هل أنتِ حرّة؟
نعم، لا، نوعاً ما، أتمنى أنا حرة... أنا حرة... أنا حرّة...
ألستِ ممن يرفعون هذا الشّعار مبدأً إنسانياً شريفاً ؟ هل تريدين أن يتحقّق هذا المطلب لتصبحي حُرّة ؟
نعم، بالتأكيد، كُلّي رغبةٌ وشوق ولكن ... كيف ؟!
تعالَي معي... عزيزتي... نمشي خطواتٍ ثابتةٍ نحو الحريّة ...
ردّدي معي بصوتٍ عالٍ حتى يسمعك الجميع... لا إلهَ إلا الله ... لا إلهَ إلا الله
هلاّ ردّدتن معنا أيتها القارئات الكريمات ... لا إلهَ إلا الله ... لا إلهَ إلا الله هل شعرتِ بها؟ ...
كلمةُ التوحيد ... ما أعظمها من كلمة... تتغلغل في الأعماق ... تفتح القلوب ... تحيي المشاعر ...
لا تظنّي أنّني أتهرّب من الإجابة عن تساؤلاتكِ حول موضوع الحريّة ... فما ردّدتهِ الآن هو إعلانٌ صريحٌ لحريّتكِ... إعلانٌ لم تمنَحكِ إيّاه هيئة الأمم المتّحدة ... ولم تهبْك إياه لجنة حقوق الإنسان العالمية ... ولم تُقِرّه لكِ الشرائع الدولية ... إنه إعلانٌ أثبته لك خالقكِ جلّ وعلا ... لا تستعجلي ... ولا تستغربي ... رويدكِ... سأشرح لك ... لكن أولاً اعذري طمعي وأعطيني السّمعَ والقلبَ والعقل ...
أعلمُ أنكِ تحبّين ( المشاوير ) فما رأيكِ بنزهةٍ خفيفةٍ نجولُ بها على أهلنا وأحبّائنا؟...
هيا بنا... هل ترينَ ذاك البيت الصغير؟ يعيش فيه أبٌ وأمٌ وشابٌ وشابّة ... كلُّ واحدٍ منهم، يتظلل تحت خيمة الحريّة ... تعالي نسأل عن أحوالهم ... الأب عاطلٌ عن العمل إلا من قليل... يكره أن يجهدَ نفسه ... تزوّج حتى يستمتع ... أنا حرّ ... دائماً يردّدها ... عمله القليل ليصرفَ على ملذّاته... وإذا أنفق على بيته فيُمنّنُ ويؤذي ... أترينهُ حرّاً؟
والأم ... صباحها تمضيه في الاستقبالات ... ومساؤها في السهرات الممتعات ... مع إشراقة كل شمس وِرْدُها في الصالونات ... ومع غروب كلّ قرص زيارات وعلاقات ... أنا حرّة ... دائماً تقولها ... لا تحبّ البيت تحسبُهُ سجناً ... ولا تتقِنُ التربية وتعتبرها هدْراً وتندم على الإنجاب وتعتقد أنها غلطة ... أترينها حرّة ؟
أما الشاب والفتاة ... ففي الجامعة ... الدوام الصباحي نصفان ... نصفٌ في الكافيتريا والنصف الآخر رُبعَان ... ربُعٌ على مقاعد الدراسة... وربعٌ استجمام وراحة... وفي المساء... وِرْدُ الانترنت ووِرد الشاشة الفضيّة ... أما الانترنت ... فمتعةٌ وإثارةٌ وتشويق ... من موقع إلى موقع ... ومن دردشةٍ إلى دردشة ... أفكارٌ تروح وتجيء ... وصُورٌ تُضحكُ وتُبكي ... وأحاديث لا طعم لها ولا لون ... اللهم إلا لون الخوف والريبة وطعم المرارة والبؤس... والشاشة الفضية ... وما أدراكِ ما الشاشةُ الفضيّة؟ عددي معي مناقبها ومآثرها: فيديو كليب وغنيّة... حبّ وغرام وعفوية ... قصة شبّ وصبية... مسلسل (أختي مين هيي ؟)... سوبر ستار الأمة العربية... وصار للستار أكاديمية ... ملكات جمال الألفية ... مفتاح الكنز غنية... اتصل على صفر صفر صفر وإلك من الدولارات ميّة... مظاهرة رأي سلمية... وسياسي عالي التقنية... مثقف لا وجه ولا هوية... واعذروني حكيت بالعامية... وهما يشاهدان ويشاركان ويتفاعلان... ويردّدان دائماً... نحن أحرار... نحنُ أحرار... ليس للوالد أن يشكّ فيقطع دابر الظنّ باليقين ... فهذا اختراق صارخ للحرية وعدم ثقة ...ليس للأم أن تتنبأ فتبحث لتطمئن وتستريح... فهذا اعتداء على الحرية ... واستباحة الحرية الشخصية... ليس لهما أن يسألا ... ولا يحق لهما أن يتتبّعا... وممنوعٌ عليهما أن يلاحظا... وليس عليهما أن يقلقا أو يخافا ... تلك هي الشعارات التي يرفعانها تحت خيمة الحرية ... فنحن أحرار ... نحن أحرار ... دائماً يردّدانها... لا للمراقبة ... لا للمتابعة ... لا للملاحقة... أترينهما حُرّان ؟!
لا تقولي: هذا نموذج مبالغٌ به ...ذلك أنّ الحريّة المطلقة إذا برزت عنواناً للبيوت كانت هذه النتيجة حتماً ... وكم نرى تحت هذه اللافتة من ضحايا !!
اعذري طمعي مرةً ثانية ... فأنا أحبُّ أن أسمعكِ تردِّدين مراراً وتكراراً مدوّية ... لا إلهَ إلا الله... لا إلهَ إلا الله الآن ها أنتِ حرة... حرةً من كل عبد ... حرةً من كل مخلوق... حرةً من كل هوى... حرةً من كل رأي... إلا ما كان لله... حرةً لله خالصة مخلصة... ليس لأحدٍ عليك عبودية... ليس لمخلوقٍ عليكِ سيادة... حرة حقاً لأن عبوديتك لله وحده...
هل شاهدت (تمثال الحرية)؟ هل سمعتِ عن (شعلة الحرية)؟
هناك... في تلك البلاد... جعلوا الحرية صنماً أبكمَ لا يسمعُ ولا ينطق... لا يقدرُ على شيء ... ميّتٌ جامدٌ لا يأمر ولا ينهى... تلك هي الحرية عندهم... معنى مجردٌ أصم... جامدٌ قاسي... لا ينفع ولا يرفع... حرية الشكل والشّعار... عبودية الفكر والمعنى... أما عن (شعلة الحرّية) فقد أحرقوا بها العالم فصار رهينُها... هي الحاكم والسجّان... تحكم على لسان البعضِ لِتسْجُن الكل... لا إلهَ إلا الله... مفتاح الحرية... دائرة الحرية ضيّقة حرجة لا تتسع ولا تنفرج إلا بـ : لا إلهَ إلا الله اخرجي من دائرة نفسكِ...
أعتقيها بـ (لا إلهَ إلا الله) وسِّعي حلقاتها... إسمعي عزيزتي ملخص رسالة الإسلام... وافتخري... وكوني حرّة... (لقد ابتعثنا الله لنُخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله ربّ العباد)
أزيدك... فتأملي... (لا يكونُ العبدُ عبداً إلا إذا صار مما سِوَى الله حرّاً) من نفسه وهواه... من شهوته ورغبته... من ميله ولذّته... من مصلحته وأنانيته... إن الحرية نارٌ من استعملها بحقّها أنارت له الطريق... ومن استعملها بغير حقّها أحرقته وأكلت من حوله... الحرية جوهرةٌ ثمينة إذا ما كُشِفت تراكم الغبار عليها وذهب رونقها. وغطاؤها: الشريعة، والفضائل، والأخلاق، والقيم، والنّظم أختي الطالبة...
حريتك هي داؤك و دواؤك...
داؤكِ: إن خلَّيتها عن تبِعاتها من جزاءٍ وحساب...
ودواؤكِ: إن تشربت مقاصد الشريعة العزّاء...
حكِّمي: منطق العقل ومبادئ الأخلاق ومصالح الناس ونظام الخلق وقوانين الوجود ولا يكن في نفسكِ حرجٌ من أن تنزلي على حُكمهم... فهم لجنةٌ عادلة... فطرها الله على الإنصاف... داؤك قريبٌ منكِ...ودواؤكِ بين يديكِ...
فهل علمتِ كيف تصبحين حرّة؟!
وأهمسُ - أخيراً- في أذنيك كلمة... فاسمعيها... وتدبّريها... فإنها نصيحةٌ من قلبٍ محبّ شفوق... (الأصل في الإنسان الحريّة، وأي رِقّ طارئ عليه تجب إزالته... أيا كان هذا الرق... رقاً مادياً... رقاً فكرياً... رقاً اجتماعياً... رقّاً سياسياً...) فحافظي على نعمةِ الحرية الغالية... فهي هبةُ الله إليكِ... فاهنئي بها وافرحي... وعشتِ على الدوام حُرّة..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة