في ذكرى "مذبحة تلّ الزعتر"..
في ذكرى "مذبحة تلّ الزعتر ".. ما عساها الشّهيدة (بنان الطنطاوي) كانت تقول الآن؟!
- عندما أرى وأسـمع على شاشة التلفزيون صرخاتِ الأمهاتِ الثكالَى، والأزواجِ الأَيامَى، والأطفالِ اليتامَى.. واستغاثَتَهُنَّ بحكّام العرب والمسلمين.. وأرى أحوالَهُنَّ البائسات، ودموعهنَّ النازِفات، وآمالهنّ الكاذبات.. أتذكّرُ الشهيدة العظيمةَ أمَّ أيمن رحمها اللَّه تعالى، وكلمتَها التي وجّهتْها من أَعماق قلبِها وخِبْرَتِها وآلامها.. إلى الأخوات الفلسطينيات في “ تَلّ الزعتر” أيامَ مذبحة تلّ الزعتر سنة 1976م، وقالت لهنّ فيها :
- « لماذا تَسْتَنْزِفْنَ دموعَكُنَّ، وتُمَزِّقْنَ حَناجِرَكُنَّ - أيّتـُها الأخوات الفلسطينيات - بنداءِ حكّامِ العرب والمسلمين ؟!.. أما علمتُنَّ بَعْدُ أنَّ “المعتصم” لم يَعُدْ له وجود، وأنّ نَخْوَةَ “ المعتصم ” قد ماتتْ من زمن بعيد ؟! »
وأسأل نفسي :
- ما عساها أمُّ أيمن كانت تقول الآن لو امتدتْ بها الحياة، ولم تُستَشْهَد على يد الظلم والبغي والإجرام في هذه المدينة “ آخن ”.. ما عساها كانت تقول، وما عساها كانت تكابد وتعاني، وهي ترى ما نرى، وتسمع ما نسمع، من المآسي ومن الصرخات، ومن ضروب القتل والتنكيل والتعذيب، الذي لا يرعى حُرمَةَ كبير أو صغير.. رجل أو امرأة.. مُقاوِم أو مُسالِم.. والذي يصل إلى الأطفال في دروبهم ومدارسِهم، وفي بيوتِهم، وغُرَفِ نومهم، وأحضانِ أمهاتِهم.. كيف كان يمكن أن تصبر على ذلك كله، وأن تسكت عن ذلك كله، وهي التي كانت تقول - صادقةً فيما تقول - :
- « ما سمعت بطفل من أطفالنا أو شابٍّ من شبابنا استشهد في سبيل اللَّه إلاّ تصورتُ أنّني أُمّه وأنّه ولدي، وأحسستُ لفقده بمثل إحساس الأمِّ الرؤومِ لفقد ولدها البار »
وتقول :
- « يا إلهي ! كيف يستطيع إنسان أن يقتل إنساناً آخَرَ بغير حقّ ؟! وكيف يستطيع إنسان أن يُعذِّبَ إنساناً مهما كانت الأسباب ؟! »
رحم اللَّه “بنان”، فقلَّ أن يجود بمثلها الزمان، وبعث نَخوةَ العروبة والإسلام الميـّتةَ في نفوس الشعوب والحكام من جديد، وفرّج عن إخوتنا وأخواتنا في فلسطين وفي سورية وفي كلّ مكان، ونصر بقدرته الحقّ على القوة، والخير على الشرّ، وهدانا وهدى البشر جميعاً سَبيلَ الرشاد والعدالة والسلام
من كتاب "كلمات" لعصام العطار. الجزء الثاني.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة