ثبوت فضل ليلة النصف من شعبان وعدم ثبوت طلب تخصيص قيام ليلها وصيام نهارها!
ثبوت فضل ليلة النصف من شعبان وعدم ثبوت طلب تخصيص قيام ليلها وصيام نهارها!
ورد في سنن ابن ماجَه مرفوعاً: "إذا كان ليلةُ النصف من شعبان فقوموا ليلَها وصوموا نهارَها" لكن حكم عليه أهل العلم بأنه ضعيفٌ جداً، بل حكم الإمام أحمد بن حنبل على أحد رواته بأنه يضع الحديث.
والتفصيل هو أن هذا الحديث رواه ابن ماجه في سُننه عن علي رضي الله عنه مرفوعاً، ولكنْ في السند أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرَة وهو متروك – وهذا الوصفُ من أحطّ مراتب الجرح بالراوي – بل قال الإمام أحمد فيه: كان يضع الحديث.
ولذلك ضعّف هذا الحديث عدد من الحُفّاظ الكبار، منهم: الحافظ المُنذري في "الترغيب والترهيب"، والحافظ الدِّمياطي في "المَتْجر الرابح في ثواب العمل الصالح"، وابنُ رجبٍ الحنبلي في كتابه القيّم "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف"، والحافظ البُوصيري في "مِصْباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه". كما ضعّفه من العلماء الكبار العلاّمة الفقيه ابن حجر الهَيْتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى"، ومن المعاصرين: أحد شيوخي من كبار علماء العصر المحدِّث عبد الله الغُماري رحمه الله في "حُسن البيان في فضل ليلة النصف من شعبان وفضل رمضان"، والشيخ ناصر الألباني رحمه الله في "ضعيف الجامع الصغير" وفي "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة".
وبعد ما تقدم ألفتُ الأنظار إلى تنبيهين، (الأول): يزعم بعض أهل الأهواء أن هذا الحديث موجود في صحيح ابن حِبّان وذلك لإيهام الناس أنه صحيح. والحقيقة أن الحديث ليس في صحيح ابن حِبّان، ولا يجوز الكذب على العلماء كما لا يجوز الاستدلال بالأحاديث المكذوبة والضعيفة جداً في الأحكام وهو أمر اتَّفق عليه أهلُ العلم.
و(الثاني): ينبغي أن لا يُتوهَّم مما تقدَّم أنه ليس لليلة النصف من شعبان فضلٌ بل لها فضل عظيم ثابت في مجموعة أحاديث عن عدد من الصحابة يقوّي بعضُها بعضاً مُفادها أن الله يغفر في هذه الليلة المباركة لجميع الخلق إلا لمُشرك (فخرج غير المسلم) أو مُشاحن (أي مَنْ بينَه وبين أيٍّ من المسلمين شَحْناء وبغضاء لأمر دنيويّ). إلاّ أنّ ثبوتَ فضلها شيء واعتقاد ورود السنّة بطلب تخصيص قيام ليلها أو صيام نهارها شيء آخر، فقد تبيّن مما تقدّم أنه لم يثبت في ذلك أيُّ حديث ولا عُرِف تخصيص هذه الليلة أو نهارها بعبادة خاصة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أو أحد من الصحابة.
ولكن من أراد قيامَها لفضل قيامِ أيِّ ليلة أو صيام نهارِها لأنه من الأيام البِيض فله ذلك بل يُستحبّ، وهذا ما أفتى به العلاّمة ابن حَجَر الهَيْتمي في "الفتاوى الكبرى" 80:2.
اللهم اغفر لنا بفضلك ولا تحرمنا من رحمتك وعظّم أجورنا بكرمك إنك أنت أكرم الأكرمين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن