العالِمة النابغة: فاطمة... شيخة العلماء والمفتين
فقيهة، محدِّثة، ولغوية بارعة، تُعتبر عَلَماً من أعلام مكة، فضلاً عن كونها عَلَماً من أعلام علماء الحنابلة فيها... رويت لها مناقشات بقلمها انتقدت فيها أبا سعيد الأخفش النحوي الشهير، ولها تعاليق علـــى شروح: «غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى» للكَرْمي الحنبلي، و«حواشي الشيخ منصور في الفقه الحنبلي».
هي فاطمة الزبيرية، وهي فوق هذا خطّاطة بارعة ... تعلّمت الخط من صغرها؛ فكتبت كتباً كثيرة في فنون شتى، وعُرِف خطها بأنه حسن، منور، مضبوط. ولقد كتبت المصحف الشريف بيدها في مكة المكرمة، ودوّنت على مخطوطتها للقرآن الكريم ما يأتي: ((صدق الله العظيم وبلّغ رسوله الأمين... تشرّفت بكتابة كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل، وكتبته بيدي الفانية لنفسي البالية، وأنا الفقيرة إلى رحمة الله ومغفرته.. أمة الله ونزيلة بيته المحرم. فاطــمة بنت حمد الزبيرية الحنبلية في منزلي عند باب الزيارة بمكة المكرّمة في النصف الأول من ليلة القدر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وعشرين ومائتين بعد الألف... أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن قُبل صيامه وقيامه، وأعتق رقبته من النار (الحمد لله وحده)). ومخطوطة المصحف محفوظة في مركز سعود البابطين الخيري للتراث.
نَسَبها ومولدها
هي ابنة حمد الفُضَيْلي، ترجم لها مفتي الحنابلة الشيخ محمد بن حميد النجدي إمام وخطيب الحرم المكي المتوفى سنة 1225 هـ، في طبقاته بقوله: ((الشيخة فاطمة الصالحة العالمة العابدة الزاهدة، ولدت في بلدة سيدنا الزبير (وهي إحدى مدن العراق) قبيل المائتين والألف، ونشأت بها، وقرأت على شيوخها)).
مِن شيوخها
تتلمذت على يد الشيخ إبراهيم بن ناصر ابن جديد الزبيري النجدي الأصل الذي يعدّ مرجع أهل مدينة الزبير في الفتاوى في ذلك الوقت، وتولّى القضاء فيها عام 1211هـ بدون مرتب؛ فأخذت عنه التفسير والحديث ثم أخذت عنه أيضاً فقه الحنابلة.
تدريسها
كان لهذه السيدة درس في الحرم المكي تلقيه على تلاميذها، بالإضافة إلى درس للرجال والنساء داخل خيمة نصبتها في صحن بيتها؛ حيث كان يجلس الرجال خارجها، وتحتجب هي داخل الخيمة مع النساء.
من أهم مآثرها
أوقفت جميع كتبها على طلبة العلم من الحنابلة، وجعلت (الناظرَ) أحدَ معارفها من بلدة الزبير، وهو الشيخ محمد الهديبي، وظلت الكتب لديه إلى أن قرر الانتقال الى المدينة؛ فتورع عن إخراجها من مكة؛ فتركها عند خادمتها (شائعة بنت النجار) وأولادها. ثم أرادت شائعة الخروج أيضاً إلى المدينة؛ فأُشير عليها بأن تبقي الكتب الموقوفة في مكة، إلا أن أولادها قالوا إن الواقفة لم تشترط ذلك فأخذوها معهم، وبعد وفاتهم تفرقت تلك الكتب.
ملازمتها الحرم المكي
زارت مسجد الرسو صلى الله عليه وسلم، وعادت إلى مكة فأقامت بها في (باب زيادة) في بيت ملاصق للحرم المكي الشريف تُرى منه الكعبة، وعزمتْ على الإقامة فيه حتى الممات؛ فتردّد إليها علماء مكة حيث سمعوا منها وأسمعوها وأجازتهم وأجازوها، خصوصاً الشيخ عمر
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة