العالم الفلسطيني المهاجر المجاهد العلاّمة الشيخ محمد نمر الخطيب في ذمّة الله
كتب بواسطة خاص: منبر الداعيات
التاريخ:
فى : تراجم وسِيَر
2132 مشاهدة
غيّب الموت عشية يوم عرفة فضيلة الشيخ محمد نمر الخطيب الرفاعي الحسيني بعد عمر مديد تجاوز المئة عام قضاها في الــعلم والتقوى والزهد. هذا الـعالِم الذي جاهد في سبــيل الله وحارب ونافح عن وطنه ضد أطماع اليهود في بلده حيفا حيث بدأ بطلب العلم عند والده الشيخ عبد الفتاح بن محمد سعيد نقيب الأشراف، ثم أتمّ دراسته العليا في الأزهر ومكث فية 12 سنة، وقد أخذ عن شيوخه الكبار أمثال الشيخ محمد بَخِيت المُطيعي مفتي مصر، والشيخ المحدِّث محمد السملّوطي، والشيخ المفسِّر يوسف الدجوي، والعالِم الرباني الرحّالة محمد حبيب الله الشنقيطي.
وهاجر إلى لبنان منذ أواساط الستينيّات واحتضنَتْه بيروت وصار من علمائها وأحبه أهلُها، وكان من إخوانه المقربين في لبنان: الشيخ الدرعوزي والشيخ نديم الجسر.
عاد الشيخ معلّماً ومرشداً إلى حيفا فأنشأ «جمعية الاعتصام» ومدرسة ليلية لطلبة العلم، وكان يخطب في المسجد العمري، فتعرض للاعتقال، ثم اختير وزيراً للدفاع عقب الانتداب. وفي عام 1948 كان له دور كبير في قتال اليهود وكان قد سبق أن أعدّ العُدة لذلك وألهب مشاعر المسلمين وحرّكهم ليهُبّوا دفاعاً عن وطنهم، وسار الناس خلفه إلى أن أصيب في إحدى المعارك ونُقل إلى بيروت للعلاج ثم إلى دمشق أستاذاً في مكتب عنبر، ثم إلى بغداد عام 1951 أستاذاً في جامعتها وخطيباً في جامع عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى، ثم عاد إلى بيروت عام 1963 كما وأسّس فيها «جمعية الرابطة الإسلامية» كما أنشأ «مدرسة الفتح الإسلامية».
مكث في بيروت حتى عام 1975 حين اندلعت الحرب الأهلية الأليمة، فهاجر إلى المدينة المنوّرة، وكان في قلبه دائماً حُرقة على الإسلام وأهله محذِّراً من أعدائه في الداخل ومخاطرهم في الخارج، ومنادياً من على منبره: يا لثارات دير ياسين، يا لثارات النساء اللاتي بُقرت بطونهن... ويا لثارات مئات الأطفال الذين ذُبحوا كالنعاج...!!
كرمه:
عُرف الشيخ وأسرتة الكريمة بالكرم؛ فقَلّ ما يأتي عالِم زائراً للمدينة المنورة إلا ويُتحفه بوليمة عامرة مُلوكية ويدعو إخوانه وأحبابه، والشيء من مَعدِنه لا يُستغرب: كرماً ينبع من ذاته الأصيلة وبيته المفتوح من بعد العصر إلى منتصف الليل لطَلَبة العلم ولزائري مسجد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا ويحتوي بيته على مكتبته الفريدة العامرة بشتى أنواع الفنون في شقة كاملة فتح أبوابها لطلبة العلم. وكان دائمَ الذكر لله والتوجُّه إلى المولى بأخلص الدعاء في مجلسه ومركبه وكلّ أحواله... ويقضي حوائج إخوانه ويشفع لهم؛ حتى ذهب ذات مرة مع أحد تلامذته الصِّغار مسافة (1000) كلم ليشفع له في حاجة له.
تواضعه وأدبه:
وكان الشيخ رحمه الله في غاية التواضع؛ لا يقبل المديح من أحد ويسمِّي نفسه بالعاجز الفقير، ويقول: إنه ليس أهلاً لذلك المديح، وإذا قام أحد بتقبيل يده يتمنَّع أشد التمنُّع ويحمرّ وجهه خجلاً، ويأبى إلاّ أن يودِّع ضيفه إلى باب الدار ويقف منتظراً حتى يغادر صغيراً كان الضيف أم كبيراً.
وفاته:
رحمك الله، أيها العالم الجبل العظيم.توفي رحمه الله ولسانه رطبٌ بذكر الله وبالدعاء والرضا وهو يقول: مرحباً بلقاء الله، طالباً من ابنه البارّ الدكتور أحمد أن يوضِّئه، وعقب ذلك توفي رحمه الله طاهراً مهاجراً محتسباً، وصُلي عليه في الحرم النبوي فجر الأربعاء ثاني أيام عيد الأضحى المبارك ودُفن في بقيع الغرقد بقرب السيدة حليمة السعدية رضي الله عنها.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن