داعية، مسؤول فرع جمعية الاتحاد الإسلامي في البقاع وعضو هيئة علماء المسلمين في لبنان
الوفاء لِسَيِّد المقاومة والجهاد معاوية بن أبي سفيان (الصحابة في لبنان 10)
كتب بواسطة يوسف القادري
التاريخ:
فى : المقالات العامة
733 مشاهدة
له مع كل حبة تراب من لبنان وبلاد الشام قصة وذكرى وتضحية وقضية، بل حتى مع مياه أنهاره وموجات بحاره، لقد عاش في هذه الأرض، ومات ودُفن فيها، بعد الجهد العظيم لتحرير وحماية وتطوير بلاد الشام، خاصة المناطق المعروفة اليوم »باسم لبنان»: إنه أمير المؤمنين سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
وقد علّمنا الإسلام شُكْرَ مَن أسدى إلينا معروفاً؛ فإليكم أهمَّ الجهود والإنجازات التي استحق بها سيدنا معاوية لقب «سيد الجهاد والمقاومة» بلا منازع:
1. معاوية رضي الله عنه قَدِم إلى الشام ولبنان وهو ابن 30 سنة وأقام بها 47 سنة: شارك في الفتوحات 7 سنين، ثم صار أمير الشام 20 سنة، وعام الجماعة تولّى الخلافة 20 سنة حتى وفاتِه بدمشق سنة 60هـ.
2. معاوية رضي الله عنه فاتح مدن الساحل اللبناني ومحرِّرها: فقد قاد مقدمة الجيش الذي فتح صيدا وبيروت ومنطقة جُبيل والمدن شمالاً إلا طرابلس، ثم قاد فتح بلدة عِرْقة التاريخية بنفسه سنة 15هـ.
3. معاوية رضي الله عنه أول من صَنع أسطولاً عسكرياً للمسلمين في ميناء طرابلس. بعث من الشام والأرض المعروفة اليوم بلبنان مَن شارك في تحقيق الانتصار البحري التاريخي في «ذات الصواري».
4. معاوية رضي الله عنه أول من جهز جيشاً لغزو البحر، وشارك بنفسه وبجنودٍ من لبنان في فتح قبرص وبذلك نالته بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم: «أوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أوْجَبُوا» رواه البخاري عن أم حَرام.
5. معاوية رضي الله عنه وَجَّه صهرَه لفتح طرابلس: الصحابي سفيان بن مُجيب الأزدي رضي الله عنه.
6. معاوية رضي الله عنه أَمَر صهرَه سفيان ببناء حصّن في طرابلس: هو أصل قلعتها القائمة إلى اليوم، وهي أول قلعة يَبْنيها المسلمون في فتوحاتهم.
7. معاوية رضي الله عنه نشر العلم والأحاديث النبوية؛ وعدّ الإمام المِزّي 56 ممن روى عنه الحديث مثل: محمد بن علي بن أبي طالب (ابن الحنفية). وممن روَوْا عنه بأسانيدهم في لبنان: مكحول الشامي البيروتي، والعباس بن الوليد البيروتي، وأبو الجهم المشغراني، وأبو طالب الصُّوْري، وخَيثمة الأطرابلسي... وغيرهم.
8. معاوية رضي الله عنه حَصّن المدن الساحلية وحشّدها بالمرابطين حُرّاس الحدود، وأقام فيها البروج «المناظير» وأنارها بالمواقيد، ورمم مدينة صور، وقاوم حملات الروم على الشام ولبنان، واستعاد طرابلس.
9. معاوية رضي الله عنه حقق الإنجازات والانتصارات البحرية لأهل لبنان وبهم، ففتح جزر البحر الأبيض المتوسط وسيطر عليه، وقد أبحر شخصياً مع أسطوله لِفتح جزيرة رودس سنة 41هـ من مرفأ صيدا.
10. معاوية رضي الله عنه بث الرعب في قلوب الأعداء الروم وانتقم من خياناتهم لعهوده معهم، حتى أنه أخذ الرهائن من ملك الروم وجعلهم في بعلبك بناء على معاهدةٍ سنة 37هـ.
11. معاوية رضي الله عنه اجتمع الناس على خلافته، وأحبَّته رعيته؛ فقد «كان حليماً وَقوراً، رئيساً سيداً في الناس، كريماً عدلاً شهماً». ونهض بنظام الدولة وباقتصادها، ووزّع الثروة، واستأنف الفتوحات.
12. معاوية رضي الله عنه أول من أرسل جيشاً لمحاصرة القسطنطينية وكان جند بعلبك في مقدمة قواته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ» رواه البخاري.
هذا كله من الجوانب المباشرة للبلدات اللبنانية أو أهلها، أما فضائله الشخصية وإنجازاته فمنها:
* أنه صَحِب النبيصلى الله عليه وسلموروى عنه أحاديث كثيرة، جُمع له منها في «مسند بَقِيّ» 163 حديثاً.
* أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له بأدعيةٍ منها: «اللهم اجعله هادياً مَهدياً واهدِ به» رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
* أن رسول اللهصلى الله عليه وسلماختاره ليكتب له وحيالقرآن ولمهمات أخرى؛ وهذه أعظم أمانة!
* أن أبا بكر أمّره على كتيبة شامية، وعمر وعثمان أمّراه على ولاية الشام؛ وهذه منهم تزكية.
* أن الحَسَن والحُسَين بايعاه رضي الله عنهما على خلافة المسلمين؛ وهذه شهادة بصلاحه وأهليته.
* أنه أحد عباقرة العرب ودُهاتهم، ومن أعظم ساستهم بعد رسول اللهصلى الله عليه وسلموخلفائه الراشدين، أعاد جَمْع طاقات الأمة واستثمارها.
* أنه من فقهاء الصحابة الكبار بشهادة ابن عباس له: «إنه فقيه، ليس أحد منا أعلم من معاوية».
* أنه كان أشبه الناس صلاةً برسول اللهصلى الله عليه وسلم، كما قال أبو الدرداء.
* أنه «خالُ المؤمنين» لأن أخته هي أم المؤمنين زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم أم حبيبة رضي الله عنها.
* أن رسولَ اللهصلى الله عليه وسلمخصّه بجرعات تربوية طهّرته من رواسب الجاهلية؛ خاصة كونَه صهرَه.
* أن المسلمين كانوا يُسمّون أولادهم باسمه ومنهم آل البيت كعبد الله بن جعفر. كما ورد في كتاب «عُمدة الطالب»، لابن عِنَبة الشيعي.
* أنه حضر فتح القدس، وكتب بيده «العُهدة العمرية» لأهل بيت المقدس، وشارك في فتح الأردنّ.
* أنه فتح قيسارية (مدينة حصينة على ساحل فلسطين) سنة 19هـ بأمر عمر، وكان نصراً تاريخياً.
* أنه ابن بيت شرف وقيادة، فأبوه سيد قريش، وأمه هند هي مَن هي، وقد تفرستْ فيه أن يسود العرب.
هكذا قضى معاوية عمره 77 سنة! وهذا ما جعل عبد الله بن المبارك يجيب عن مقارنته بابن عبد العزيز:
«تراب في مَنخِرَي معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرٌ مِن عمر بن عبد العزيز».
إن الكبار في هِمَمهم وإنجازاتهم، المستقيمين في عقائدهم، حديث الساعة في عصرهم بين منصِف وجاحد:
إنّ نصفَ الناس أعداءٌ لِمَن
وَلِي الأحكامَ، هذا إنْ عَدلْ!
فالجبناء يُصوّرون العظيم شيطاناً لا خير فيه! وما تزوير سيرة هارون الرشيد، والسلطان عبد الحميد عنا ببعيد. وأنتم الأحرار: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}؛ احتراماً للحق ولعقولكم. واسمعوا إنصاف الإمام الذهبي قائلاً: «ومعاوية من خيار الملوك الذين غَلب عدلُهم على ظلمهم، وما هو ببريء من الهَنَات، واللهُ يعفو عنه...».
فالوفاء لسيد الجهاد والمقاومة والتحرير: سيدنا معاوية رضي الله عنه، وله منا الحب والتكريم والشكر. والعار والشَّنَار على مَن تعَامى عن هذه الحقائق وخالف قولَه تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا} واختار أن يكون لَعّاناً طَعّاناً فاحشاً بذيئاً.
* المراجع:
«الصحابة في لبنان»، و«لبنان من الفتح الإسلامي»: د.عمر تدمري. «معاوية بن أبي سفيان صحابي كبير وملِك مجاهد»: د. منير الغضبان. «الإصابة»، و«تقريب التهذيب»: ابن حجر العسقلاني. «سِيرَ أعلام النبلاء»: الذهبي. «البداية والنهاية»: ابن كثير. «تهذيب الكمال»: المِزي. «فتوح البلدان»: البلاذري.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن