ثبوت استحباب الاستعاذة من النار بعد صلاتَيْ الصبح والمغرب
في مجلس مبارك ليلة 20 رمضان 1420هـ في المسجد الحرام مقابل الكعبة المعظّمة وعَقِب صلاة التراويح جلستُ أنا وإخوة أفاضل من أهل العلم – من لبنان وسوريا والكويت والأردُنّ – نتذاكر بعض مسائل العلم وأخبار الكُتُب، فسأل أحد الإخوة عن حديث الاستعاذة من النار بعد صلاتَيْ الصبح والمغرب، وطلب مني أخي الغالي الحبيب العالم الداعية الشيخ مجد مكّي أن أكتب عن هذا الحديث فوقع هذا الطلب مني موقع القبول وعَلِق في ذهني إلى أن عُدْت إلى بيروت فشرعتُ في الكتابة بعون الله عزّ وجلّ، واستعنتُ بالله عزّ وجل راجياً توفيقه وهُداه:
روى الصحابي مسلم بن الحارث التميمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أسَرَّ له قائلاً: "إذا انصرفتَ من صلاة المغرب فقُل قبل أن تُكلّم أحداً: اللهم أَجِرْني من النار – سبع مرّات -، فإنك إذا قلت ذلك ثم مُتّ من ليلتك كُتب لك جِوارٌ (أي: أمانٌ) منها. وإذا صلَّيْت الصبح فقل كذلك، فإنك إذا مُتّ في يومك كُتب لك جِوارٌ منها".
هذا الحديث حسن، فقد أخرجه الإمام أبو داود في أواخر سننه (5039)، باب ما يقول إذا أصبح، وعزاه الحافظ المِزّي في «تحفة الأشراف» 906:3 (ح3281) إلى النَّسائي أيضاً، إلا أنني لم أجده في السنن الصغرى - «المجتبى» - المرادة عند الإطلاق، وإنما في أصلها «السنن الكبرى» - ح9939- وفي «عَمَل اليوم والليلة» (111). كما أخرجه الإمام أحمد بنحوه في المسند (18054).
والحديث صحّحه ابنُ حِبّان (2022ـ بترتيب ابن بلبان) وسكت عنه أبو داود والحافظ المُنذري في «مختصر السنن»، وفي «الترغيب والترهيب» صدّره بصيغة «عن». وقال الحافظ ابن حجر في «نتائج الأفكار بتخريج الأذكار» 310:2: هذا حديث حسن.
مَنبَهة
اختُلف هل الذي روى الحديث هو الحارثُ بن مسلم بن الحارث عن أبيه مسلم بن الحارث، أو مسلم بن الحارث بن مسلم عن أبيه الحارث بن مسلم؟ وبالتالي هل اسم الصحابي الراوي هو مسلم بن الحارث أو العكس. الراجح هو ما ذكرته عند سياق الحديث من أنه مسلم بن الحارث – يُنظر كلام الحافظ ابن حجر في الإصابة 414:3 – وأنّ ولده التابعي هو الحارث بن مسلم.
فائدة
أورد الإمام النووي هذا الحديث في كتابه «الأذكار» في باب الحثّ على ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح.
ضراعة
نسأل الله أن يُلهمنا الثبات على هذا الدعاء بعد الفجر والمغرب بالعدد الموصَى به من نبيّنا صلى الله عليه وسلم ما حَيِِينا بفضله وتوفيقه، وأن يُجيرَنا من عذاب جهنم ولهيب نارها وسُوء منظرها وشدّة حرّها ولَفَح لهيبها. إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين. آمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
هل تظنُّون؟!
السنوار... رسالة الرمق الأخير
فلْتَكُنِ العربيّة مادّة وازنة!
من شموس المشرقين.. في تاريخ هذا الدين!
فكُن إيجابيًّا