كرسي الكنانة فوقه مرسي
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى .
والله أكبر والعزة للمسلمين.
والله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً.
أخيراً انتهت معركة انتخابات الرئاسة المصرية، وكانت حقاً معركة شرسة بكل المقاييس، وهي من أطول المعارك في تاريخ العالم فقد استمرت منذ تنحي المخلوع في الشهر الثاني من سنة 2011 إلى نهاية الشهر السادس من 2012!!، وكل العالم يترقب النتيجة بقلق: أهل الإسلام قلقون من خطف الثورة، وأهل الفساد وبنوعلمان والشيوعيون واليساريون وأعداء الإسلام كافة في المشرق والمغرب قلقون من تولي رئيس مسلم صالح كرسي الرئاسة في أهم بلاد الإسلام .
وقد جاء الله تعالى بالدكتور محمد مرسي ليحيي في قلوبنا الأمل بانتصار الإسلام وعودته من جديد، وتحقيق أماني المسلمين في كل مكان إن شاء الله تعالى.
وهذا وإني أعد فوز د.محمد مرسي بكرسي مصر هو الحدث الأكبر في القرن الخامس عشر الهجري/ الواحد والعشرين الميلادي إلى الآن، فمصر أكبر وأهم بلد إسلامي لرسوخ الإسلام فيها، وعظم ثرواتها، وجودة موقعها، وكذلك دولة مواجهة للكيان الصهيوني المسخ، ولكثرة عدد السكان فيها.
وهناك بعض الملاحظات على هذا الفوز العظيم أجملها في الآتي:
أولاً: إن فوز مرشح الإخوان بالرئاسة يعد تتويجاً لجهودهم على مدار 84 سنة ميلادية و87 سنة هجرية، وتوفيقاً من الله تعالى لهم عليهم أن يشكروه سبحانه كثيراً وطويلاً على هذا التمكين الذي لم يكن يدور بخلد أي مسلم على وجه الأرض قبل الثورة، ولم يكن يداعب خيال أكثر الناس تفاؤلاً قبل أحداث الربيع العربي، وشكر الله –تعالى- يكون بالعمل بكل وسيلة لتمكين دينه في الأرض والعمل بشريعته على قدر الاستطاعة والإمكان، وتخفيف الآلام عن الناس وتقليل معاناتهم ومعالجة الفقر والفساد الإداري والخلقي والسلوكي.
ثانياً: إن تصويت نصف المنتخبين - تقريباً – لشفيق أمر يحتاج إلى مراجعة واسعة من قبل الإسلاميين والثوريين في مصر، فقرابة اثني عشر مليوناً صوتوا لشفيق؛ فلو قيل إن قرابة 3 ملايين من الأقباط صوتوا له، وقرابة مثلهم من فلول الحزب الوطني والمنتفعين بمجيئه، وقرابة مليونين من نساء ضباط الجيش وعساكره وأولادهم، ومليون من الفنانين والممثلين والمثقفين الخائفين من حكم الإسلام أو الذين خوفوا منه، فمن أين جاءت أصوات الثلاثة ملايين الأخرى؟ وهل يُعقل أنهم مقتنعون بشفيق؟ وهل جازت عليهم حيل الإعلام بعودة الأمن والأمان بمجيئه إذا جاء؟ ومرادي من هذا أن أحوال المجتمع المصري بحاجة إلى مراجعة شاملة من حيث تأثير الإعلام عليه، ومن حيث تصوره للمشروع الإسلامي وأثره على مصر، فالإعلام المرئي والمقروء من أكبر وسائل التأثير الشيطاني على المصريين، وهو من أهم ما ينبغي أن يبدأ بعلاجه.
ثالثاً: إن فوز الإسلاميين في مصر يعني أن الحلقة ابتدأت تضيق على الكيان الصهيوني المسخ، وهو نفسه يعلم هذه الحقيقة جيداً، وإذا سقط الحكم البعثي الطائفي الملعون في بلاد الشام –وهو ساقط بإذن الله تعالى عما قريب- فستضيق الحلقة عليه أكثر وأكثر، وسيكون حلم الصلاة في بيت المقدس قريب المنال إن شاء الله تعالى.
رابعاً: إن نجاح الإسلاميين في قيادة مصر إلى بر الأمان وتخليصها من مشكلاتها –وهو أمر متوقع بإذن الله تعالى- سيكون دافعاً لبعض دول المنطقة لسلوك الطريق نفسه، فإن الحكم بالإسلام لم تعرفه أكثر دول المنطقة في العصر الحديث، وقد استطاع الغرب الصليبي واليهود أن يخيفوا دول المنطقة وكثيراً من شعوبها من الحكم بالشريعة، ويجعلوها فزاعة يصدون بها عن سبيل الله تعالى.
خامساً: إن القوانين التي أصدرها المجلس العسكري في مصر بقصد تحجيم الإسلاميين ووأد فرحتهم بفوزهم، إن تلك القوانين سيبطلها الشعب المصري بوعيه وجهاده واعتصامه في ميادين مصر المختلفة –إن شاء الله تعالى- وما محاولة المجلس العسكري لتقليص صلاحيات رئيس الدولة إلا كمحاولة تغطية الشمس بكف اليد، وإن غداً لناظره قريب.
سادساً: على الإسلاميين أن يتكاتفوا ويتعاضدوا ويجتمعوا لمؤازرة رئيس الجمهورية الجديد حتى يتمكن من العبور بمصر إلى بر الأمان، ومواجهة المكائد والمؤامرات الكثيرة التي ستوجه إلى مصر بسبب قيام الحكم الإسلاميّ فيها، سواء من الخارج أو الداخل، فإن حزب الحرية والعدالة ومن ورائه جماعة الإخوان المسلمين القوية لا يستطيعان منفردين مواجهة الكيد الهائل أو المشكلات الضخمة التي تعاني منها مصر الآن، وهي متراكمة عبر مئات السنين وتحتاج إلى جهود هائلة للتعامل معها.
سابعاً: إن على مسلمي الأرض أن يحاول كل منهم بكل ما يستطيع أن يساعد مصر والمصريين على تجاوز المشكلات الكثيرة التي تعاني منها البلاد، فهذا أقل واجب على المسلمين لنصرة مصر والمصريين، والله المستعان وعليه التكلان.
ختاماً كلمة شكر واجبة للثوار في الميادين الذين ضحوا طويلاً وبذلوا كثيراً واعتصموا في الميدان حتى حقق الله تعالى على أيديهم هذا التحول التاريخي وجاء مرسي رئيساً لمصر باختيار شعبي حر لم يكن ليتحقق أبداً لولا أن الله سبحانه وتعالى ربط على قلوب أولئك الثوار ورزقهم صبراً جميلاً، فجزاهم الله خيراً.
المصدر : موقع التاريخ
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن