شخصية تعلو في الأرض علوّاً كبيراً - معالم الشخصية اليهودية (6)
شخصية تعلو في الأرض علوّاً كبيراً
يخبرنا التاريخ والواقع المعاصر أنّ اليهود إذا تمكّنوا في الأرض عَلَوْا فيها علوّاً كبيراً، فتراهم يفسدون في الأرض، ويُلحقون بالآخرين أشدَّ أنواع الأذى، ويعاملونهم على أنَّهم أقلُّ منهم بكثير، وأن اليهود هم أسياد الأرض ومالكوها ومالكو مَنْ عليها، وما على الآخرين إلاّ أن يَرْضَوا بذلك.
والعلوُّ في الأرض خُلُق الطغاة المستكبرين، الذين لا يخافون الله ولا عقابه، ولا يحسبون للآخرة حساباً، ولا تخطر على بالهم سُنَّة الله النافذة في الحياة، التي تعبِّر عنها هذه الآية الكريمة: (... وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران: 140).
وهو خُلُق الذين يرَوْن أن القوة هي اللغة الحاسمة النافذة مع الأعداء والخصوم، وليس هناك من لغة غيرها!!
ومن اللافت للنظر أنَّ الله عز وجل لم يُسَمِّ أحداً من العالين المجرمين باسمه الصريح غير إبليس، وفرعون وملَئه، ثم ألحق بهما بني إسرائيل أو اليهود فيما بعد!!
ولقد وصف الله عز وجل فرعون في صورة قبيحة جدّاً، وهي إيقاع الأذى البالغ الشديد في بني إسرائيل، وتعاليه عليهم، فقال: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 4).
لكن بني إسرائيل حين مَلَكوا الأرض المقدَّسة فلسطين، فعلوا الشيء نفسه في أهلها، وانظروا إلى (سِفْر يوشع) الذي سُمِّي بـ (سِفْر المذابح)، وانظروا إلى ما يفعله اليهود العالُون المستكبرون اليوم في أرض فلسطين وفي أطفال فلسطين، فهم لا يذبِّحون الأطفال الذكور وحسب، بل يحرقون جميع الأطفال ذكوراً وإناثاً، ويقتلون معهم أمهاتهم وآباءهم!!
لقد عَلا اليهود قديماً حين كانوا ملوكاً في فلسطين، اقرأوا سِيَرَ معظم الملوك الذين ملكوا في دولة بني صهيون في الشمال، وفي دولة يهوذا في الجنوب، بعد انتهاء مملكتهم الكبرى، إثر وفاة سليمان عليه السلام.
ولقد علا أشباه الملوك من الحشمويين الذين ملكوا باسم الدين، وأخيراً علا الملك المتهوّد هيرودس وأولاده من بعده!!
وفي عهد خاتَم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، حاولوا أن يعلُوا عليه وعلى أصحابه، وأن ينقضوا العهد الذي جعله رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم دستوراً لأهل المدينة جميعاً، من مسلمين ويهود. لقد قال له بنو قَيْنُقاع عقب الانتصار المبين على المشركين يوم بدر: «يا محمد، لا يغُرَّنَّك أنَّك لقيت قوماً لا عِلمَ لهم بالحروب، فأصبتَ منهم فرصة. أما والله لئن حاربناك لتعلمنَّ أنّا نحن الناس»!!
ومن المضحك أنَّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم لما أيقن أنَّ بني قينقاع قد أعلنوا الحرب، وركبوا الضلالة، وعزموا على الغدر فحاصرهم هو وأصحابه، وطلبوا منهم مغادرة المدينة.. من المضحك أنَّ اليهود لم يكونوا رجالاً يُحسب لهم حساب كما زعموا، بل كانوا أشباه رجال لا شوكة لهم!!
إنَّ النظر في أعمال قادة دولة اليهود وفي أقوالهم كافٍ جداً لإظهار هذا الاستكبار والعلوّ في هذا الوطن المغْتَصَب من قِبَل هؤلاء المعتدين على أهل الوطن الشرعيين.
فهم يعتبرونهم غرباء احتلوا بلادهم، وما فعلوه معهم ما هو إلاّ تحرير لوطنهم واسترداد لبلادهم التي سكنوها عَنْوة عنهم. يقول الحاخام (زفي يهود داكوك): «إنَّ جميع هذه البلاد لنا، ولا يمكن تسليم أجزاء منها للآخرين، ورثناها عن آبائنا.. لهذا فإنه يجب أن يكون واضحاً بأنه لا تُوجد هناك مناطق عربية، وأراض عربية، فهذا هو تراث الآباء الخالد، وأرض إسرائيل أقام فيها الآخرون، وشيَّدوا مباني عليها، بدون إذْننا وبغيابنا، ونحن لن نتخلّى أبداً عن تراث آبائنا، وكنّا على علاقة دائمة بها في أفكارنا وآرائنا... إنَّ التوراة تُحرم علينا أن نُسَلِّم ولو بوصة من أرضنا المحرَّرة، ليس هناك أي احتلال، فنحن لم نحتل أراضٍ أجنبية، نحن نعود إلى وطننا، إلى ميراث أسلافنا»!!
ولقد دعا العلوُّ في الأرض رئيسة الوزراء السابقة (غولدا مائير) أن تزعم أنه لا وجود للشعب الفلسطيني فوق أرض فلسطين؛ تقول (غولدا مائير): ليس هناك فلسطينيون!! فليس الأمر كما يُتَصَور، وكأننا جئنا لنطردهم ونأخذ بلدهم، إنهم لم يوجدوا أصلاً!!).
ويقول أحد جنرالاتهم: «الفلسطينيون دفعوا ألف قتيل ثمن اختطاف (شَليط)، وسيدفعون ألفاً أُخرى إذا لم يُفرج عنه»!
وانظروا إلى تَعَالي (أفيغدور ليبرمان) اليهودي القادم من روسيا من وقت قريب؛ إنّه يهدِّد بتخريب السدّ العالي حتى تغرق القاهرة كلّها بالمياه، بل يهدد برمي القاهرة وغيرها بالقنابل النووية حتى يموت الآلاف من المصريين في دقائق معدودة!!
إنّ الإنسان ليعجب أشدَّ العجب من هذا العلو الفاجر الذي يفرضه قادة دولة الصهاينة على قادة الدول المجاورة، فيقبلون ذلك بدون أدنى معارضة تُذكر، وإن المرء ليتساءل متعجِّباً: ما سرُّ هذا التأييد الأعمى الظالم لِدَولة صغيرة، متمرِّدة همجيَّة عالية في الأرض، تستصغر كل ما عداها! رغم شهادة الله فيهم: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّن اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ) (آل عمران: 112)، وأنَّ هذا الحبل الممدود لهم في هذا الزمان سوف يُقطع، وسوف يلاقون يومهم الذي يوعدون.
* * *
أختم كلامي في هذا المَعْلم من معالم الشخصية اليهودية بقولٍ للدكتور (جون بتي) الذي يصف فيه النفوذ اليهودي المتعالي المتغلغل في القطب العالمي القوي والوحيد: الولايات المتحدة الأميركية.
يقول جون بتي: «إنَّ رؤساء أمريكا ومن يعملون معهم ينحنون أمام الصهيونية.. كما لو كانوا ينحنون أمام ضريح له قداسته.. وإنَّ الأقلية الإسرائيلية قد وصلت إلى درجة من القوة والطموح: أن تهدِّد أمريكا بالخطر الدائم، وتهددها بحرب عالمية ثالثة».
إن هذا العلوّ اليهودي الفاجر سيَعقُبه انخفاض ذريع وذِلّة كبيرة. وتلك سُنة الحياة، وذلك هو قَدَر الله المنتظَر في هؤلاء الظالمين المقامرين المعتدين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن