شخصيّة تَسْكُنها الدعاوى الكاذبة والأماني الفارغة، والأحلام المضلّلة
كتب بواسطة بقلم: الأستاذ محمد علي دولة
التاريخ:
فى : المقالات العامة
530 مشاهدة
تَسْكن الشخصية اليهوديَّة مجموعةٌ من الدعاوَى والأكاذيب، وتملؤها أمانيُّ وأحلام يُدَغدغون بها أنفسهم، ويتباهون بها على أمم الأرض وشعوبها، ويزعمون أنَّ الله عزّ وجلّ قد اختصّهم وآثرهم بها على غيرهم. فهذه الدعاوَى والأحلام والأمانيُّ غَدَت تشكل مَعْلماً رئيساً من معالم شخصيتهم!!
وسأتناول فيما يأتيثلاثة مزاعم من مزاعم القوم، وأبيِّن زَيفها، وافتقارها إلى أيِّ دليل يُصدِّقها:
1. إنّهم يعتقدون بأنهم الشعب الأول والأسمى، والوحيد من بين شعوب الأرض; فهم (شعب الله المختار) و(الشعب المقدَّس) و(الزَّرْع المقدس) وهم (أبناء الله وأحِبّاؤه) و(الأمة العشيقة لله) وهم (أمة نبوّة وكَهَنوت) وهم (الشعب الأبديّ) الذي اختاره الله (ليكونوا له شعباً خاصّاً فوق جميع الشعوب التي على وجه الأرض) و(كلُّ اليهود مقدّسون، وكلُّ اليهود أمراء... لم تُخْلَق الدنيا إلا لبني إسرائيل! لا يُدعى أحدٌ ابناً للرب إلاّ إسرائيل.. ولا يحب الله أحداً إلاّ بني إسرائيل! كما زعم الحاخام (عكيفا)، وهو أحد أحبار اليهود قديماً.
وكل هذه الدعاوى والأسماء والأوصاف لم تنزل في كتاب، ولم يصرِّح بها نبيٌّ، إلا ما جاء في القرآن الكريم بأنّ الله قد فضّلهم على العالمين؛ والمراد على زمانهم كما قال المفسِّرون، لا ما جاء في سِفْر التثنية من أنَّ الله قد اختارهم (ليكونوا له شعباً خاصّاً)، وأصل هذا الكلام هو ما جاء في أسفارهم في تفضيلهم على شعوب زمانهم إنْ حقَّقوا شرطَ الله عليهم وهو الإيمان والعمل الصالح، لكنهم لم يحقِّقوه أبداً.
وقد بيَّن القرآن الكريم زَيْفَ دَعاواهم هذه، وقال لهم: (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ...)، هذا وإنّ الإنسان ليَعجب أشدَّ العجب من شَعْبٍ اختاره الله وأحبَّه ورفعه فوق كلِّ الشعوب، ثم أنزل به من البلايا والكوارث والضربات والإهانات والطَّرْد ما لم يُنزله بشعبٍ آخر!! ألفان وخمسمائة سنة أو تزيد والمصائب تنزل فوق رؤوسهم، والقتل والاضطهاد لا يفارقهم، ويزعمون بعد ذلك ما يزعمون!
ولقد عَجِب من دعاواهم هذه واحدٌ من رجالاتهم المشهورين عالمياً، وهو عالِم النفس (فرويد)، فقال: «مِنْ أين تَأَتّى لهذا الشعب الصغير البائس والعاجز صلَفُ الادّعاء بأنَّه الابن الحبيب للربِّ»؟!!
وإنّ الإنسان لَيَعجب كثيراً من تباهيهم بأنَّهم (أمة نبوّة)، وقد كان موقفهم من أنبياء الله الكرام موقفاً خسيساً مَحْقوراً؛ فهم لم يتَّبعوهم ولم ينصروهم، بل آذَوهم وشاقُّوهم، وكذّبوا فريقاً منهم وقتلوا فريقاً آخر، حتى لقد وبَّخهم نبيُّهم إرميا - الذي لحقه منهم مِنَ الأذى ما لحقه - على ذلك بقوله لهم (أكَلَ سيفُكم أنبياءَكم)!!
وقال مؤرخهم القديم يوسيفوس: «إنني لا يمكن أن أفكِّر في سبب لهذا - أي لهذا القتل والدمار والطرد الذي نزل باليهود قديماً – إلاَّ أنَّ الله قد حكم بخراب هذه المدينة النجسة».
2. ومن أمانيِّهم الفارغة وأحلامهم المضلِّلة، أنَّ الله لن يتخلّى عنهم أبداً مهما فعلوا!! فهو سوف يعيدُ لهم اعتبارهم، وسوف يعطف عليهم من جديد، وسوف يَحُولُ دون تسلُّط الشعوب عليهم، ويوقف عقوبته الدائمة لهم التي استحقّوها، ووردت في الذكِّر الحكيم: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ).
وهذه أمانٍ فارغةٌ وآمالٌ كاذبة بثُّوها في أسفارهم وخدعوا بها أنفسهم زماناً طويلاً. إنَّ الله عزّ وجل يعامل جميع الناس على أعمالهم وليس وفق أمانيِّهم، وليس بينه وبين خَلْقه نَسب، فمَن أحسن فجزاؤه الإحسان، ومن أساء فجزاؤه ما يستحقّ: (فََمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). ولقد قال لهم نبيهم «عاموس» على لسان الربِّ عزّ وجل: «إني سوف أحاسبكم على كل ذنوبكم». إنَّ ما يحلم به اليهود من سيادة مستقبلية على أمم الأرض أوهام وأحلام، إذ لا يؤهلهم للوصول إلى تلك السيادة عددٌ ولا قوّة، ولا عمل صالح ولا سيرة حميدة، وقبل كلِّ شيء لا يساعدهم على ذلك قُرْبٌ من الله ولا مرضاة منه سبحانه ليستحقّوها.
3. ومن الدعاوى الكاذبة التي تسكن الشخصية اليهودية: زَعْمهم أنّهم هم وحدهم ذرّية أولاد إبراهيم المعتبَرين الوارثين، وأنَّ البركات التي وعده الله بها من كثرة العدد، ومباركة الأمم به، قد تحققت فيهم وحدهم، وهم فقط الذين يُحبون إبراهيم ويتولَّوْنه ويتّبعونه، وأنه عليه السلام كان على ملّتهم، وهو يهودي قديم!!
وهذه المزاعم زائفة ومردودة؛ فقد رُزق إبراهيم عليه السلام بأولادٍ عديدين، ونَسَل له منهم ذرّية كثيرة، وكان من أبرز أولاده وأكبرهم «إسماعيل» عليه السلام، الذي كان من عرب الشمال العدنانيين، وقد كان عددهم كبيراً، وقبائلهم متعددة، وهم اليوم يزيدون على ربع مليون نسمة، وبهم تحقق وعد الله لإبراهيم بكثرة العدد، ومنهم كان خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم. وهم الذين حملوا الهداية إلى الناس، وأصبح عدد مَن يتّبعون دينهم الآن مليار نسمة، يملأون الدنيا، ويزدادُ عددهم في كل يوم، بينما نسله من الذين يُطْلقون على أنفسهم اسم «اليهود» قليلٌ جداً، فهم قد أغلقوا باب الدخول في دينهم منذ زمن بعيد!!
أمّا أنَّ اليهود هم الذين يحبون إبراهيم عليه السلام ويتولَّوْنه ويفاخرون بأنهم أحفاده - وهم أبعد الناس عنه في تديُّنهم وسلوكهم وأخلاقهم - فهذا أمرٌ غير مقبول، ولقد ردَّ القرآن الكريم ادِّعاءهم هذا بقوله: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 68).
وفي محاورة مع عيسى ابن مريم عليه السلام:
«... قالوا له: أبونا إبراهيم، قال لهم يسوع: لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم، ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني. أنتم من أبٍ هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا».
أمّا وقاحتهم وجهلهم بزعمهم أنَّه عليه السلام كان يهودياً مثلهم، فقد ردّ عليهم القرآن الكريم بقوله: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * هَا أَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). فكيف يكون يهودياً وقد جاء قبلهم بزمان طويل؟!!
معالم الشخصية اليهودية (3)
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن