داعية، مسؤول فرع جمعية الاتحاد الإسلامي في البقاع وعضو هيئة علماء المسلمين في لبنان
بين مونديال 2006 و 2010
كتب بواسطة يوسف القادري
التاريخ:
فى : المقالات العامة
876 مشاهدة
ربما يتساءل البعض: "هل الدين له علاقة بمباريات كأس العالم أيضاً؟". ويسأل آخرون: "هل يجوز متابعته على شاشات التلفزة؟". وإن كثيرين آخرين لا يحبون الاستطراد مع هذه الفكرة ظنّاً أنها من باب: [لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبْدَ لكم تَسؤْكم].
وإنني ابتداء أذكر بأن اكتساب القوة الجسدية ليس حراماً في الإسلام، كما أنه ليس مجردَ أمرٍ حلال مباح، بل هو أمر مرغوب فيه مطلوب شرعاًقد يصل إلى الوجوب حيث ورد الأمر به في قوله تعالى: [وأَعِدوا لهم ما استطعتم من قوة].
وقد نقل الصحابة الكرام وآل البيت الأطهار مظاهر القوة التي لاحظوها من النبي صلى الله عليه وسلم حيث صارع رُكَانة بن يزيد (هو شخص معروف بقوته يمكن أن يوصف بأنه بطل في المصارعة) فصرَعَه النبي صلى الله عليه وسلم وتغلب عليه و "ثَبَّتَه" (القصة عند أبي داود والترمذي)، وكان شجعان الصحابة إذا حَمِي الوَطيس واحمرّت الحِدَق احْتَمَوا برسول الله صلى الله عليه وسلم...
فالقوة مَطْلب شرعي إذاً، وممارسة الرياضة –ومنها كرة القدم– أحد وسائل اكتساب تلك القوة، ولكن السؤال الذي يحتاج إلى جواب هو: إلى أي حدًّ يمكن أن تحتل كرة القدم اهتمام وعواطف وثقافة المسلم؟
وحتى يكون الجواب واضحاً مع الأدلة سيأتي على شكل أسئلة ومقارنات:
1.هل دفعتَ ثمن عَلَم من الأعلام من 5000 ل.ل إلى 250 دولار أو أكثر؟
1.هل لبيت نداء د. محمود الزهار والمسلمين المحاضرين في دعم المحاصَرين في فلسطين ولو بـ1500 ل.ل شهريّاً؟
2.هل رفعتَ علم بلاد الكافرين الذين تحالفوا لاحتلال أفغانستان وقَتْل أهلها، وتواطؤوا مع الروس في تدمير الشيشان، وسكتوا عن جرائم واغتصابات سجن أبي غريب تحت خداع إعادة الإعمار؟
2.هل تجد نفسك متحمساً لأمتك وقادراً على رفع علم "لا إله إلا الله" فوق سيارتك أو دراجتك أو بيتك؟ وهل ستصبر على استهزاء الناس كما صبرت على خصوم الفريق الذي تشجعه؟
3.هل انتظرت بداية المونديال بحرقة، وكاد صبرك يَنْفَد وبدأتَ بالعَدّ التنازلي للأيام قبل 20 يوماً؟
3.هل تنتظر رمضان قبل قدومه بأشهر متشوّقاً إلى بركاته ومغفرة الله فيه، وتخزن على فراقه مثل السلف الصالح؟
4.هل تحسرت عندما رأيت عشرات الآلاف على المدرجات وهم يشاهدون المباريات بشكل "حيّ"، وقلت: ليت عندي المال لأكون معهم؟
4.هل تتحسر بنفس القدر عندما ترى زوار الكعبةِ المشرفة والمسجدِ النبوي الذي ضمّ جسد الرسول الكريم وتمنيت لو كنت بينهم؟
5.هل اهتممت بمراسم افتتاح موسم كأس العالم بكل تفاصيلها من العروض الرياضية والمفرقعات؟ والتحضيرات التي سبقت ذلك، ومتى وصلت الأفرقة الرياضية، ومن غاب من نجومها؟ وتأكدتَ من المحطات الذي حصّلتْ الإذن ببثّها؟
5.هل تابعت المشاهد الحية لمجزرة شاطئ غزة قبل انطلاق المونديال بسويعات يوم الجمعة 09/06/2006 حيث كانت الطفلة هدى تبكي أمام جثة أبيها و6 من أفراد أسرتها استشهدوا و7 آخرين إصاباتهم خَطِرة؟
6.هل تفرح عندما يُدخل الفريق الذي تشجعه هدفاً فتصيح Gooooooooal حتى يسمع الجيران على بعد 3 أبنية؟
6.هل فرحتَ الفرح نفسه عندما أدخل محمود الزهار هدفاً باليهود، فاستطاع إدخال 20 مليون دولار إلى إخوانك في فلسطين؟
7.هل تتابع المباريات بحرقة أمام الشاشات فتؤجل مواعيدك، وربما طعامك وقضاء حاجتك، وأحياناً صلاتك! لكي لا يفوتك مشهد واحد؟
7.هل تحضر درساً أو محاضرةً أسبوعيّاً وتحرص على ذلك الموعد كل الحرص لكيلا تفوتك آية أو حديث أو فائدة أو تلك الصحبة الطيبة لأستاذك وزملائك؟
8.هل حاولت أن تتعلم شيئاً من اللغة الألمانية وتَعرَّفتَ -على خارطة الأطلس- إلى مدنها التي ستستضيف المباريات والتفاصيل حول أسماء الملاعب وسعة المدرجات وتاريخها؟
8.هل طوّرت لغتك العربية لتفهم القرآن والأحاديث النبوية؟ وهل اشتريت " أطلس السيرة النبوية" للتعرف إلى مواقع أحداث حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟ وزدت ثقافتك عن بلاد المسلمين وأحوالهم؟
9.هل أنت مثقف رياضيّاً تستطيع أن تعرض أفكاراً مرتبة حول اللاعب الفلاني، أو النادي العلاني، وتاريخ كأس العالم من Pele إلى Ronaldo؟
9.هل معلوماتك عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تقل عن اهتمامك باللاعبين؟ وهل تعرفت إلى الصحابة وآل البيت الذين حملوا معه رسالة الإسلام وإلى المتعاقبين على نهجهم إلى يومنا هذا؟
10.هل تفرح كلما رأيت عَلَم الفريق الذي تشجعه وانتشار القمصان والشعارات التي تخصه؟ وفي الوقت نفسه تنْزعج من خصومه ومنافسيه؟
10.هل تفرح عندما ترى شعائر الإسلام ترفع، وحجاب المسلم يُصان؟ وتشعر أن ذلك النصر الاجتماعي يخصك؟ وهل تنْزعج إذا انتشرتْ أزياء وموضات الأعداء والكافرين بين المسلمات والمسلمين؟
11.هل تحدِّث مَن حولك عن نتائج ووقائع المباريات، وتصطحب غيرك للجلوس أمام الشاشات.
11.هل تنشر تعاليم الإيمان بين من حولك وتحدثهم عن الأجواء الأخوية التي تجدها في مجالس العلم والذكر لتشجعهم على حضورها.
12.إذا كنت تنتمي إلى الفريق الإيطالي -مثلاً- فهل ترضى برفع علم البرازيل أو فرنسا من باب الروح الرياضية والأخوة الإنسانية؟!
12.إذا كنت تنتمي إلى أمة الإسلام فكيف ترضى برفع عَلم دول المشركين بالله الذين حاربوا إخوانك المسلمين وسبوا رسولك صلى الله عليه وسلم؟
13.هل تشعر بأن معاداة أحد لفريقك أو سبه كاف لكرهه ومعادته وربما ضربه؟ فأنت تَفرز الناس كلهم إلى صفين: (معك أو ضدك) على ضوء الولاء لفريقك، ولو كان الذي يعادي فريقك أخاك وأباك؟
13.هل بلغ حب الله في قلبك إلى ذلك الحد، بحيث إن مَن آمن بالله ووالاه وأحبه فهو (حبيبك) بغض النظر عن لونه وجنسيته؟ أما من سب الله ورسوله وعاداهما فهو (مكروه وعدوّ) ولو كان أقرب الناس نسباً؟
14.هلا لاحظت كيف اهتمت الدولة بالتحضير لتأمين "حق المواطنين" في مشاهدة كأس العالم فعقد الوزارء المختصون لقاءات لتنظيم ذلك؟
14.هلا لاحظت كيف أن الوزراء أنفسهم يفسحون المجال للترويج للرذيلة على وسائل الإعلام لِيُلْهوا شباب الأمة؟ ولم يبذلوا جهوداً شبيهة لنقل البرامج المفيدة في التربية والتثقيف والترفيه الهادف؟
15.هل سمعت عن آخر الصفقات العربية لشراء أحد اللاعبين "اللامعين" بـ 30 مليون دولار؟
15.هل سمعت أخبار المجتمعات الإسلامية التي تتضوّر جوعاً أو تغرق في الجهل والحرمان؟
في هذا الجدول يمكن للإنسان أن يَزِيْن معيار إيمانه بين القوة والضعف؛ لكيلا يتشبه المسلم بالذين ذمهم الله تعالى بقوله: [ومِن الناس مَن يتخذ مِن دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبّاً لله][البقرة: 165].
وهذا الحب لله ليس كلمة تقال بل هو مشاعر وسلوك قال الله تعالى: [فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً][البقرة :200].
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوْثقُ عُرَى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله".
فهل سنلتزم بهذا الرابط الإيماني المهم ونسير على أساسه؟ أم سيتسع الخَرق لنرى أعلام اليهود مرفوعة في شوارع بيروت والرياض في كأس العام 2010م؟!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة