مواجهة المشروع الصفوي بحاجة لاستراتيجية شجاعة وشاملة
لا أسوأ من عدم اتخاذ القرار بالكلية، إلا اتخاذ نصف أو ربع أو ثلث قرار، ولا أسوأ من الافتقاد لاستراتيجية شاملة يُحدد فيها الصديق والعدو والحليف والمحايد من استراتيجية مختلطة رمادية تشكك الكل بالكل وهو ما يُضعف صاحبها أكثر مما يضعف عدوها وخصمها، فيجد الأخير ما ينفذ من خلالها فيعتاش في بقائه وديمومته على أخطاء خصمه وحمقه وقلة حزمه، أكثر مما يعتاش على ضعفه ووهنه.
الاستراتيجية العربية في مواجهة الحلف الصفوي بحاجة إلى ثلاثة أحجار لينصب القدر الذي ستطبخ عليه طبخة مواجهة الصلف والعجرفة والغدر الصفوي المستهدف للأمة وبقائها بدعم غربي وشرقي ناطق وصامت، يتجلى اليوم أكثر مما يتجلى في الشام واليمن والعراق.
أول هذه الأحجار في عملية الطبخ إعلان موقف من الانقلاب المصري بزعامة عبد الفتاح السيسي الذي نجح في التشويش على كل مشاريع مواجهة الصفويين بالعراق والشام واليمن، ولم يُحيّد مصر في الصراع العربي-الصفوي الجاري اليوم فحسب، وإنما انحاز بمصر إلى جانب أعدائها وخصومها الصفويين، كما حصل أيام السادات بانحيازها إلى جانب الصهاينة، وقد استنزف هذا الموقف اليوم الأمة كلها مالياً وشعبياً ونفسياً لصالح أعدائها، وجعل دولاً مثل تركيا تبتعد في مواقفها عن بعض الدول العربية لفترة من الوقت، وما لم يتم تصحيح المسار من خلال الضغط على الانقلاب المصري، وإرغامه على العودة إلى المسار الديمقراطي، لتعود مصر إلى صف العالم العربي والإسلامي، وحربه في مواجهة الصفويين فإن المواجهة ستكون مكلفة جداً وقد لا تكون لصالح خصوم مواجهة الصفويين، وإلا فإن الخيار الآخر هو بعزل الانقلاب وتعريته وهو ما سيضعه في موقف شعبي داخلي أصعب مما هو فيه، وهو ما لا يقوى عليه.
الأسوأ من ذلك أن تجد بعض الدول العربية أو الإسلامية المنادية بالتصدي للمشروع الصفوي بينما هي تلعب تحت الطاولة إما بمغازلته أو بدعم الانقلاب المصري الذي هو في الحقيقة والواقع مدماك من مداميك المشروع الصفوي والروسي الداعم والرافد له، ولا يستقيم أبداً أن تواجه الصفويين وفي عُبّك ثعابين صفوية.
ثاني هذه الأحجار في عملية نصب القدر على نيران المواجهة مع الصفويين هي تزويد الثوار في الشام بالأسلحة النوعية والصواريخ المضادة للطائرات وهي الكفيلة بخلط كل أوراق المشروعين الروسي والصفوي، وبالتالي فإن ريح المعركة بالشام ستتجه ضد هذا المشروع الخطير ليس فيها فحسب وإنما ستتعدى تأثيرات اتجاهها إلى العراق ولبنان، وهنا لا بد من التنسيق مع حركة المقاومة الإسلامية حماس لحسم خياراتها أكثر مما هي محسومة، مع توفير البدائل الدائمة لها دعماً مالياً وسياسياً وعسكرياً في مواجهة المشروع الصهيوني الذي هو في جوهره وحقيقته رافد وداعم للمشروع الصفوي.
ثالث هذه الأحجار وهي الأخيرة هي في توفير دعم حقيقي وجوهري وعدم الخجل من إعلان شراكة حقيقية مع التجمع اليمني للإصلاح من أجل الإنكاء بالعدو الحوثي والصفوي في اليمن، فالتساهل مع شركاء متشاكسين يضعون شروطاً على هذه الشراكة ليس من المنطق ولا من العقل، فالسكين الصفوية على رقاب الجميع ولا بد من تضافر الجهود كلها من أجل إلحاق الهزيمة به وإلا فإن العاقبة قد تكون وخيمة على الجميع.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة