمرطبات؟! أم إن كثرة الشبع أفقدتنا الإحساس؟
أطفال وشيوخ خوت أمعاؤهم أياماً وأسابيع وشهوراً وما سمعنا بهم حتى ماتوا!
أتظنين الجوع من فقر الموارد؟ بلادنا الإسلامية ليست فقيرة، فيها المياه والمعادن والغاز والنفط والبشر...
لكنه سوء توزيع هذه الثروات يا عزيزتي، فاستحوذت فئة معينة في كل بلد على موارد الشعب، لعلهم يتعمدون أن يفعلوا ذلك، لتنشغل الشعوب بالبحث عن اللقمة، فلا يتعلمون ولا يتطورون ولا يفهمون ولا يطالبون بأي حق.
نعم، سنظل نفتخر ونعتز وننادي أجدادنا الميتين العادلين الرحماء، تعال انظر يا عمر بن الخطاب، أيها الخليفة الفذ، لم يتعظ أحد يوم أن عرضوا عليك كسوة الكعبة بالحرير، فقلت أيها الحنون: «بطون المسلمين أولى». تعال وانظر بطون كثير من المسلمين
وأين أنت أيها العادل عمر بن عبد العزيز؟ حتى الطير شبع في عهدك! ماذا ستفعل لو علمت أن مئات الملايين من المسلمين جائعون؟ ما أنت فاعل لو سمعت طفلاً صغيراً يبكي ويقول: أنا جوعان، أنا جوعان
أتخيلك والله، أتخيلك انتقمت ممّن جوّعه، وأتخيل قوافل الخير التي ستشبعه ومن معه.
• اسمحي لي أن أقاطعك، الخير في الناس كثير، فالجمعيات والهيئات الخيرية تغيث الـ...
• (مقاطعة) الجمعيات والهيئات!! أين الحكومات؟!
والسؤال الأهم، لماذا الجوع في بلادنا أصلاً؟ والسؤال الثالث: حصل الجوع، لماذا لم تحلّ مشكلته منذ سنوات طويلة، بل إنه في ازدياد
ماذا والاقتصاد الإسلامي ليس له مثيل لو استُعمل للتنمية؟ لماذا وإسلامنا نادانا بالرحمة والشفقة والتكافل؟ لماذا وإسلامنا حفظ كل الحقوق؟ لماذا ورسولنا العظيم يقول: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به» (رواه الطبراني وصححه الذهبي والألباني)؟ وقد علمنا، رأينا، وسمعنا
لو دُفعت زكوات الأموال فقط بحق ما جاع إخواننا! لو تمّ استغلال الطاقات والموارد بالعدل ما جاع إخواننا! لو عملنا على الاكتفاء وتوقفنا عن التسوّل والتذلل للغرب ما جاع إخواننا! لو علم أغنياؤنا أن للمحرومين حقاً واجباً في أموالهم وليس تفضّلاً، ما جاع إخواننا
لو عوقب الظالم الباغي ونُصر المظلوم ما جاع إخواننا!
.... تبكين يا صديقتي؟ أظنني سأبكي معك!!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة