تائهة بين الصفحات
كثيرة هي التطورات في عصرنا الحالي، وبقدر كثرتها تكون سرعتها!.. كيف لا ونحن في العصر الإلكتروني كما يقولون!!
ما إن يصدر منتج إلكتروني جديد حتى تعلو صيحاتٌ مِن شتّى الأماكن والفئات متسائلة عن مدى إيجابية هذا المنتج وفائدته؛ فيقع الكثير منا في حالة حَيْرة تجاهه..
ولعل أخطر هذه التطورات والاكتشافات: الشبكة العنكبوتية (الإنترنت).. وذلك لكثرة روّادها ومستخدميها، وهذا إحصاء يبيّن حجم الاستخدام الكبير لها في وطننا العربي:
"كشف مؤتمر (عربنت) 2010 المنعقد في بيروت عن تضاعف نسبة مستخدمي الإنترنت في العالم العربي خلال السنوات الثمانية الماضية بنسبة 1200 بالمئة!
◘ قالت: اكتشاف بهذا الانتشار والاتّساع يخيف..
عزيزتي إن الانترنت سلاح ذو حدين.. فإن لم نحسن استخدامه هلكنا وخسرنا آخرتنا قبل دنيانا.. وإنّ أخطر ما فيه أنّ إحدانا تستطيع أن تستخدمه دون رقابة ذاتية وخارجية.. أخبرتني إحداهن عن قريبة لها كانت تستخدم الإنترنت ساعات كثيرة من النهار حتى أنها كانت ترفض أن تخرج لزيارة أقاربها برفقة أهلها من أجله، وكثيراً ما كانت تستخدم الإنترنت وهي تجلس في البيت وحدها.. تعرّفت هذه الفتاة على صديقة من الإنترنت وأصبحت تكلّمها بالساعات على برامج الشات دون أن تعرف عنها أي شيء!.. ومع مرور الوقت إذ بصديقتها تحضها على دخول المواقع الإباحية.. فقررت تلك الفتاة أن تجرّب! ومرة تلو مرة إذ بها تدمن هذه المواقع والعياذ بالله.. وتنتظر لحظة خروج أهلها من البيت لتبدأ بمشاهدة المقاطع الإباحية غير آبهة بمخاطر ما تفعل!..
وتتابع صديقتي: "تعرّفت قريبتي هذه إلى شاب في هذه المواقع وبدأت تراسله وتكلمه حتى طلب منها بعض صورها غير المحتشمة وأخذت ترفض ذلك بالبداية لكنها أخيراً أرسلت له ما أراد مع الأسف.. فبدأ يهددها بصورها تلك كلما أراد منها المزيد.. وبدأت حياتها تنقلب جحيماً يوماً بعد يوم.. حتى أصبحت تخشى كل صرخة تسمعها بالمنزل وكل صوت ينادي باسمها.. وتردّت حالتها النفسية والصحية.. وتراجع تحصيلها الدراسي كثيراً، إلى لحظة لم تعد تحتمل فيها كل هذا العناء فأخذت قرارها بإخبار والدها!.. وهذا ما فعلت!!.. عاقبها والدها عقاباً نفسياً مروِّعاً؛ فحبسها في غرفتها طيلة شهر كامل، لا يكلمها فيه أحد أبداً.. ناهيك عن العقاب الجسدي الذي نزل بها لحظة إخبارها لوالدها"..
◘ حسناً، ما السبيل حتى لا أنزلق في مهاوي الإنترنت؟
أختي... إنّ كل الأمور الطيبة والخبيثة أمام الإنسان واضحة جَليّة.. لا يحتاج فيها للكثير من التفكير أو إلى آخرين يرشدونه إلى صحّة ما يفعله من عدمها.. ألم يقل الله تبارك وتعالى: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾؟!
وها هو صلى الله عليه وسلم يؤكّد لنا هذا المعنى أيضاً بقوله: «الحلال بيّن والحرام بيّن»، ويقول كذلك: «استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس».. إذاً غاليتي.. فلتُبقي جهاز الإنذار الموجود في داخلك متيقظاً معك حين تستخدمين الإنترنت على الدوام..
◘ إحداهن اشتكت؛ فقالت: أحياناً أقلّب الصفحة تلو الأخرى فلا أعود أقوى على ملك زمام نفسي في مضي الوقت دون أن أشعر..
من المهم عزيزتي أن تحددي لنفسك وقتاَ معيناَ تقضينه يومياً مع صفحات الإنترنت.. وإلا ذهب وقتك كله سدى؛ فما إن يدخل أحدنا رابطاً إلكترونياً واحداً حتى يظهر أمامه 10 روابط أخرى!.. فإن لم تكوني قد حددتِ لنفسكِ وقتاً معيناً تُنهين فيه جلستك تلك تُهتِ بين الصفحات.. ولا ننسى أن أوقاتنا أمانة بأيدينا نُسأل عنها يوم القيامة؛ فهل من المعقول أن نمضي جُلّها في الصفحات فارغة المضمون؟!
◘ أخرى طرحت سؤالاً مهماً يشغل العديد من الصبايا: كيف أستفيد من الإنترنت؟
عزيزتي، اجمعي قائمة ببعض المواقع ذات الفائدة تطالعينها يومياً, بالإضافة إلى تلك المواقع الترفيهية التي تدخلينها.. فلتكن إحدى ساعتيك تلك وقليل من الأخرى لهذا الغرض، ولتكن هذه المواقع المتخصِّصة في شتى المجالات.. فموقع للأمور الإسلامية.. وآخر للأخبار السياسية.. وآخر يتحدث عن التاريخ مثلاً.. وهكذا.. ولعله من الجيد أيضاً أن تخصصي وقتاً لحضور محاضرة معينة في تطوير الذات.. أو فلاشاً مميزاً يهدي إلى البِر! ابحثي كذلك عن مجموعات للعمل التطوعي في بلدك على أن تكون من جهات موثوقة وانطلقي في العمل التطوعي معهم.. واجعلي من ملفك الخاص على الفيس بوك غاليتي منبراً للدعوة إلى الخير..
◘ قد تسأل إحداكن: هل من أخطاء شائعة بإمكاني تجنبها أثناء استخدامي للإنترنت؟
نعم عزيزتي، وهي كثيرة.. ومنها: نشر بعض المقاطع المحرّمة أو الكلام السيّئ الذي نحمل وزره ووزر من سمعه أو شاهده أو قرأه إلى يوم القيامة - لا سمح الله. ومن مثل ذلك بعض الأغاني المحرّمة أو الأفلام ذات المضمون السيّئ، نشر بعض الكلام على لسان سيد البشر صلى الله عليه وسلم دون التأكّد من صحّته وصدق روايته.
ختاماً.. نرجو الله أن يمنّ علينا ببصيرة قوية تحملنا على استخدام هذه النعمة العظيمة خير استخدام واستغلالها قدر الإمكان لأداء زكاتها لرب الأكوان..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن