حاصلة على شهادة ليسانس في الدراسات الإسلامية - لبنان
من هو (غامبول)
كنت جالسة على كرسيي المفضل في غرفة الجلوس ذات غروب ... وابنة أختي وهي في الخامسة من عمرها تلعب في رحاب الغرفة ... وجدتها تمسك بقطعة نقود في يدها ثم ترميها في كرسيّ أختها الصغيرة وهي تتمتم بأمر لم أعرفه تحب أن يتحقق!!!
استوقفني تصرفها وسألتها والذهول لا يفارقني: لماذا يا خالتي رميت قطعة النقود وبم تمتمت؟
فأجابتني ببراءتها ومحبتها وصراحتها المعهودة: لقد تمنيت أمنية أريدها أن تتحقق!!!
فقلت لها: يا خالتي وهل بهذه الطريقة التي قمت بها تتحقق أمنياتنا؟!
فقالت لي: نعم.
فقلت لها: لا يا خالتي.. إذا كان عندنا أمنية فإننا ندعو الله تبارك وتعالى بتلك الأمنية ونطلب منه تحقيقها وهو يحققها لنا لأنه على كل شئ قدير.
فأجابتني: ما تقولينه ليس صحيحا يا خالتي.
فقلت لها: ولماذا يا خالتي؟
فقالت لي: لأن (غامبول) علمني أن الأمنيات تتحقق عندما أفعل الطريقة هذه التي فعلتها!!
فقلت في نفسي: (غامبول)؟؟ ومن يكون (غامبول) هذا؟!! ليس في مدرستها أساتذة ذكور! وليس عندها أصدقاء صبيان؟! ومن أين لابنة أختي أن تعرف شخصاً بهذا الاسم الغريب؟؟!!
فسألتها: ومن هو (غامبول) يا خالتي؟
فقالت لي: هو من أشاهده على التلفاز على القناة الفضائية الفلانية .. وأنا أحبه كثيرا...
فقلت لها: هلّا أخبرتني يا خالتي بموعد (غامبول) لأشاهده معك؟
فقالت لي وهي تكاد تطير من فرحتها: نعم نعم ... سوف تحبينه كثيرا يا خالتي كما تحبين السنافر ...
فأنا أحب مسلسل السنافر الكرتوني منذ طفولتي .. وعندما بدأت قنوات الأطفال تعرضه كنت أطلب من ابنة أختي إخباري ببدء الحلقات لأشاهده معها ... فلا زلت أشعر بسعادة كبيرة عندما أشاهده ...
وبما أنني قد أنجزت بحثاً تمهيديا للماجستير عن الرسوم المتحركة وأثرها على الطفل ضمنته تحليل مضامين الأفلام الكرتونية وأثر كل مشهد على الطفل .. قررت أن أتابع مع ابنة أختي حلقات (غامبول) وغيرها من المسلسلات الكرتونية .. وأن أقوم بتحليل مضامينها والوقوف على آثارها السلبية وتقديم اقتراحات حلول لكيفية تفاديها قبل وقوعها وعلاجها إن وقعت ..
من هو (غامبول)؟
(غامبول) شخصية كرتونية لا يشبه في شكله أي إنسان أو حيوان .. شخصية مركبة بطريقة جديدة !!
المسلسل في كل حلقاته يعمل وبشكل ممنهج ودقيق على تدمير قيمة وخلق معين عند الطفل ...
ففي حلقة مثلا يكون التركيز فيها على أن غامبول يتجرد من ملابسه بشكل كامل ولأكثر من مرة ليوصل فكرة أن التجرد من الملابس أمام الناس ليس عيبا ... وفي حلقة أخرى يعلم الطفل أن الأمنيات تتحقق عن طريق رمي قطعة نقود أو مرور نجم في السماء ...
وفي كل الحلقات يعلّم غامبول الأطفال عدم الاستماع لكلام الآباء ولا الأمهات لأنهم ليسوا على حق في شئ ويثبت للطفل أن الأم والأب لا يكونوا على حق في ما يقولونه ... ويعلم الطفل عدم احترام الأب والأم وكراهية العمة والحقد على المعلمة ...
فهو مسلسل يهدم سلم القيم والاخلاق والدين والترابط الاجتماعي عند الطفل بأسلوب فكاهي ومقنع للطفل ويتناسب مع طريقة تفكير الطفل في المواقف وتفاعله معها ...
" يُنصح بوجود الأهل " ..
نعم ... لأنه بتواجد الأهل مع الطفل خلال مشاهدتهم أي مسلسل كرتوني ومناقشة الطفل في كل موقف يراه هل هذا السلوك سليم أم لا؟ .. سوف تتحول البرامج " الهدامة" إلى برامج "خدّامة" تخدمنا حين تقدم لنا مادة لمناقشة أطفالنا وتعليمهم الصواب من الخطأ... وعدم استغراقهم عاطفيا إلى حد التماهي مع الشخصية التي يشاهدونها .. فلمسة يدنا التي سوف تحتضن الطفل خلال المشاهدة مع الكلام معه عما يشاهده لن تجعله مستسلما لما يراه متأثرا إلى حد التماهي .. بل سوف تصنع وعيه بشكل كبير ...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة