الرُّضوخ للظُّلم
بقلم: د. ابتهال القسام*
لبنان
بعد يوم مليء بالأحداث المعتادة اليوميّة من عمل وتناول لوجبة الغداء مع العائلة، واستراحة تغسل إرهاق نهارٍ صاخبٍ... اجتمعنا حول التلفاز لسماع آخر الأخبار... علّنا نجد ما يخفف عن كاهلنا أعباء الساعات والدقائق التي قضيناها.. وهنا كانت الصاعقة!! بما يتعلق بقضية ميشيل سماحة وانتفضنا مذهولين.. وعلت أصواتنا بين شجبٍ واستنكارٍ واستغراب..
حتى ابني الشاب (15 عاماً).. ثار كالبركان يهذي تارة ويصرخ تارة أخرى، وسالت دموعه تحرق مجراها في قلوبنا جميعاً.. تحرق إيماننا بوطننا الذي طالما أحببناه ووثقنا بعدالته.. تحرق آمالنا بمستقبلٍ مشرقٍ واعد...
وأصابنا بعد ذلك ذهول... مع صمت قاتل.. وبدأ اليأس يتسلّل لأرواحنا.. لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ وإلى متى سنبقى نشهد الزور ولا نثور إلى متى سنبقى أحجاراً جامدةً أو جثثاً هامدةً.. إلى متى نقول ولا نفعل... وأخذنا نستذكرُ حالَ الموقوفين الإسلاميين في سجون الظالمين بدون محاكمة لعدّة سنوات... وكم يتعرّضون لأبشع أنواع الذلّ والتعذيب.. ونحن صامتون راضخون... ما دام الأمر لا يمسّنا شخصياً... تباً لأمةٍ تأكل جوهرها ولبّها.. تباً لأمّةٍ أصبح ديدنها التصاريح والاعتراف والاشمئزاز والاستسلام غير المشروط لواقع الذل والظلم والاستعباد... مجرم ظالم إرهابي في سجن خمس نجوم، وبعد ذلك يحكم عليه بالبراءة من شياطين العدل المزيَّف.. وأبرياء وراء قضبان الاستبداد قابعون... واأسفاه على حال تُدمي الفؤاد، ونحن والله بصَمْتنا أسوأ حالاً.. نتجرَّع كأس المهانة ألواناً ألواناً.. ودائماً التبرير موجود.. حتى لا تتفجّر الساحة الوطنية.. حتى تمنع الفتنة... وأي فتنة أعظم من ظلم استشرى في كل مؤسساتنا، وأي فتنة أعظم من أن يُهان البريء ويُكافأ القاتل والعميل..
الله أكبر.. على كل ظالم.. الله أكبر على قلوبٍ تصلّبت من تكالبها على قذارة دنيا فانية.. إنها دعوةٌ للثورة على ظُلْم أنفسنا أولاً؛ لأننا رضخنا للظلم الذي حَرَّمه ربُّ الأرباب على نفسه... فهل من سامع للصوت قبل أن يأتي الفَوت؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* طبيبة مِخْبرية، حفيدة العالِـم المجاهد الشيخ عزّ الدين القسّام رحمه الله.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن