أحرار الشام.. بين عزل خالد بن الوليد وعزل أبي صالح الطحان
أثبتت حركة أحرار الشام قوة وصلابة ومؤسساتية تعجز عنها دول عريقة، فالحركة التي تعرضت لمؤامرة رهيبة حيكت من أجل التخلص من أكثر من أربعين من قيادتها معظمهم من الصف الأول وبعضهم من الصف الثاني قبل سنتين، خرجت كطائر الفينيق من بين رماد هذه المؤامرة الرهيبة أشد قوة وصلابة وشكيمة، وأكثر مؤسساتية وتم انتخاب أمير جديد لها، وسارعت إلى فتح جبهات جديدة وحررت مدنا وبلدات لم تحرر من قبل، ولأول مرة يُنتخب أمير آخر للحركة ويرجع الأمير الحالي إلى مصاف القيادات العسكرية العادية وهو الأخ أبو جابر، دون انشقاق أو خلاف أو نزاع أو تذمر، وهو ما قدم صورة رائعة للثورة السورية على أنها ثورة حرية وثورة انتخاب ومؤسساتية، وأن الكل سواسية أمام الشرع والعدل والانصاف.
مرّت فترة لا بأس بها والحركة تقدم أصدق المواقف، وأقوى المشاركات العسكرية والوضوح السياسي فرفضت بذكاء التفاوض مع العصابة الطائفية المجرمة لأن سقف التفاوض لم يلب طموحات الشعب السوري كما أعلنت، وظلت على الواقع تتحرك عسكريًا مع جبهة النصرة ضمن جيش الفتح، ولم تأبه لكل ما يمكن أن تتعرض له من مضايقات دولية وانتقادات من بعض الجهات التي لم تر أبعد من أرنبة أنفها، فالأحرار يدركون تمامًا أن المؤامرة الحقيقية على الثورة السورية هي بفك الارتباط بينها وبين النصرة وحينها سترى معاقل الثورة قد تتهاوى أمام الطائفيين والمحتلين الروس والإيرانيين، ولذا عارضت هذا التوجه بقوة، وظلت تقاتل في جيش فتح واحد، وهو الجيش الذي مكن الثورة من تحرير إدلب وجسر الشغور ووادي الضيف والحامدية وابو الضهور، ومعارك حلب الشهيرة أخيرًا.
اليوم مناسبة العنوان هو عزل أو استقالة أبي صالح الطحان لا فرق، فقد أثبت هذا المسؤول العسكري أنه كان ولا يزال يقاتل ويجاهد من أجل الله ومن أجل الانتصار لثورة المظلومين، وليس من أجل منصب، فكانت مشاركته صبيحة عزله أو تنحيه من منصبه في معارك حلب الشهيرة صفعة لكل من أراد أن يثير فتن داخل الأحرار، وجدد أبو صالح أمثولة جده خالد بن الوليد رضي الله عنه يوم عزله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليعتذر لاحقًا عن قراره بقوله: "رحم الله أبا بكر كان أعلم مني بالرجال".
اليوم يؤكد أبو صالح الطحان مجددًا أن تاريخنا ليس ماضيًا رحل، فيعزُّ تكراره، اليوم يؤكد أبو صالح الطحان "خطاب سوريا" كما يُطلق عليه أن أهل الشام تاريخ مجيد وضاء يمشي على الأرض، ولعل في هذا درسا للعالم المجرم المتآمر الذي يرفض أن يقايض شعبا بطاغية، فيصر على بقائه، ولكنه بالمقابل درس لكل الحركات الإسلامية من أن المؤسساتية أهم من الأشخاص، ولا زلت أتذكر ممارسة زعيم حركة طالبان أفغانستان الملا محمد عمر حين يكثر من عزل الأمراء والقادة ليكون التعلق بالهدف والمؤسساتية وليس بالأشخاص كما يكرر، رحم الله خالد، ورحم الله أبا بكر وعمر، وشكرا أبا صالح الطحان الذي كان وسمًا رائجًا على التويتر، فقد أكدت المؤكد لنا أن التاريخ ليس ماضيًا وإنما حاضر نعيشه ونحياه في شام الرسول عليه السلام..
المصدر : ترك برس
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة