الصلاة مفتاح الفرج
عجبت وأنا صغيرة حين سمعت أول مرة قول النبي عليه السلام عن الصلاة: “أرحنا بها يا بلال”، ظننت أني سمعت خطأ، والصواب: “أرحنا منها”! أي دعنا نصلي لنطمئن من قيامنا بهذا الواجب ونلتفت بعدها لمعاشنا. وبقيت على هذا الاعتقاد زمناً مصدقاً لقوله تعالى: “إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً”، فالصلاة تكليف شاق على النفس، ولذلك يتقاعس الناس عنها.
وكبرت، وقرأت: “وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين”، فأدركت أن المؤمنين حقاً يسعدون بالصلاة لما تزودهم به من المشاعر الإيمانية، فيشعرون بالقرب من الله، ويستمدون القوة التي تعينهم على مواجهة صعوبات الحياة: {إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعَاً، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُ جَزُوعَاً، وَإِذَا مَسَّهُ الخيرُ مَنُوعَاً، إِلا المصَّلينَ، الذِّينَ هُم عَلَى صَلاتهِم دَائمُونَ}[1].
وإن أفضل ما يستعان به على تحمل مشقات الدنيا الصبر والصلاة: {يَا أيُّهَا الذِّينَ آَمَنُوا استَعينُوا بالصَّبر وَالصَّلاة}[2]، والمصلون الخاشعون ييسر الله لهم ما يصعب على غيرهم، ومصائبهم تهون عليهم لأنهم يواجهون البلاء والمشكلات في معية الله. ولما سخر أهل مكة من النبي عليه السلام علم الله ما اعتراه من غم وانقباض، فأرشده إلى الصلاة: {وَلَقَد نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدينَ}[3]، قال المفسرون: ومعلوم أنه في الإقبال على التسبيح والصلاة استنزال الإمداد الرباني بالنصر والمعونة، والالتزام بالصلاة من الأشياء التي تزيل الهم والحزن. وإن تسبيح يونس كان سبب نجاته من البلاء؛ داوم على الصلاة ففرج الله كربته وأخرجه من بطن الحوت: {فَلَولا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسَبِّحينَ للبثَ في بَطنِهِ إِلى يَوم يُبعَثُونَ}[4].
وأنا مررت بذلك مرات ومرات: “أكون في ضيق وكرب فأصلي، وكلما قلت: الله أكبر، أستشعر بأن الله حقاً أكبر من كل شيء فعلام الحزن ولم الخوف، الله أكبر فهو وليي ومدبر أمري، وحين أقرأ: (إياك نعبد وإياك نستعين)، أحس بالاطمئنان الشديد لأني استعنت بمن بيده الحكم وتوجيه الأمور، وحين أنتهي تلفني السكينة وأشعر بقوة بأن الله لن يخذلني”.
وللصلاة فوائد أخرى، قال المفسرون: “من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه في النهار، وللمصلين نور في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس”، والدليل: {سيمَاهُم في وُجُوهِهِم مِن أَثَر السُّجُودِ}[5].
الصلاة قد تكون ثقيلة على الجوارح ولكنها خفيفة على الروح؛ لأنها آيات وأدعية تتلى، فإذا حزبك أمر جربي علاجه بالصلاة، واستشعري ما تقرئين، ولا تنسي الدعاء في السجود، وستري كم تخفف الصلاة من همومك وأحزانك.
[1] المعارج: 19، 20، 21، 22، 23.
[2] البقرة: 153.
[3] الحجر: 97، 98، 99.
[4] الصافات: 143، 144.
[5] الفتح: 29.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة