وتستحيي منه ملائكة الرحمن!!!
أتستحيي منه ملائكة الرحمن؟! سبحان الله! هذا ليس مألوفا ، وقد يبدو غريبا لدينا!
لا عجب …، فالجزاء من جنس العمل، إنه من كرام الصحابة، ومن الأربعة الراشدين، وقد بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة… ميَّزه الله تعالى بخلق كريم بلغ به شأناً عظيماً، ألا وهو خلق الحياء، إنه الصحابي الجليل عثمان بن عفان – رضي الله تعالى عنه -، حيث شهد له النبي صلى الله عليه وسلم، وأعظم بها من شهادة : “إن عثمان رجل حيي”. رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها. وفي حديث آخر: ” ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة” رواه مسلم و أحمد عن عائشة رضي الله عنها. وهذا يدل على مكانة عثمان عند الله؛ لأن الملائكة ما استحيت منه إلا لذلك، فكان الجزاء من جنس العمل.
يتساءل أكثرنا مستغربا كيف تستحي منه الملائكة؟ أقول: إنَّ حياء الملائكة من عثمان رضي الله عنه على النَّحْو الذي يليق بهؤلاء الملائكة الكرام الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وهو صفةٌ تحملهم على توقيره ومهابته لصدق حيائه وطاعته للجليل سبحانه.
وقد يظن ظان أن زيادة الحياء، وتجلي هذا الخلق العظيم في حياة الرجل مذمومة، فيجيبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ”، وعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: “الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ”.
وبعد: فالحياء خلق قد اتفقت عليه جميع الشرائع: قال عليه الصلاة والسلام: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت” وهذا تهديد منه صلى الله عليه وسلم، أي: فاصنع ما شئت فإن الله يجزيك به.
«وهو خلقٌ يَبْعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حقِّ ذي الحق». ابن حجر
«ومنه نفسانيٌّ وهو المخلوق في النُّفوس كلِّها، كالحياء من كشف العورة والجماع بين النَّاس، وإيمانيٌّ وهو أن يمتنعَ المسلم من فعل الـمُحرَّم خوفًا من الله.
فإن قيل: الحياءُ من الغرائز، فكيف جُعل شعبةً من الإيمان؟ أُجيب: أنه قد يكون غريزةً وقد يكون تخلقًا، ولكن استعمالَه على وَفْق الشَّرْع يحتاج إلى اكتسابٍ وعلم ونية، فهو من الإيمان لهذا، ولكونه باعثًا على فعل الطاعة وحاجزًا عن فعل المعصية، ولا يُقال: رُبَّ حياءٍ عن قول الحقِّ أو فعل الخير؛ لأن ذاك ليس شرعيًّا». الـمُناوي.
وليس خفياً أن الحياء مراتب ودرجات كلما حمل المرء نفسه عليه ارتقى فيه إلى ما شاء الله من معارج هذا المقام العظيم. وأصل هذا وأساسه هو الحياء من رب العزة تبارك وتعالى.
المصدر: موقع رابطة العلماء السوريين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة