العامية وتأثيرها على لغة الضاد
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
650 مشاهدة
من المعروف أنّ اللغة العربية- المسماة بلغة الضاد-
هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك يجب الحفاظ عليها من خطر المؤثرات الخارجية، لا سيما أنّها- أي اللغة- كائن حي ولا بدّ لها بحكم ذلك أن تتأثر بكل ما يحيط بها ويلابسها من مظاهر الحياة، فيما تدل عليه وتعبر عنه.
فهذه اللهجة العامية المسيطرة على محيطنا قد تشكّل خطراً على لغة القرآن في حال نمت نمواً مطرداً؛ لأنّ أضرار اصطناع اللهجة العامية في هذه الأيّام أعظم منها فيما مضى من العصور، لما للتلفاز والإذاعة والصحافة من أثر قوي على النّاس إذ أنّها تلقانا في الصباح وفي المساء.. ويكون خطرها أشد وأقوى حين يكون إلقاء الدروس في المدارس والمعاهد والجامعات باللهجة العامية لأنه يضعف اللهجة الفصحى في نفوس ناشئتنا، إذ أنهم لا يتحدثون بها في منازلهم وبين أصدقائهم، ولا يحدِثون بها في مدارسهم، اللهّم في حالات معينة عندما يأتي تدريسهم للقرآن.
ولقد أدرك أعداء الأمة العربية أنّ أقوى وسيلة لتفتيت كيان هذه الأمة يكون في تعزيز اللهجة العامية. وقد تنبّه كثير من علمائنا ومفكرينا القدامى إلى خطورة هذا الأمر مما جعلهم يؤلفون الكتب موضحين ما ينشأ من أضرار حين نهمل قواعد لغة القرآن، وذلك حين يكون تعبيرنا عن أفكارنا وعواطفنا بصورة فنية، فهذا أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي (نحويّ كوفي وأحد القرّاء السبعة) المتوفَى عام 189هـ يؤلِف كتاب "رسالة في ما يلحن (2) فيه العامة". وجاء أبو عبيدة المتوفَى عام 209هـ فصنع كتاباً بعنوان "لحن العامة". وأبو حنيفة الدِينوري المتوفَى عام 290هـ كتب في الموضوع نفسه.
وفي معرض حديثنا عن ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى وجود معجمات عن اللغة العامية؛ فمثلاً وضع الشيخ احمد رضا (1872م- 1953م) معجمه "ردّ العامي إلى الفصيح" وفيه يشير إلى أن اللغة العامية مع ابتعادها عن اللغة الفصحى، لا تزال محتفظة بجانب كبير من ألفاظ تلك وسننها. لكن هذا لا يعني أننا نحبّذ إحلال العربية العامية محل الفصحى، فعندها يصبح من المتعسّر على النّاس فهم ما هو مكتوب بوضوح خاصة إنّ القرآن الكريم وآثار السّلف الصّالح، إضافة إلى تراثنا العلمي والأدبي، كلّها مكتوبة بلغة عربية فصحى.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن