القاضي العلامة أحمد شاكر رحمه الله
هو العلاّمة المحدِّث المفسر الفقيه اللُّغوي الأديب الكاتب أحمد بن محمد بن شاكر من آل أبي علياء ينتهي نسبه إلى الحُسَيْن بن عليّ. ولد رحمه الله تعالى يوم الجمعة 29 جمادى الآخرة سنة 1309 هـ (1892م) في القاهرة وتوفي يوم السبت 26 من ذي القعدة سنة 1377 هـ (1985م).
نشأ في بيت علم ودين، فقد كان والده العالم العلاّمة محمد شاكر شيخ شيوخ الأزهر ومجدِّد مَجْده.
عُرف رحمه الله بنباهته وذكائه اللامع منذ صغره فسماه والده "شمس الأئمة أبو الأشبال"، وقد اصطحبه معه إلى السودان عندما وُلِّي القضاء فيها فألحقه بكلية غوردون، ثم انتقل بعدها إلى الإسكندرية والتحق بالمعهد الذي أنشأه والده وأكمل دراسته في الأزهر الشريف وحصل على العالِميّة. وعلى إثرها قام بالتدريس لعدة أشهر ثم التحق بالقضاء الشرعي حيث استمر فيه مدة تزيد عن الثلاثين سنة.
تأثر الشيخ أحمد شاكر بوالده وقد كان أول شيوخه فقد قرأ له ولإخوته تفسيرَيْ: البغوي والنسفي، وقرأ لهم صحيح مسلم وسنن الترمذي والشمائل وبعض صحيح البخاري وقرأ لهم في الأصول: جمع الجوامع للتاج السُّبكي وشرح الإسنوي على منهاج البَيْضاوي.
وقد كان الشيخ الإمام في قمة عالية من تواضع العطاء يلتمس الحق أنّى وجد ويعترف لكل ذي فضل أو علم بفضله وبعلمه.
تميز رحمه الله بسَعة علمه وحفظه للحديث حتى لُقب: إمام أهل الحديث في عصره؛ فقد كان أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوي في زماننا دراسة وافية قائمة على الأصول التي اشتهر بها هذا العلم في القرون الأولى وكان صاحب اجتهاد في جَرْح الرجال وتعديلهم وما ذلك إلاّ لتلقّيه علم الحديث عن مشايخ بلده ومشايخ من خارج بلده. فتلقى العلم عن كبار المحدثين مثل الشيخ طاهر الجزائري عالِم سورية ومحمد بن الأمين الشنقيطي وعبد الله بن إدريس السَّنوسي وغيرهم.
كما تميّز بدقة تحقيقاته للكتب وطولِ نَفَسه في الاشتغال عليها، فلم يمنعه عمله في القضاء من القراءة والبحث الدقيق في كتب الحديث والتفسير، وقد بدأ تحقيق مسند الإمام أحمد بن حنبل في بدء شبابه واستمر يقرأ ويراجع ويعلِّق في مسودَّاته حتى سنة 1943 حيث أخرج الجزء الأول من الكتاب من بعد 32 سنة من القراءة والتحقيق وهو جهدٌ لم يسبقه إليه أحد في الدقة، ما جعله متميزاً في هذا المجال، وأكمل تحقيق خمسة أجزاء أخرى منه، وتحقيق خمسة أجزاء من عمدة التفسير مختصر ابن كثير، وجزءان من سنن الترمذي، وجزء من صحيح ابن حِبان. والرسالة للشافعي، وجماع العلم للشافعي، والشعر والشعراء لابن قتيبة، والمحلّى لابن حزم ، ولُباب الآداب لأسامة بن منفذ، وغيرها من الكتب.
كما تميز رحمه الله تعالى بغزارة مؤلفاته المفيدة الماتعة والتي منها: نظام الطلاق في الإسلام، أوائل الشهور العربية، أبحاث في أحكام (فقه، قضاء، قانون)، الكتاب والسُنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر، كلمة الحق، السمع والطاعة، الشرع واللغة، وغيرها...
ولعل الميزة المتألِّقة من مزايا الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى هي جرأته في قول الحق فكان لا يخاف في الله لومة لائم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مصلحاً لمجتمعه ولبعض ما كان يظهر في آفاق العالم الإسلامي من انحراف ديني أو خُلُقي أو أخطاء علمية دقيقة، مدافعاً عن دينه داحضاً لشُبه المغترين...
وقد كان ينشر آراءه هذه في مجلة (الهَدْي النبوي) وقد كان رئيساً لتحريرها وذلك تحت عنوان "كلمة الحق".
رحم الله شيخنا الجليل العلاّمة أحمد شاكر، وهيأ للأمة الإسلامية أمثال هؤلاء العلماء الحارسين لحمى الشريعة الإسلامية الذّابين عن دين الله المكرّسين حياتهم للعمل على خدمة ديننا الحنيف.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة