شخصية قاسية - معالم الشخصية اليهودية (10 والأخيرة)
كتب بواسطة بقلم: محمد علي دولة
التاريخ:
فى : المقالات العامة
772 مشاهدة
من معالم الشخصية اليهودية: القَسْوة الشديدة، خصوصاً مع الأعداء ومع الضعفاء، وقد جاءت هذه القسوة من تلك القلوب الحجرية التي سكنت أجسادهم؛ وحلَّت محلَّ القلوب الآدمية التي أودعها الله فيهم.
لقد أُلبسوا قسوة القلب هذه من نقضهم المستمر لمواثيقهم مع الله عز وجل ومع أنبيائه، ومن الغرور الذي تمكن فيهم حينما اعتقدوا أنَّهم الشعب المقدَّس الممتاز، الذي يسْمو على سائر الشعوب، الذي خُلقت سائر الشعوب لخدمته.
وَصَفَتْهم الأسفار بأنَّهم شَعْب قاسي الرقاب، «وقال الربُّ لموسى: قد رأيتُ هذا الشعب، فإذا هو شَعْبٌ قاسي الرقاب» قد علمت «بأنك قاسٍ، ورقبتك عِرْق من حديد، وجبهتك من نحاس». وَوَصْفُ قلوبهم بأنها كالحجارة وَصْفٌ مُهين جداً، يحطُّ من إنسانيتهم، ويَعيب بشريَّتهم؛ جاء في سِفْر حزقيال على لسان الرب عز وجل: «وأنزع من لحمهم قَلْبَ الحجر وأعطيهم قلباً من لحم».
وصدق الله العظيم، الذي يصف قلوب اليهود في كتابه المبين فيقول: (ثم قَسَت قلوبكم من بعد ذلك، فهي كالحجارة أو أشدُّ قسوة، وإنّ من الحجارة لما يتفجَّر منه الأنهار، وإن منها لما يشَّقق فيخرج منه الماء، وإنّ منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما يعملون) (البقرة:74).
ولقد أورثتهم تلك القسوةُ المفرطة وهذه القلوب الحجريَّة: وحشيةً منقطعة النظير في معاملتهم لأعدائهم، وحتى لخصومهم ومعارضيهم من بني جلدتهم، وحتى لأنبيائهم الذين جاؤوهم بالهدى ودين الحق من الله عز وجل!!
ظهرت قسوتهم في فتحهم للأرض المقدّسة كما شهدوا هم على أنفسهم، وهذا سفر يشوع يزخر بالمذابح والمشانق والهدم والتدمير والحرق لكل ما في مدن الكنعانيين الذين افتتحوا بلادهم، وأسوق للقارىء ما فعلوه فقط في مدينتين من مدن الكنعانيين، هما «أريحا» و«عاي»:
جاء في سِفْر يشوع أنَّ الفاتحين من أسباط بني إسرائيل «صعدوا إلى أريحا، كل واحد على وجهة، واستولوا على المدينة، وحرّموا كل ما في المدينة، من الرجل وحتى المرأة، ومن الشاب وحتى الشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، فقتلوهم بحدِّ السيف».
ثم هاجموا مدينة «عاي» «فاستولوا عليها، وأسرعوا إلى إحراق المدينة بالنار، وقتلوا جميع السكان في الحقول وفي البرية، وسقطوا جميعهم بحدِّ السيف عن آخرهم، وكان جملةُ من سقط في ذلك اليوم من رجل وامرأة اثني عشر ألفاً، جميع أهل (عاي). وأما ملك العاي فقد علّقوه على شجرة حتى المساء».
كانوا يطبقون في حروبهم هذا المبدأ العنيف جداً: «وإذا تقدَّمت من مدينة لتقاتلها، فادْعُها أولاً إلى السِّلْم، وفتحت لك أبوابها فكُلُّ القوم الذي فيها يكون لله تحت السُّخْرة ويخدمك، وإن لم تسالمك بل حاربتك، فحاصرتَها، وأسلمها الربُّ إلهك إلى يدك، فاضرب كل ذكر بحدِّ السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وجميع ما في المدينة غنيمة فاغتنمها لنفسك... كما أمرك الربُّ إلهك».
ومن أبشع صور قسوتهم وغِلَظِ أفئدتهم قتلهم للأنبياء الكرام، وهذه جريمة لم تفعلها أمَّة من الأمم سواهم، وقد وصمهم القرآن الكريم بهذا الفعل الشنيع فقال: (وضُربت عليهمُ الذلّةُ والمسْكَنةُ، وباؤوا بغضبٍ من الله، ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله، ويقتلون النبيين بغير الحق، ذلك بما عَصَوا وكانوا يعتدون) (البقرة:61).
وقد تنافس ملوكهم بقتلهم لمعارضيهم ومنافسيهم، وانحطُّوا إلى مستوى متدنٍ جداً في هذا المجال، ولقد كانت نهاية معظم مملكة الشمال (إسرائيل) القتل، وكان الذين يقتلونهم هم الملوك الذين يحكمون من بعدهم!!
أما عن قَسْوة قلوب جنرالات اليهود المعاصرين وقادتهم العسكريين، وكذلك قادتهم السياسيين، فحدِّث ولا حَرَج؛ لقد أراد شيمون بيريز - وهو من جيل السياسيين المدنيين القدماء ويتسلم الآن منصب رئيس دولة إسرائيل - أراد أن يثبت وحشيته وقسوة قلبه وأنه جنرال، وإن كان يلبس اللباس المدني، فما كان منه إلاّ أن ارتكب عملية «عناقيد الغضب» في عام 1996، التي راح ضحيتها عشرات الأنفس قتلاً في (قانا) بعد أن التجأوا إلى قوات الأمم المتحدة، وكان عدد كبير منهم من الأطفال!!
يذكر المجرم الشرّير (أرئيل شارون) أنّه في شبابه وفي إحدى القرى كانا يَقْنُص مع زميل له الفلسطينيين، وكانا يقصدان إلى أن تكون الإصابة في عيون ضحاياهما!!
يقول شكسبير مُقدّماً قَلْب اليهوديّ ومشاعره وعواطفه بلسان (أنطونيو) الذي يُصرُّ (شايلوخ) اليهودي، على الرغم من كل الوساطات والشفاعات، على اقتطاع رِطْل من لحم جسده: «إنًّه لأسهلُ عليك أن تتوجَّه إلى الشاطىء لتأمرَ ماء المحيط أن يخفّض من ارتفاعه، أو في وسعك أن تسأل الذئب: لِمَ أبكى النعجة بافتراس صغيرها؟ بل في مقدورك أيضاً أن تمنع أشجار الصنوبر الجبليّة من تحريك أغصانها العالية، فلا تُحدث صوتاً إذا هبّت عليها عواصف السماء... إذا كان في وسعك أن تفعل كلَّ شيء مهما صَعُب، فإنّ في وسعك أن تليِّن قلبَ اليهودي الذي لا نظير له في قسوته».
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن