عدنا... والعَوْد أحمدُ!
تجمعاتنا الدراسية من أكثر ما نبني من خلالها علاقاتنا الاجتماعية; ففيها نلتقي صديقاتنا ومعلماتنا وأساتذتنا... وهي أماكن تحمل في طياتها الكثير من الضغوطات الدراسية والإرهاق الجسدي، لذا فكثيراً ما نختلف مع أناس فيها، وقد نحمل - مع الأسف - تجاه بعضهم شيئاً من المشاعر السلبية، فخير ما نبدأ به عامنا الجديد هو المسامحة، فلا نحمل في قلوبنا غِلاًّ لأحد، ولا نُطلق لأذهاننا العنان حتى تصوّر لنا أفعالَ كل من حولنا على أنها مقصودة متعمَّدة تهدف لإزعاجنا، وَلْنُنَقِّ قلوبنا ولْنُصَفِّها من كدر الحقد والكراهية، ونُرِح بالنا بإصدار عفو عام عن كل من أخطأ بحقِّنا أو أساء لنا في عامنا الفائت، ونفتح صفحة جديدة ملؤها المحبة والاحترام المتبادلَيْن.. ولا ننس أنّ مَن يغفر يُغفر له، ومن يعفُ عن الآخرين يكرمه المولى بإذن الله بالعفو عنه بالآخرة.
سألتني زميلتي: هذا فيما يخص علاقتي بالناس، فكيف أفعّل علاقتي مع رب العالمين مع بداية العام الدراسي؟!
أختي.. من الجميل جداً أن تنوي في عامك الجديد نية المسارعة في طريقك نحو المولى.. ما رأيك أن تُخلصي نيتك في دراستك وتجدِّديها بحيث لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى؟! قولي لنفسك وأَشبعي روحك واعتقادك بهذه الكلمات: أنا أدرس لله، لأنه أمرني بالعلم، وأوصاني بخلافة الأرض وإعمارها... وثقي أنّ المولى سيُعينك على الدراسة وييسِّرها لك أكثر..
ما رأيك أيضاً أن تعاهدي الله في عامك الجديد أن تحرصي على حشمة لباسك في دوامك الدراسي أكثر من ذي قبل؟! ما رأيك أن تعاهديه سبحانه على مراقبة كلماتك مع صديقاتك أكثر من العام الفائت، وأن تحرصي على اجتناب الغيبة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً؟! دعينا نعاهد الرحمن على ذلك الآن، ونسأله التوفيق والعون.
أضافت قائلة: ماذا عن نفسي ودراستي؟!
كنت قبل مدة في دورة تُعنى بالتنمية البشرية، وحينما بدأ المدرب بالحديث إلينا وإلقاء ما لديه على مسامعنا فوجئنا بصِغَر سنّه، إلا أن كلامه كان كفيلاً بإنصاتنا له مسحورين بعظيم ما يعطينا من أفكار ومعلومات غير آبهين لصِغر سنه، لم يلبث طويلاً حتى أخبرنا أن عمره لم يتجاوز الثماني عشرة سنة بعد! بل ليس هذا فحسب، أخبرنا في حينها أيضاً أنه يرأس مركزاً عالمياً للتنمية البشرية!! بدأتْ مباشرة علامات الاستفهام تظهر على ملامح كل مَن في القاعة، فاستطرد قائلاً: مذ كنت في الخامسة من عمري وأنا أسمع عن مجال التنمية البشرية، وبقيت على هذه الحال حتى أصبحت في الثامنة من عمري، حينها أدركت جيداً أنني أعشق هذا المجال وأحلم أن أعمل مدرباً فيه، فانطلقتُ أبحث عن الدورات التي تختص به وآخذها واحدة واحدة إلى أن أصبحتُ مدرِّباً محترفاً، فسُلّمت رئاسة ذلك المركز العالمي!
إذاً، حدِّدي أهدافك تنجحي!
بالتأكيد بإذن الله. حين حدد ذلك الشاب هدفه مبكراً وبذل له من ماله ووقته وجهده استطاع أن يحقِّقه مبكراً، وفي السنة الثامنة عشرة من عمره فقط!
حددي هدفك.. عيشي من أجله.. وانطلقي لتحقيقه بكل ما أوتيتِ من عزم. إنك - عزيزتي - إن درست دون هدف حقيقي تطمحين له فلن تجدي في نفسك تلك الدافعية العالية والرغبة الجامحة في الدراسة، تلك التي ستجدينها حين تحملين هدفاً حقيقياً تحلمين به وتطمحين إليه. عيشي الدراسة على أنها وسيلة لا غاية، إنها فعلاً كذلك، وسيلة تصلين بها إلى غايتك الحقيقية وتحقِّقين من خلالها ما تَصْبين إليه بإذن المولى الكريم.
لا تنسَيْ..
إنّ أهم ما يجب عليك فعله حتى تستطيعي تحصيل أفضل الدرجات التي تساعدك على تحقيق حلمك هو: الإدارة الجيِّدة للوقت؛ عليك أن تنظمي وقتك وتستغلّيه خير استغلال، ولا يكون ذلك إلا بكتابتك لخطة واضحة ليومك تحدِّدين فيها أوقات الدراسة بالساعة بِدقّة، والأهم من هذا أن تلتزمي تماماً بتلك الخطة!
قد تسألين: ماذا يمكنني أن أفعل غير الدراسة؟!
ليكن لديك أهداف جانبية أخرى، ضَعي لنفسك مثلاً ثلاثة أهداف على الأقل تحققينها خلال العام: أريد أن أقرأ ثمانية كتب في هذا العام وأن أحفظ جزأين من القرآن الكريم، أريد أن أُتقن اللغة الإنجليزية جيداً، أو أن آخذ دورة في فن التواصل الاجتماعي... وما إلى ذلك من أهداف ترغبين في تحقيقها بعون الله.
ختاماً:
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً
أسأل الله أن يعيننا وإياكن أخواتي على عامنا الجديد ويرزقنا الهمة والإخلاص والهداية.
ننتظركن على صفحتنا على الفيس بوك:
www.facebook.com/mdaeyat
فحياكن الله ..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن