الأمم المتحدة أحرص على الطفل من والديه
بقلم: كاميليا حلمي*
ما هي قواعد التربية التي يتوجب على كل أم وكل أب أن يتعلمها ليحسن إنبات أبنائه وتربيتهم تربية صالحة فيكونوا ذخراً للأمة وأعمدة ترتكز عليها في نهضتها وتقدمها؟
اعتدنا أن نجيب على هذه الأسئلة باستدعاء قيمنا ومخزوننا الثقافي النابع من ديننا الإسلامي الحنيف.. ذلك الدين القيم.. الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. المتغلغل في عروقنا وخلايا أجسادنا .. ولكن .. لم يعد هذا متاحاً الآن للأسف.. فمخزوننا الثقافي وديننا القويم صارا يُعدان من منظور الشرعة الدولية «إرثاً بالياً»، و«تقاليد وممارسات ضارة» و«قوانين تمييزية» يتوجب علينا أن نتبرأ منها إذا كنا ننشد السلامة، أو نود اللحاق بقطار الحداثة!
لقد قررت هيئة الأمم المتحدة أن تلعب دور الوصيّ على الطفل.. قررت أن تحميه من أمه وأبيه، وأن تتدخل بكل قوة وحسم بين الأب وأبنائه.. لتضع إطاراً يحدد للأب حدود علاقته بهم، شريطة عدم تجاوز تلك الحدود، وإلا يتعرض للمساءلة القانونية والعقوبة الفورية!
فطفلك يظل طفلاً لا يعي ولا يدرك حتى ينبت شارباه ويبلغ الثامنة عشر.. لا تقل هذا جنون.. لا تقل لم يعد طفلاً.. لا تقل ديني يعتبره رجـلاً.. فالأمم المتحدة قررت أن الإنسان يظل طفلاً حتى تلك السن.. فلا تناقش ولا تعترض.. لأن بلادك وقّعت على اتفاقية أممية دولية لحقوق الطفل نصت على ذلك (اتفاقية حقوق الطفل 1989م).. لتكون شرعةً دولية تحكم حياة الشعوب، بغض النظر عن أية مرجعيات دينية أو ثقافية لتلك الشعوب!
ثم انطلقت تلك الاتفاقية لتضع قواعد كونية تحت مسمى «حقوق الطفل»، وما هي بحقوق، بل هي السم الذي به يُغتال أطفالنا ومستقبل أمتنا .. فمن تلك الحقوق الموهومة: أن يلجأ إلى الشرطة إذا تجاوز والداه حد «النصيحة» و «تدخلا في حياته الشخصية».. وماذا لو تجرأ الأب على مساءلة ابنه أو التدخل في «خصوصياته»؟ تأتي الاتفاقية بالرد الفوري: «للطفل حق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس (اتفاقية حقوق الطفل - المادة 16/2)!
هكذا.. تُرفع يد الوالدين عن الطفل لتنفرد به تلك الاتفاقية الخبيثة، وتفسح له المجال واسعاً، بل وتجعله فرضاً على الحكومات أن تعلم الطفل كيفية التوقي من حدوث الحمل غير المرغوب فيه! وذلك عن طريق تقديم وسائل تنظيم الأسرة ضمن برامج الرعاية الصحية للأطفال!!
تلك هي الأمم المتحدة، التي تنافح وتكافح من أجل إعطاء «الطفل» وبالتحديد «الطفلة الأنثى Girl Child» الحق في أن تقرر متى وكيف تصبح «ناشطة جنسياً»! وإعطاء تلك «الطفلة الأنثى» «الحق» في أن تجهض ما سكن في رحمها من حمل السفاح، إن هي أرادت أن تتخلص منه!
أليست تلك الأمم المتحدة التي نصبت نفسها راعياً للحريات وحامياً لحمى الضعفاء والمهمّشين.. هي نفسها الهيئة التي تغمض العين وتسد الآذان عن انتهاك أهم وأول حق من حقوق الإنسان التي طالما تشدقت بها، وهو الحق في الحياة؟! ماذا فعلت الأمم المتحدة لتنقذ أطفالنا في سوريا وفي غزة وفي غيرها من بلاد المسلمين من القتل ذبحاً أو تقطيعاً أو حرقاً؟
يكتفي المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة بالوقوف موقف المتفرج من قتل أطفالنا ونسائنا في سوريا وغزة وبورما وغيرها. فكل ما يتعرض له الأطفال فيها من مجازر لا يعني الأممَ المتحدة في شيء.. ولا يحرك فيها ساكناً.. فقط بيانات وشجب وفرقعات إعلامية.. و«قلق شديد» يشعر به أمينها العام.. فموت أطفال العرب والمسلمين لا يعنيها.. في حين تقيم الدنيا ولا تقعدها لو أن فتاة في بلد إسلامي تزوجت زواجاً شرعياً كريماً تحت سن الثامنة عشر.. ويقولون هذا عنف ضد «الطفلة الأنثى» و«اتّجار بالبشر»؛ أما تلك التي قررت أن تصبح «ناشطة جنسياً» فهي تمارس حقاً من «حقوق الإنسان»!!
فأيّ مصداقية لتلك المنظمة الدولية ذات المعايير المزدوجة؟! وهل لا زال هناك من يرى أنها أُسست من أجل نصرة الضعفاء والمهمشين وإقرار السلام في العالم؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* متخصّصة في الاتفاقيات الدولية، وحائزة على بكالوريوس في الهندسة.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن