الرَكب والبشرى!
يا قدس إنّي ما هجرت فؤادي أنا ما سلوت وما فقدت رشادي
ما زلت أسمع والدَياجي حولنا.. لك آهةً في يقظتي ورقادي
الجرح موصولٌ بجرح غيره وأنين صوتك يستحثّ الوادي
مرَ الزمان على رحابك بائساً ما ذاق فيها فرحة الأعياد
مذ رفرفت رايات عزٍ في الرُبى ونمت غصون المجد والإسعاد
أيّام خطَ الدّهر في صفحاته آيات فخرﹴ من يراع جهاد
فاتخذت مصباحاً ينير لك الدُجى أشعلته تقوى وفيض مداد
والخير يجري في يديك وطالما نثرت يداك الخير للأجداد!
لهفي عليك وفيك مسرى المصطفى اتخذوك مسرح لعبة المتمادي!
لهفي عليك وأنت فينا درَةٌ قد أودعوك الجبَ بالأصفاد!
لهفي عليك وأنت مرتع عابثﹴ ومتيَمﹴ في سكرة (الميعاد)!
لهفي عليك وألف لهف نازفﹴ ما نزف عرقٌ عند كلِ فؤاد!
جفّت عيون القوم بعد بكائها واستسلمت للنوم بعد سهاد!
إلا فتاك يهزُ أوتار الأسى ويظلُ في أذن المساء ينادي:
النار تكوي أضلعي وخواطري وتذوب نفسي في زفير الوادي!
فرَت خيول المدبرين من الوغى ولقد يكون الفرُ دأب جواد!
لكنَ فارسك الجسور قد ارتدى درع الشهادة لحظة الميلاد!
نام القطيع ولم ينم ذؤبانه فطوى البرايا حرقة الأكباد!
والرَكب يبحر في خضمٍ صاخبﹴ دون الشِراع ودون خير عتاد!
تتزاحم الأخطار حول سفينة وتظلُ من غير (1) المحيط عوادي
الريح تعوي والعواصف لا تني (2) والحفل يرقص في رحاب النادي!
إن لم يكن نبع الفضيلة صافياً فالنهر لا يودي بغلَة صادي (3)!
يا ربُ يا رحمن أدرك أمَتي بسحائب الخيرات والإسعاد
يا مرفأ الآمال ردَ سفيننا ردّاً جميلاً في طريق رشاد
يا ثالث الحرمين ألبسك الأسى ثوب الحداد على ضياع بلاد
يا ساحة الشهداء عطَرك الهدى نفحاتك الثَكلى بكلِ فؤاد
لو هبَت الأنام منك على الدُنا لتنشَقتها أمّة الأمجاد!
فتَشت عن قومي فلم أعثر لهم إلا بقايا عدَةﹴ وعتاد!!
يا أمّة المختار سيري واقتفي أثر الحبيب وأسوة العبَاد!
قومي بنا ننهج سبيل المصطفى وصحابةﹴ من خيرة الأجناد
نتفيَأ الظِل الظَليل ونحتمي بكتاب ربِ العالمين الهادي
يا أمّة الإسلام قومي وانهضي فالرَكب والبشرى على ميعاد!
هوامش
1- غير: غير الدهر: أحواله وأحداثه المتغيرة.
2- لا تني: لا تضعف.
3- غلة صادي: شدة العطش وحرارته، الصادي: العطشان
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!