دكتوراه لغة عربية ودراسات إسلامية | لبنان
رسوب الكبار
~~عندما اتخذ التعليم صفة المرحلية والتراتبية، صار هناك امتحان آخِر العام يُصنف فيه الطلاب؛ بين ناجح يُرفّع إلى صفٍّ أعلى، وراسب يعيد صفّه... والراسب تلميذ يقضي عاماً دراسياً كاملاً في تلقّي معلومات كان تلقاها العام الماضي، ولكن لم يُوفّق في هضمها واستيعابها وحفظها، فكان لا بد من أن يعيد السنة لتكون إعادته مساعدةً له في تجاوزه الامتحان بنجاح....
الجميع يفر من الرسوب...
الجميع يستحي من ذكر رسوبه لو رسب..
لكن عام الراسب لا يخلو من فوائد...
ألا يتضمن إعادة للمعلومات، واستعادة للدروس؟
ألم تكن إعادة المعلومات سبيلاً لحفظها عند كبار العلماء؟
ألم يقل يحيى بن معين: ما عرفنا الحديث حتى كتبناه خمسين مرة ؟
رسوب التلاميذ مزعج مع أنه لا يخلو من فائدة.... ولكن الأكثر إزعاجاً والأشد إيلاماً هو رسوب الكبار...
إن كل إنسان يكبر في عمره؛ ولا يكبر في علمه ومعرفته؛ هو راسب....
كل إنسان لا يرافق ابيضاضَ شعرِه وتقدّمَ عمرِه فقهٌ في الحياة وخبرة في طرق النجاح الحياتي؛ هو راسب....
ولئن كان الآباء يرفضون رسوب أبنائهم ولو سَنَة واحدة، مع أنهم في خلال السنة يقرؤون ويتعلمون، فإن هؤلاء الآباء والأمهات يرسبون سنين مديدة، وعقوداً عديدة، حين لا يصاحب تقدّمَهم في العمر
علم ومعرفة.....
الشاعر قديماً عبّر عن هذا المعنى، فقال:
إذا مــــــرّ بي يوم ولــــم أتخـــــذ يــــــداً
ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري
الزمان يأخذ من الإنسان أغلى ما عنده وهو الحياة... فكيف لا يأخذ الإنسان من الزمن أنفس ما يعطي وهو العلم والقراءة....
كم هو مزعج!! أن تقابل إنساناً ابن ثلاثين عاماً، ثم تقابله بعد عشر سنوات، فتجده ـ هو هو ـ لم يتغير فيه شيء؟!... لقد رسب صاحبنا عشر سنوات متتالية..... ما أصعب هذا المنظر!!!!!!!!
وإذا كان مَن استوى يوماه فهو مغبون.... فما حال من دفع من عمره ودنا من قبره دون أية فائدة....
ألم يقولوا:
من لم يكن في ازدياد ، فهو في نقصان...
أغلبُ الجيل اليوم هو نتاج جيلٍ أغلبه راسب ....
غرس هذا المعنى في هذا الجيل، يجعل الجيل القادم أرقى وأنقى ......
دكتوراه لغة عربية ودراسات إسلامية | لبنان
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن