جائزة مليون دولار!!!
كتب بواسطة بقلم: سهاد عكيلة
التاريخ:
فى : المقالات العامة
660 مشاهدة
جائزة مليون دولار!!!
لأفضل مسلسل عربي في رمضان
بشرى سارة:
أُزيل خَطّ الفَقر من خارطة العالم الإسلامي؛ إذ صار جميع المسلمين فوقه، ولم تعد هناك بطالة، وتطوّرت وسائل التعليم، وتم القضاء على الأمية، وتركّز الاهتمام على دعم عمليات البحث العلمي، وأصبحت الخدمة الطبية في مستشفياتنا ممتازة؛ فلم يعد هناك مرضى يموتون عند أعتابها، وأُتيحت فرص تزويج الشباب المحرومين على نطاقٍ واسع، أما أعداؤنا فقد ولَّوا صاغرين ولم تعد هناك حاجة لدعم حركات الجهاد في سبيل الله، وأهل غزة لم يعودوا محاصرين؛ فقد رَحِمتهم الشقيقة المصرية وفتحت لهم القلوب والمعابر...
واكتفت الأمة لدرجة أنّ أموال الزكاة أصبحت مكدّسة في خُزُن حكومات بلاد المسلمين لا تمتد إليها الأيدي الأثيمة، ولا تجد مَن يأخذها... تماماً كما حصل في عهد الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز الذي حكم أمة «تمتد حدودها من الصين شرقاً إلى باريس غرباً، ومن حدود سيبيريا شمالاً، إلى المحيط الهندي جنوباً، ومع ذلك فقد جمع الزكاة فلم يجد مسكيناً واحداً يأخذها، وفاض المال في بيت مال المسلمين، فأصدر أمراً بأداء الديون وقال: «اقضوا عن الغارمين» فقَضَى ديون الناس وما زال المال فائضاً، فأصدر أمراً بإعتاق العبيد من بيت مال المسلمين، فأُعتق العبيد وما زال المال فائضاً في خزينة الدولة، فأصدر أمراً بتزويج الشباب وقال: «أيما شاب أراد أن يتزوج فزواجه على حساب بيت مال المسلمين» تزوج الشباب وبقي المال»(1) .
كانت تلك أحلام يقظة يبدِّدها الواقع الأليم... فعهد الخليفة الراشد الخامس يختلف عن عهود النكبات والنكسات؛ إذ يصرف حكّامنا أموالنا ليس في قضاء ديون الناس، ولا في فكّ الرقاب، ولا في تزويج المعسرين من الشباب... وإنما في أشياءَ أُخَر...
فقد خصّص حاكم إمارة في دولة خليجية جائزة أربعة ملايين درهم (نحو 1.09 مليون دولار أميركي) لأفضل مسلسل عربي في (رمضان 1430)؛ وقال مستشار ذلك الحاكم الإعلامي في بيان وصل وكالة الأنباء الألمانية: «إن المؤسسة - الراعية للجائزة - ستُجري استفتاءً جماهيرياً حول برامجها ومسلسلاتها في شهر رمضان لمعرفة أفضل عمل درامي تابعه الجمهور العربي ليحصل على الجائزة».
يأتي هذا القرار في الوقت الذي تصدر فيه التقارير الإقليمية والأممية لتصف واقع حال شعوب العالم العربي التي اعتبرها تقرير التنمية البشرية لعام 2009 من أكثر شعوب الأرض فَقراً؛ حيث لا يزيد متوسط دخل الفرد السنوي على ألف دولار لنسبة تزيد على 70٪ من سكان العالم العربي. وتقول مجلة «الإيكونوميست»: إنّ في العالم العربي بعض الحكومات الغنية، ولكن غالبية شعوبها فقيرة، والأميّة – كما تؤكد تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية منذ عام 2002 وحتى الآن - تصل نسبتها إلى 55٪ من عدد السكان العرب(2)، ووصلت البطالة في المنطقة العربية إلى 40٪(3)، في حين تصل نسبة الإنفاق على عمليات البحث العلمي في العالم العربي إلى 0,3٪ مقابل 3٪ في الدول الكبرى!
إذاً، إنّ نكبة الشعوب العربية تكمن في حكامها؛ فما يزيد عن مليون دولار لأفضل مسلسل عربي والشعوب العربية والإسلامية تعاني الفقر والبطالة والأمية... أفلا يحق لها أن تحاكم هؤلاء على التصرف بأموالها كما يحلو لهم؟
فهذه المليون مقتطعة من أموال المسلمين وأقواتهم، والله تعالى يقول: {وقفوهـــم إنهـــم مسؤولون}؛ فإنه عز وجل سائل كل مَن مكّنه الله لإقامة شرعه، وجعله أميناً على أحوال العباد وأرزاقهم عما فعل فيما استرعاه عليه، يقول تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} (الحج:41)، فليس للحكام حق التصرف وتبديد أموال الدولة في الباطل، بل واجبهم السعي للنهوض بالمجتمعات الإسلامية ولتوفير فُرَص الحياة الكريمة للإنسان المسلم الذي خُطِّط له أن ينشغل في تأمين لقمة عيشه عن المطالبة بسائر حقوقه الإنسانية.
فليعدِّل هؤلاء من مسار الإنفاق في خططهم الاقتصادية، ولا يحتكروا خيرات البلاد التي سخرها الله لعباده كافة وليس لفئة دون أخرى، ولا للحاكم دون المحكومين... ولا يستعملوها في إنعاش معاصي الله، وليخشَوْا أنْ يدخلوا ضمن التحذير الإلهي للكفار: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} (الأنفال:36).
ولتكن الشعوب الإسلامية أكثر وعياً بما يخطَّط ويدبّر في الليل والنهار، ولا تنخدع بتلك الحَمَلات المُلهِية المخدِّرة؛ فمشاركتها في هذا الإثم تعني المزيد من الغفلة والتراجع والتساقط والرضوخ للسكين المسلّطة دوماً على رقاب أبنائها. فلا تقبل أن يكون لها نصيبٌ من صِفات قوم فرعون حيث قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (الزخرف: 54)!
فهذه المليون لو أُرسلت – مثلاً - لأبناء غزة المحاصرين لكَفَتْهم... ولعل من أسوأ ما قرأت في أخبار الحصار مما يُشعِل الصدور غيظاً ويفتِّت الأكباد كَمَداً وحسرة خبراً يحمل عنوان: «هدية رمضان من السلطات المصرية للمحاصرين في غزة»، ومفاده أن الأمن المصري عثر على ما وصفه بأكبر مخزن للبضائع المعدّة للتهريب بالقرب من الحدود مع قطاع غزة. وقالت السلطات المصرية: إنها «أحبطت» أكبر «عملية تهريب» لكميات من البضائع تقدّر بملايين الدولارات عبر الأنفاق من مصر إلى قطاع غزة بعد عثورها على مخزن لتخزين البضائع على حدود غزة بالجانب المصري. وعثرت السلطات المصرية على مخزن آخر على الحدود بداخله مستلزمات حفر وتشييد الأنفاق(4).
لقد استكثرت الشقيقة الكبرى على أهل القطاع بعض الانفراج، في الوقت الذي تزوّد فيه الصهاينة بالغاز الطبيعي بأسعار زهيدة جداً، مُفسحة لهم المجال ليزاحموا الشعب المصري في رزقه ولقمة عيشه!
هذا ما تلقاه الشعوب العربية والإسلامية من حكامها: دعمٌ للفساد بمختلف صوره وأشكاله، ، تنسيقٌ مع الأعداء على حسابها، إغراقٌ لها في المزيد من الفَقر والجهل وانعدام الاستقرار والأمن، تنشئة للأجيال على الاهتمام بسفاسف الأمور وقشورها دون معاليها، وإغفال كل ما من شأنه أن يكفل سبل النهوض والتقدم؛إذ ليس من أولويات الحكومات العربية نهضة الإنسان... وإنما إغراقه في المزيد من الشهوات، وتحويله إلى متلقٍّ مستهلك لا همَّ له سوى اللهو والعَبَث وقتل الأوقات...! وصدق رسول الله [ حين قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»
1. من مقالة بعنوان: «وآتوا الزكاة» للشيخ ناصر بن محمد الأحمد، من موقعه (الأحمد)، بتصرف يسير.
2. «المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام»، شاكر النابلسي، جريدة الوطن السعودية، في العدد 3270 الصادر بتاريخ: 12 أيلول 2009.
3. تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009 تحت عنوان: (تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية)، الجزيرة نت.
4. موقع «فلسطين الحرة».
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
هل تظنُّون؟!
السنوار... رسالة الرمق الأخير
فلْتَكُنِ العربيّة مادّة وازنة!
من شموس المشرقين.. في تاريخ هذا الدين!
فكُن إيجابيًّا