اللقمة المغموسة بالدم
يردد بعض الناس عبارة (اللقمة مغموسة بالدم) ويقصدون أن الحصول على المال الذي يشتري الطعام يستوجب العمل الشاق الذي قد يدمي اليدين أو القدمين، أو –في الأماكن المحدودة الدخل– قد يستوجب التنافس الشديد مع الآخرين للحصول عليه، فكأن الإنسان في معركة.
ترددت عبارة (لقمة العيش المغموسة بالدم) في الحديث عن صيادي غزّة المحاصَرين والممنوعين من الابتعاد عن الشاطئ أكثر من ثلاثة أميال، ومَن يحاول الابتعاد أكثر فيتم إطلاق النار عليه، أو خطفه واستجوابه، والتفنن في إذلاله، ومساومته على لقمة عيشه! هذا عدا عن إتلاف أدوات وشباك الصيد، وإغراق المراكب أو احتجازها، وفرض الغرامات الباهظة. إنها فعلاً لقمة مغموسة بالدم والخوف والقهر. وهذا ليس بغريب على قوات الاحتلال.
أما الغريب ما يحدث في بلاد الشام، فترى الجيش الذي يُفترض فيه أن يحمي أبناء وطنه، يقوم بقصفهم بالطائرات أو بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ. ويقصف مَن؟ إنه يقصف أناساً منكوبين خرجوا إلى مخبز في حي بستان القصر في مدينة حلب لعل أحدهم يعود ببعض الأرغفة إلى أولاده الذين يتلعلعون من الجوع، خرجوا ليقفوا في طابور طويل للحصول على الخبز الذي ربما صار الطعام الوحيد لكثير من الأسر المنكوبة، فإذا بأكثر من خمسين شخصاً يقعون صرعى، وحوالي مائتين جرحى لم يجدوا مسعفاً، والأكثر من ذلك فقد رأينا على الشاشة الخبز مغموساً بالدم. فلم تعد عبارة (اللقمة المغموسة بالدم) عبارة "مجازية" وإنما صارت حقيقة، رأيتها بأم عيني يوم أمس الاثنين الثالث من كانون الأول/ديسمبر.
ما يثير الاستغراب أكثر هو خبر تناقلته بعض وكالات الأنباء يقول بإقدام الطاغية على تجميع مكونات غاز السارين الكيميائي تمهيدا لاستخدامه في معركة خاسرة ضد أبناء الشعب! فهل يا تُرى سيتمكن من هذا؟ أم هل سيدرك العالَم خطورة هذه الخطوة فيمنع حدوثها قبل وقوعها؟ أوليست الأسلحة الكيميائية مصنَّفة ضمن أسلحة الدمار الشامل؟ أم هل يفكر العالَم بأنه لا يمكن المعاقبة على النوايا! لكن ما قيمة العقوبة بعد وقوع جريمة كارثية بحق الإنسانية؟ ألا تكون عقوبة عبثية لا معنى لها؟ أسئلة تتوارد على الذهن في توقع ما قد يحصل. وإن الليل مهما طال سينجلي، ولا بد للصبح أن ينبلج، ولا يسعنا إلا أن نسأل الله اللطف بالعباد.
ومن باب المعرفة العلمية فإن السارين عنصر كيماوي عالي السُّمِّية في حالتيه الغازية والسائلة، ويهاجم الجهاز العصبي، ويسبب الوفاة خلال دقائق من التعرض له، ويدخل للجسم عبر الجهازين التنفسي والهضمي وعبر العيون والجلد. وأعراضه تشمل الدموع الغزيرة، وإفرازات من الأنف، والعرق الغزير، والصعوبة في التنفس، وعدم وضوح الرؤية، وكذلك القيء والصداع. ويحدث الأثر القاتل عبر مهاجمته للعضلات التلقائية التي تنظم عملية التنفس والغدد، ما يؤدي إلى وقف عملية التنفس. والعلاج الفوري عند التعرض له يكون بإزالة التلوث فوراً، وتغيير الملابس، وغسل العيون والجلد بالماء. ويوجد بعض الأدوية لعلاج الإصابة به.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن