تركيا تزامُن انطلاق أسطول الحرية وانطلاقة حفل اللغة العربية
كتب بواسطة تحقيق: ريما حلواني
التاريخ:
فى : تحقيقات
1667 مشاهدة
"منبر الداعيات" تحضر في إسطنبول انطلاق سفينة مرمرة الزرقاء، وتشارك في جناح خاص في أول مسابقة للغة العربية بين معاهد الأئمة والخطباء.
شهدت إسطنبول تزامن حدثين تاريخيَّيْن هما الأوّلان مِن نوعهما في تركيا، استُقبِلا مِن الشعب التركي بحفاوةٍ بالغة وبدعم جماهيري ضخم لم يعرفه التاريخ الحديث لهذه الدولة.
· الحدث الأول: إطلاق مبادرة أسطول الحرية لكسر حصار غزة، مِن خلال تجهيز أضخم سفينة في هذا الأسطول، سفينة "مرمرة الزرقاء"، التي انطلقت مِن ميناء أنطاليا الجديد "سرايبورنو" عصر السبت في 8 جمادى الآخرة 1431هـ = 22 أيار 2010م، بزفّة جماهيرية ضخمة رعاها حشد شعبي وسياسي وإعلامي.
· الحدث الثاني: المسابقة الثقافية الأولى في اللغة العربية بين معاهد الأئمة والخطباء، التي نظمتها أكاديمية إسطنبول في جامعة أوروبا الإسلامية، التي تعدّ خطوة رائدة تُظهر "الحلُم الإسلامي" الذي أصبح يعيشه الأتراك ويتمنَّون أن ينقلبَ إلى واقع وحقيقة. وقد غطّت مجلة منبر الداعيات الحفل الختامي لهذا الحدث الذي جرى مساء الأحد 9 جمادى الآخرة 1431هـ = 23 أيار 2010م في قاعة المؤتمرات – أوتيل هيلتون في إسطنبول.
* * *
انطلاق سفينة مرمرة الزرقاء في أسطول الحرية:مِن على ميناء سرايبورنو، ورغم الجو الماطر توافد أكثر مِن عشرة آلاف شخص... في حشود مِن الرجال والنساء والشباب والشِّيب والأطفال، رافعين الصوت بتكبيرات العيد - وهي مِن عادات الأتراك في المظاهرات والتجمّعات - تملأ المكان مودِّعةً السفينة.
قبل أن ينطلق المتضامنون إلى الميناء لركوب السفينة أقيمت صلاة الجماعة في القاعة المغطاة ببلدية 'كيبيز' بمدينة أنطاليا، كما أقيمت صلاة الجنازة على الغائب على روح الشهيدين فاروق أكتاش وبهاء الدين يلدز، اللذين توفيا عند تحطم الطائرة المحمّلة بالإغاثة التي كانت تقلُّهما على الجبال الأفغانية في رحلة إغاثية للشعب الأفغاني.
وبعد الصلاة أكد بولند يلدرم - رئيس الهيئة الإغاثية الإنسانية التي قادت الأسطول- في خطابه، أن الأسطول يهدف إلى دعم أهالي غزة والتأكيد لهم على أنهم ليسوا وحدهم، وقال: "إن شاء الله سنكسر الحصار المفروض على فلسطين، وسنعيش لنحقق نصر أُحُد وخيبر يوماً ما، أو صلح الحديبية... ولن نتردد من أجل نيل النصر".
مع الشيخ رائد صلاح
كما كان للشيخ المجاهد البطل رائد صلاح كلمة في المهرجان. وفي سؤال وجهناه له حول احتمال اعتداء الاحتلال الصهيوني وتخوُّفهم حيال الأمر، بدا عظيم الثقة بالله عزّ وجلّ، وقال: "أنا أؤكد بقلب مطمئن أن أسطول الحرية هو عبارة عن تجسيد ضمير العالم الحر، الذي يؤكد بصوت واحد أنه قد آن الأوان لكسر الحصار عن قطاع غزة، آن الأوان لزوال الاحتلال اليهودي.. وفي تصوُّري إن هذا الصوت العالمي هو محل إجماع مِن كل قارات الدنيا وشعوبها، وهو أقوى بكثير مِن صوت الاحتلال، هذا الصوت سينتصر.. إن شاء الله تعالى، وأنا بإذن الله على يقين أننا خلال هذه الرحلة سندخل إلى أرض غزة، سننقل لهم تحية كل أهل الأرض، وتحية الكثير مِن الإخوة والأخوات الذين حمّلونا أمانة خلال هذا المهرجان التاريخي الفريد مِن نوعه.
لقاء مع هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان في تركيا:
بعد انطلاق السفينة، وفي مركز الهيئة الإغاثية والإنسانية IHH، الذي ملأت جدرانَ مكاتبه شعاراتُ أسطول الحرية "وجهتنا فلسطين وحمولتنا الحرية"RotamizFilistinYukumuzInsaniYardim، والملصقاتُ الإعلامية للحملة، طرحنا عدة أسئلة على المحامية غُلدن سونماز – عضو في المجلس التأسيسي لجمعية IHH، وعضو في لجنة التنسيق لقافلة شريان الحياة.
حدثتنا غُلدن سونماز عن الأهداف والدوافع، وعن الآليات التي اتبعتها هيئة الإغاثة الإنسانية لقيادة هذا التحرُّك الضخم لفك الحصار. وأكّدت على أن نسبة مشاركة تركيا هي الكبرى؛ فسفينة مرمرة الزرقاء هي الكبرى في هذا الأسطول، كما أكدت على الدعم السياسي – الممثل بـ 20 نائباً تركياً متضامناً مع أسطول الحرية – لهذه المبادرة.
وكان ممّا قالته غُلدن سونماز: "لقد انطلق أسطول الحرية اليوم رغم التهديدات الصهيونية. الأمم المتحدة - بحسب ما تصرّح دائماً - رافضة للحصار على غزة، - وما تفعله المؤسسة الصهيونية المحتلة بغزّة خطأ دولي كبير. هذه المرة المؤسسة الصهيونية منزعجة؛ فالذي عرقل "قافلة شريان الحياة" في المرة السابقة كانت الحكومة المصرية بأمر من العدو الصهيوني، ولم يكن العدو الصهيوني في الواجهة. أما الآن فإذا أرادت هذه المؤسسة أن تمنع أسطول الحرية فعليها أن تواجهَنا مباشرة، وهذا ما قد يحقق لنا نجاحاً سياسياً ودولياً إن شاء الله، مع العلم أن كل شيء متوقع مِن هذا العدو: القتل والتدمير والخطف...".
كما أجرت مراسلتنا مِن تركيا إسراء شينار حواراً مع أحمد أمين داغ–ممثل هيئة الإغاثة الإنسانية في الشرق الأوسط- حول الاعتداء الذي وقع مِن قِبَل الاحتلال الصهيوني.
1."منبر الداعيات": كيف كانت تحضيرات الهيئة للتهديدات الإسرائيلية؟
· في الحقيقة إنّ تهديدات إسرائيل كانت قد بدأت قبل سفرنا هذا بشهرين أو أكثر. توقّعنا أنه في أسوأ الاحتمالات قد يقتادنا الجيش المسلّح إلى ميناء أشدود باستخدام قنابل غازية، ما أعطانا بصيص أمل. وغاب عنّا أن المؤسسة الصهيونية لا تحترم حقوق الإنسان، فلم نتوقع قط أن يقوموا بعملية قرصنة ويستولوا على السفينة ويعتدوا ذلك الاعتداء الغاشم.
2. "منبر الداعيات":ما هي الترتيبات المستقبلية التي تعدّ لها الهيئة جراء ما حصل مِن اعتداء وحشي وقتل لعدد مِن المتضامنين الأتراك وغيرهم؟
· أولاً: لقد اهتممنا بأمور جنائز الضحايا، وشؤون أطفالهم مِن بعدهم، كما نتابع أحوال الجرحى في مستشفى أنقرة (عاصمة تركيا).
ثانياً: سنتابع ما جرى في المحاكم ولدى الطب الشرعي؛ فقد أدلينا بشهاداتنا، وأُجري فحص طبّيّ لكل مَن كان على متن السفينة. وبالطبع سنرفع الدعاوى، ومن أجلها يجمع محامونا الأدلّة بتفاصيلها كافة ويُجرون الترتيبات اللازمة.
ثالثاً: نحن بصدد التخطيط لِما نسميه "المكافحة الحقوقية"؛ فلن نخطو أية خطوة في تجهيز سفننا لأن المشاكل لم تنته بعد.
كما نهتم حالياً بالنشر الإعلامي الذي يعارض العدو؛ حيث إن العدو الصهيوني اليوم يحاول مِن خلال وسائل إعلامه أن يظهر بصورة المظلوم والمُعتدى عليه!
3. "منبر الداعيات": ماذا سيحلّ بسفينة مرمرة والمواد الإنسانية الإغاثية التي استولى عليها الصهاينة؟
· هناك مساعٍ حثيثة مِن قِبَل هيئتنا، ومؤسسة الأونروا التابعة للأمم المتحدة، ومديرية الإغاثة والكوارث التابعة لرئاسة الوزراء بتركيا - بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي - لإيصال كل المواد الإنسانية الإغاثية إلى غزة إن شاء الله. وبالنسبة لاسترداد سفننا بدأ محامونا يتابعون إجراءات استعادتها.
4. "منبر الداعيات": ما دور الحكومة التركية فيما بعد المجزرة؟ وهل تمت اجتماعات على مستوى الهيئة والحكومة؟
· إنّ هذه الحملة، وكذلك هيئتنا، مدنية. لهذا السبب لم يتم التنسيق بيننا وبين الحكومة التركية سوى أن نُعِلمَ بسفرنا الجهات المَعنية. ولكن بعدما تحول الأمر إلى مجزرة، نحن ننتظر الدفاع الحقوقي عنّا من قِبَل الدولة وستُخّذ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص تدريجياً بحسب ما وُعدنا من مسؤولي الدولة.
* * *
على المقلب الآخر شهدت تركيا حدَثاً تاريخياً بعد يوم واحد فقط من انطلاق سفينة مرمرة التركية. حدث ثقافي إسلامي يُعدّ الأول مِن نوعه، حضره نحو أربعة آلاف شخص مِن طلاب وأكاديميين، وشخصيات علمية وثقافية وإعلامية، ووسائل إعلام مرئية ومسموعة ومكتوبة. وقد ترك الحفل الختامي الذي توّج المسابقة في نفوس جميع الحاضرين بصمات مؤثرة عن حكاية الأتراك مع اللغة العربية، وتعلّقهم الفطري بها.
وقد كان لمنبر الداعيات لقاء مع المسؤول الميداني عن تنظيم مسابقة اللغة العربية الأولى ومنسّق برنامجها أ. محمد آغر أكجة:
1."منبر الداعيات": لو تعرّفونا بنفسكم أستاذ محمد آغر أكجة؟ وما هو دوركم في هذا الحدث الثقافي الضخم؟
· تخرجتُ من كلية الإلهيات من جامعة مرمرة، والآن أحضّر الدكتوراه في الكلية نفسها في الفقه الإسلامي، وقد بدأت العمل كمنسّق لبرنامج هذه المسابقة قبل ستة أشهر، والحمد لله وفّقنا الله في إتمامها على الوجه الذي رأيتم.
2. "منبر الداعيات": ما الدوافع الحقيقية التي دعت أكاديمية إسطنبول في جامعة أوروبا الإسلامية إلى تنظيم هذه المسابقة الضخمة؟
· الهدف من هذا البرنامج نشر اللغة العربية في مدارس الأئمة والخطباء، وهي مدارس تدرَّس فيها اللغة العربية رسمياً في تركيا منذ أن أُسِّست من 59 عاماً، لكن مع الأسف يتخرّج الطلاب فيها ولديهم ضَعف كبير في لغتهم العربية من ناحية المحادثة وأصول النحو، فلا يستطيعون فهمها أو التكلّم بها، الأمر الذي دفعنا إلى وضع خطط وبرامج تهدف إلى اتّباع أساليب التعليم الصحيحة وبالتالي نشر اللغة العربية. واحد من هذه البرامج: المسابقة الثقافية الأولى بين معاهد الأئمة والخطباء.
3. "منبر الداعيات": كيف قسمتم برنامج المسابقة؟
· قسمنا هذه المسابقة إلى خمسة أقسام: مسابقة اللغة العربية (النحو والصرف)، مسابقة الشعر، مسابقة المسرح، مسابقة الخطابة، ومسابقة الأنشودة باللغة العربية.
ودافعنا إلى هذا التقسيم قناعتنا أن مَن يريد أن يتعلم اللغة العربية يجب أن يحبها. ولكي نحبِّب الطلاب بها، كان لا بد مِن ابتكار هذه المسابقات باعتبارها عوامل جذب. وعندما وزّعنا في الشهر الثاني من العام نصوص المسابقات على مدارس الأئمة والخطباء، قالوا إن هذه المدارس ضعيفة جداً ولا يستطيع أحد مِن الطلاب أن يحفظ من هذه النصوص شيئاً، لكن وفقنا الله باشتراك 25 معهداً تضم 3000 طالب وطالبة في إسطنبول في كل أقسام المسابقة. وكان حفل ختامُ الاختتام - الذي وزعنا خلاله الجوائز – مسكاً مع مسابقة الأنشودة، والحمد لله.
4. "منبر الداعيات": ما هي طموحاتكم المستقبلية في تكرار هذه المسابقة؟
· يوجد في تركيا كلها 468 مدرسة للأئمة والخطباء، تضم حوالي مئتي ألف طالب وطالبة، فإن وفقنا الله تعالى نطمح أن نكرر هذه المسابقة في السنة المقبلة بمشاركة جميع هذه المدارس، وربما ننشرها بين الجامعات وكليات الإلهيات والشريعة إن شاء الله، وقد يشاركنا حينها طلاب ضيوف من هولندا ومن دول أوروبية. كما نتمنى أن نقيم هذه المسابقات في كل أوروبا؛ فطلابنا الأتراك الذين يتعلمون اللغة العربية في هولندا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا كُثُر، وهم يدرِّسون اللغة العربية لغير الناطقين بها. لسنا نريد أن ننهض بتركيا فقط بل بكلّ العالم، وباللغة العربية تكون النهضة.
5. "منبر الداعيات": من هي الجهات الرسمية وغير الرسمية التي حضرت؟ ومِن أي دول؟
· حضر الحفل الختامي رئيس جامعة أوروبا الإسلامية ورئيس مجلس أمنائها، وحضرت وفود من السعودية "العربية للجميع"، ورئيس "كلية المجتمع الإسلامي" ومِن لبنان مجلة "منبر الداعيات"، ومن البحرين "مركز البديع". ونأمل في المستقبل أن يشاركنا هذا المهرجان وفودٌ من 23 دولة عربية لا خمس دول فقط.
6. "منبر الداعيات": مَن أعدّ ونظّم هذا البرنامج الرائع مِن فقرات ولوحات فنية جميلة ومؤثرة؟
· الفريق العامل كان مجموعة من 12 شخصاً فقط معظمهم من الطلاب والطالبات، وكان بيننا مدراء ومدّرسون من مدارس الأئمة والخطباء، ومجموعة من أكاديمية اسطنبول.
7. "منبر الداعيات": قرأنا مِن خلال مسرحية "عائد مِن الغرب" التي عرضها الطلاب، رسائل إسلامية واضحة، ومراجعة للثوابت والقيم الإسلامية، فما رأيكم؟
· اللغة العربية وسيلتنا لتحقيق هدف عظيم، هو أن يفهم الجيل الناشئ القرآن الكريم ويتربى على القيم الإسلامية الأصيلة.
8. "منبر الداعيات": ما هي الرسائل التي أردتم أن ترسلوها مِن خلال أنشودة "الحلُم الإسلامي" التي خُتم بها الحفل؟
· هذه الأنشودة مشهورة جداً في العالم العربي بعنوان "الحلم العربي"، لكننا بدّلناها لتصبح "الحلم الإسلامي وقلنا فيها للعرب: نحن الأتراك عندنا حلم إسلامي نريد أن نحققه انطلاقاً من تركيا إلى كلّ العالم بما فيه العالم العربي إن شاء الله.
هذا وقد أجرت "منبر الداعيات"لقاءات مع الأساتذة والطلاب المشاركين في الإعداد لفقرات الحفل الختامي للمسابقة:
قصيدة «رثاء الأندلس» لأبي البقاء الرَّنْدي كان لها حصّتها في برنامج الحفل، فقد ألقى القصيدة على مسامع الحضور الطالب محمد ياسين جان، الذي نطق بالعربية وكأنّه عربي، وقد عكست أبيات القصيدة تأثراً بدا واضحاً على الطالب أثناء إلقائه. وقد تحدث معنا أستاذ الطالب محمد ياسين فسألناه عن زيادة عدد الفتيات المحجبات اللواتي يتعلّمن في معاهد الأئمة والخطباء، خاصة إزاء فرض قانون منع الحجاب في الجامعات، حيث لن تجد الفتاة المحجبة مستقبلاً مكاناً لها على مقاعد الجامعات الحكومية؛ فقال: "لا، هذا القانون - رغم جَورِه - كان منحة للطالبات ليتعلّمن العلوم الشرعية واللغة العربية، ورُبَّ ضارّةٍ نافعة".
ومِن ضمن برنامج الحفل، مسرحية "العائد مِن الغرب". دارت أحداث المسرحية حول (سمير) الذي عاد مِن بلاد الغرب بعد سنين طويلة ليلتقي بأصدقائه الذين يعيشون في تركيا، وقد غيّرهم الزمان؛ فبعد أن كانوا متديّنين تظهر عليهم سمات المسلمين، أصبحوا يقلّدون الغرب في كل شيء! أما (سمير) فقد تأكّد له أنْ لا عزة للمسلمين إلا باستمساكهم بدينهم، فلم يفرّط بأحكام دينه الحنيف، ولم يتخلَّ عن القيم والأخلاق الإسلامية.. بعد المسرحية حاورْنا بعض الطلاب الذين مثّلوا فيها، وأستاذتهم؛ يقول محمد البيرق(طالب في إحدى ثانويات الأئمة والخطباء): "ما دفعني إلى المشاركة هو حبّي للغة العربية، أنا أطمح أن أسافر إلى مصر لأتعلّم الشرع الإسلامي، وأتمكّن مِن لغتي العربية". أما الطالب خادم أصلان فيقول حول تجربته: "لقد اجتهدنا كثيراً وتعبنا، وأتعبنا أساتذتنا. بدأنا بالتحضيرات قبل شهرين، وكان يدرّبنا ثلاثة مِن الأساتذة، نشكرهم ونثمّن جهودهم. ما دفعني إلى المشاركة هو حبي للعربية، وأعتقد أنه لولا الحب لما اشتركت وتعبت".
أما هلال آطجي (معلمة في مدارس الأئمة والخطباء) فقالت: "كنتُ خائفة مِن النتائج؛ فهذه المسرحية الأولى التي نُعدّ لها، والأولى مِن نوعها على هذا المستوى في إسطنبول، لكنّ الله تعالى وفّقنا. "وتقول مريم آرام (تدرّس العلوم الشرعية): "طلابنا يحبّون اللغة العربية لكنهم لا يستخدمونها في حياتهم، وهذه المسرحية فتحت لهم نافذة جديدة لاستخدام اللغة العربية، وعدم التعامل معها باعتبارها مادة يأخذونها كباقي المواد الدراسية".
وِمن ضمن اللقاءات تعرّفنا على الأستاذ أبي عمار يغجي، مجنون اللغة العربية كما يحبّ أن يطِلق على نفسه. وحول سؤالنا له عن جهوده في تعليم اللغة العربية ونجاحه في ذلك قال: "إذا نجحنا في تعليم اللغة العربية أو تحبيبها إلى الطالب لابد أنّ السبب هو إقبال الطلاب وتَوْقهم للتعلُّم، فحتى الآن ليس لدينا مدرسة أو كليّة تُعنى بتعليم اللغة العربية فقط، وحتى الأساتذة المتخرّجون تعلّموا العربية في الابتدائية، ولم يتقنوها تمام الإتقان". ويضيف: "اللغة العربية لغة ربّانية، لغة القرآن الكريم، ومَن يفهم العربية يفهم الإسلام، ويعرف ماذا يريد منه الله عزّ وجلّ..".
كما التقينا بطالبتين - مِن أكاديمية إسطنبول - مِن المنظِّمات، تدرسان في جامعة أوروبا الإسلامية – قسم اللغة العربية؛ تقول عائشة نور قايا: "إنّ مفتاح فَهم القرآن الكريم هو تعلّم اللغة العربية، وهو أعظم أهداف هذا الحفل الرائع"، أما سَويد شَرَقَت فتقول: "نحن سعيدات بهذه المسابقة، ونعتبرها سبباً للتقرّب إلى الله عزّ وجلّ..".
* * *
لقد كان ذلك الحفل الجماهيري دليلاً واضحاً على قوّة الإرادة التركية التي مورِست ضدّها أقسى أنواع الاضطهاد الفكري والثقافي لإقصائها عن الحرف العربي، واللغة العربية. لكنّ الروح الإسلامية لدى الشعب التركي تأبى إلا أن تفهم الإسلام وتعيدَ أمجادها مِن خلال هذه اللغة العظيمة. فحريّ بأصحاب اللسان العربيّ أن يذكروا نعمة الله عليهم، ويتمكّنوا مِن لغتهم، قبل أن يضيّعوها - وهي محفوظة بحفظ الله لكتابه - فيفقدوا هويتهم ويضيعوا بوصلتهم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة