اعتكافي في رمضاني الأخير
لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير لحرصت على الاعتكاف في المسجد آخر عشرين يومًا من رمضان، أو على الأقل آخر عشرة أيام؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ"(1).
ولكن في العام الذي قُبض فيه الرسول صلى الله عليه وسلم اعتكف العشرين يومًا الأخيرة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا"(2).
ولن أحرم زوجتي من ثواب الاعتكاف لو أرادتْ وتوافر المكان في المسجد؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ، وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ". فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى...(3).
وسأكون حريصًا على أن أجتهد في العشر الأواخر في العبادة أكثر مما سبق من أيام رمضان، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ"(4).
وسأدعو أهلي إلى المشاركة في الطاعة والاجتهاد فيها؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ"(5).
وسألتزم بآداب الاعتكاف؛ فأترك الدنيا خلفي، ولا أنشغل إلا بذكر الله سبحانه وتعالى، والتدبُّر في القرآن، والتفكر في نِعَم الله وقدرته سبحانه وتعالى.
وسأكون حريصًا على راحة إخواني المعتكفين، وأداء حاجاتهم، وعدم مضايقتهم.
المصدر: كتاب (رمضان الأخير) للدكتور راغب السرجاني.
(1) البخاري: كتاب الاعتكاف، باب الاعتكاف في العشر الأواخر والاعتكاف في المساجد كلها (1921)، ومسلم: كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان (1171).
(2) البخاري: كتاب الاعتكاف، باب الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان (1939)، وأبو داود (2466)، وابن ماجه (1769).
(3) البخاري: كتاب الاعتكاف، باب الاعتكاف في شوال (1936)، واللفظ له، ومسلم: كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان (1172).
(4) مسلم: كتاب الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان (1175)، والترمذي (796)، والنسائي (3390)، وابن ماجه (1767)، وأحمد (24572).
(5) البخاري: كتاب صلاة التراويح، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان (1920)، مسلم: كتاب الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان (1174)، واللفظ له.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة