البنات...وفن إدارة البيوت
شهدت المجتمعات العربية والإسلامية في النصف الثاني من القرن العشرين تحوّلات ومتغيّرات عديدة تأثّرت بها أوضاع المرأة بصورة كبيرة؛ فكان من بعض نتائجها أنّ بنتَ اليوم لم تعد عنوان أمها كما كانت قديماً.. ففتاة اليوم لم تعد تمارس دورها الحقيقي في (مؤسسة الأسرة) التي هي المنزل، ولا تسعى إلى إتقان إدارة الأعمال فيه كما كان الحال مع أمها..
فما رأي شبابنا وشابّاتنا بالموضوع؟
رأي الشبّان:
تحصيل الشهادات
يقول الشاب أحمد حاج موسى(طالب في كلية الشريعة): (أصبح الهم الأول والأخير للفتاة تحصيلها للشهادات العليا، مما حوّل اهتماماتها إلى غير ما جُبلت عليه، فتغير نمط حياتها ودورها وحتى سلوكها وطبيعة علاقاتها في المجتمع، ودخلت سوق العمل ونافست الرجل في مختلف الميادين..).
هاجس المظاهر
ويُضيف الشاب ياسين المصري(سنة ثالثة امتياز فني معلوماتية إدارية): فئة من فتيات اليوم أصبح لديها هاجس الماكياج وشراء الألبسة وأحدث الموديلات من الهواتف النقالة أو السيارات، ولكن يوجد فئة أخرى لا تزال محافظة على عاداتها وتقاليدها، ولا تهتم بهذه الأشياء الزائفة.
الاتّكالية!!
ويرى الشاب محمد درويش (جغرافيا) أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى هذا الخلل، ولعلّ أولها التربية المنزلية؛ حيث تتولى الأم كل المهام، وتجلس ابنتها كأنّ الأمر لا يعنيها أو ما زال مبكراً عليها. والسبب الآخر يتعلق بالثقافة الغربية التي صورت للفتاة بأن بيتها سجنها وليس جنّتها؛ وكأنها تعتبر إدارة البيت انتقاصاً من كرامتها لأنها لم تُخلق للبيت بل للعمل والمنافسة!
الأم... هي السبب
أما الشاب علاء مراد (خرِّيج علوم اقتصادية) فيعتبر أن مسؤولية ضعف تأهيل الفتاة لتكون ربة منزل ناجحة تقع بشكل أساس على الأهل وخصوصاً الأم؛ فالأم هي المتابِعة الأساسة لبناتها، وهي التي تجعل من بنتها ربة منزل ناجحة في كل مجالات البيت من مسؤولية تربية الأولاد إلى أعمال البيت إلى الطبخ... وبالتالي إذا انعدم دور الأم في توجيه البنت وتدريبها انعدم النجاح في أن تكون الفتاة ربة منزل بامتياز...
مشاكل زوجية
الشاب ماهر(محاسب): نساء اليوم كثيرات منهن ربات منزل فاشلات، ولم يعدن «كنساء زمان» اللاتي كانت بيوتهن ممتلئة دفئاً وحناناً رغم عدم وجود التسهيلات الموجودة اليوم من الغسالات والمكانس الكهربائية... إلخ؛ فنساء اليوم أصبحت اهتماماتهن متابعة الفضائيات والجلوس أمام الإنترنت، أي ربات إنترنت، بالإضافة إلى الانفتاح الزائد على الدنيا.. وهذا ما دفع بي إلى الانفصال عن زوجتي التي أهمَلَتْ بيتها..
وماذا عن الفتيات؟
ربة منزل ناجحة
رقيّة سكاف (كلية إدارة الأعمال) تعتبر نفسها ربة منزل ناجحة، تضيف: "ربما اعتبر تجوابي غروراً ولكن أقول لكِ إنه ثقة بالنفس". وتعتبر رقية أن الدراسة هي العائق الأبرز الذي يؤدي إلى ضعف إعداد الفتاة في إدارة المنزل،"إذ تقلل من فرصا لتطبيق وتجعل الأمور مجرد نظريات"، ولكنها أكّدت أنّ "من يهمها الأمر ستجد أوقاتاً للتطبيق، وإن كان على نطاق ضيق".
دروس عملية
أما سارة (كلية الآداب) فتعلّق قائلة: ((حالياً في فترة العزوبية أحاول أن أتهيأ للحياة المقبلة، مثل الاطلاع على مشاكل المتزوجين، وتعلم الطبخ، وأيضاً كيفية تربية الأولاد.. أتعلم لأفهم وأطوِّر نفسي حتى لا أقع في الخطأ الذي وقع فيه غيري... من المؤكد أن على الفتاة أن تتعلم كيف تصبح ربة منزل ناجحة، وللأم دور مهم في عملية التعلّم هذه، وكذلك حضور محاضرات أو دورات في هذا المجال).
دلال زائد!
وتضيف ابتسام (كلية إدارة الأعمال): (الأصل في الفتاة أن تكون ربة منزل ناجحة، ولكنني أبعدُ ما يكون عن هذا الوصف (وتعلّق ضاحكة): أمي دلّلتني زيادة عن اللزوم.. التدبير المنزلي شرط من شروط البيت السعيد ولكنه ليس الوحيد).
الخطبة والتدبير المنزلي
وبالنسبة إلى صفا (كليةالحقوق)؛ فإن ((الفتاة إجمالاً لا تحمل هَم التدبير المنزلي إلا عندما تُخطَب؛ فتصبح مضطرة لأن تتعلم لا مخيّرة، ولا أُنكر أن هناك نماذج من البنات فاشلات لأنهن لم ولا يُرِدن بذل المجهود لتعلم إدارة المنزل، فيتزوجن ويبدأ حقل التجارِب بالزوج المعَتّر)).
المساعدة في المنزل وسيلة للتعلّم
تقول منى المصري(تخصص تغذية): (رغم أني غير متزوجة إلا أن مساعدة والدتي في أعمال المنزل تُعتبر أولوية عندي.. يمكنكِ أن تقولي إنني ربة منزل مقبولة، والأم يجب عليها أن تعلّم بناتها وتربية الأولاد والطبخ وأصول النظافة منذ الصغر، ولا أنكر أن هناك فتيات ما زلن يعتمدن على أمهاتهن بسبب الدراسة، كما أن بعضهن يعشن في بيوت الطالبات ويعتمدن على الوجبات السريعة).
وقفة تاريخية واجتماعية
أما سبب تغيّر مفهوم دور ربة الأسرة» في عصرنا الحاضر في المجتمع بشكل عام، لدى المرأة والرجل على حد سواء، فتعزوه الدكتورة إجلال فهمي (أستاذة علم الاجتماع المتفرغة - كلية الآداب/ جامعة عين شمس- مصر) إلى: ((التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية, إضافة إلى التغيرات الثقافية التي طرأت على الصورة التقليدية للمرأة بعد أن دخلت مجال التعليم والعمل والسياسة، وأصبحت تشارك الرجل في جميع مجالات العمل والكوادر الإدارية العليا))!!
وعن انعكاسات تغير مفهوم دور ربة الأسرة على واقع الفتاة نفسها ثم الأسرة والمجتمع تقول الدكتورة إجلال فهمي:
أولاً: يرى البعض أنه وفقاً لمفهومَيْ الجندرة والتمكين» أصبحت المرأة قوية، كما أصبحت الأم مسيطرة على الأسرة، وتشكّل جبهة ضد الرجل مع أبنائها، ومن هنا بدأت الخلافات الأسرية وازدادت معدَّلات الطلاق في عصرنا الحاضر، خاصة مع بداية الألفية الثالثة، وغزو العولمة الثقافية الغربية بما يهدّد ثقافتنا العربية الإسلامية الأصيلة!!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة